&
مجدي وعدو : يعقد المسؤولون السعوديون الآمال على أن السياحة ستؤثر ايجاباً وفي صورة تكفل احتواء الاثار السالبة التي يمكن أن يتركها تراجع اسعار النفط على مسيرة التنمية.
وكانت هذه المسألة موضوع ورقة عمل قدمتها الغرفة التجارية الصناعية في جدة الى اللقاء السنوي الرابع لجمعية الاقتصاد السعودية, أخيراً, حول واقع السياحة والاستثمار في السعودية وآفاقهما. ورأت الورقة أن الآثار المتوقعة لصناعة السياحة والسفر تتمثل, على الصعيد الداخلي, في تشكيلها مصدراً متجدداً يمكنه الاسهام في صورة فاعلة في تنويع هيكل الاقتصاد ومصادر الدخل الوطني, اضافة إلى الاسهام في استقطاب المواطنين إلى أنشطة السياحة الداخلية مايقلل من تسرب الدخل الوطني إلى الخارج.
كما رأت أن الاستثمار الامثل للمقومات السياحية غير المستغلة سيؤدي إلى تحقيق فائض يدعم الاقتصاد الوطني. ومن شأن اسهام السياحة في تنمية المناطق الريفية والصحراوية ورفع مستوى معيشة سكانها أن يقلل حدة الهجرة إلى المدن الكبرى علاوة على كون السياحة احد اهم مصادر التوظيف على المستوى المحلي. وأشارت الورقة الى ان تطوير القطاع السياحي سيحدث نمواً وتطوراً متزامنين في المرافق الاساسية, ويوسع حجم الفرص الاستثمارية المتاحة لقطاعات مختلفة كقطاع المقاولات وقطاع الصناعة والخدمات المتصلة بالسياحة.
وذكرت الدراسة ان السعودية تتميز بمقومات سياحية فريدة مثل وجود اثار تاريخية اسلامية غير متاحة في اي مكان اخر في العالم, ولديها البنية الاساسية المتطورة من طرق وشبكات اتصال وموارد مياه وخدمات طاقة وغيرها من الخدمات الضرورية لخدمة القطاع السياحي, فضلاً عن التنوع السياحي في خدمات الايواء السياحي والخدمات الترفيهية والموارد الحضارية ووجود هياكل وخدمات مالية متطورة وتميز مناطق في السعودية مثل جدة والمنطقة الشرقية من السعودية والطائف وعسير والباحة وجازان بتوافر انماط سياحية متعددة مثل السياحة البحرية والجبلية والرملية والصحية والثقافية والبيئية اضافة إلى توافر الامن والاستقرار.
واستندت الورقة في تأكيدها على وجود طلب فعال على خدمات السياحة في السعودية إلى جملة من مؤشرات ابرزها النمو السريع في عدد السكان والذي وصل حسب الاحصاءات الى 22 مليون نسمة (تعداد 2000) اي بمعدل نمو يراوح بين 3.5 وأربعة في المئة سنوياً, وهو من اعلى معدلات النمو السكاني في العالم. يضاف الى ذلك ارتفاع الطلب على الخدمات السياحية نتيجة زيادة فئات السن الشابة في المجتمع السعودي, اذ تقدر نسبة الذين تقل أعمارهم عن 20 سنة بنحو 53 في المئة من اجمالي عدد السكان السعوديين, ما يؤدي إلى زيادة الطلب على الخدمات السياحية والترويحية.
كما ان انتقال الكثير من السعوديين من مرحلة تأمين الحاجات الضرورية الى مستوى مرتفع من الرفاهية الاجتماعية, هو أحد الأسباب وراء حفز الطلب اذ يقدر متوسط الدخل الفردي بنحو 28 الف ريال (نحو سبعة آلاف دولار) وهو من معدلات الدخل الفردية المرتفعة نسبياً في العالم, يضاف الى ذلك تمتع المواطن السعودي بالحرية الكاملة في التنقل ما يؤدي إلى تنشيط الطلب على السياحة والترويح.
ورأت الدراسة ان هناك طلباً ضخماً لزيارة الحجاج والمعتمرين سيتنامى خلال السنوات القليلة المقبلة, بعد القرارات المنظمة لنظام العمرة الجديد.
وقدّرت العائدات المباشرة للسياحة الداخلية خلال عام 2000 بنحو 18 بليون ريال (4.8 بليون دولار). وتدل الارقام على ان انفاق السعوديين على السياحة الداخلية ما زال أقل بكثير من انفاقهم على السياحة الخارجية, والمقدرة حسب احصاءات عام 2000, بنحو 54 بليون ريال (14.4 بليون دولار).
وقالت إن عدد السياح الدوليين الذين زاروا السعودية ارتفع من نحو 2.6 مليون سائح عام 1992 الى نحو 4.2 مليون سائح في سنة 1999, وبمعدل نمو يناهز 10.5 في المئة في المتوسط سنوياً.
وزاد انفاق السياح الدوليين على السياحة في السعودية خلال الفترة نفسها من نحو 3.8 بليون ريال الى نحو 6.1 بليون ريال, بمعدل نمو قدره 8.5 في المئة سنوياً, في الوقت الذي بلغ نصيب السعودية من اجمالي السياح الدوليين على المستوى العالمي واحداً في المئة ومع ذلك يعتبر هذا المعدل الاعلى في منطقة الشرق الاوسط. وأشارت الورقة الى ان السعوديين قاموا بما يزيد عن 4.4 مليون رحلة سياحية إلى خارج السعودية خلال العام 2000 وناهز متوسط انفاقهم 135 دولاراً في الليلة اي ان انفاقهم على السياحة الخارجية تجاوز 14 بليون دولار, الامر الذي يوضح وجود عجز في ميزان المدفوعات السياحية للسعودية يقدر بنحو 12.6 بليون دولار. ويشكل العجز في ميزان المدفوعات السياحية 52 في المئة من اجمالي العجز في ميزان الخدمات والتحويلات في السعودية.
وعزت الدراسة العوامل المسببة للفجوة بين السياحة الخارجية والداخلية الى عدم الاستفادة المثلى من السياحة الدينية التي تشكل بالنسبة إلى السعودية الميزة الوحيدة الاكثر تنافسية لتقليص الفجوة الناشئة عن تنامي ميل السعوديين نحو السياحة في الخارج. وقالت ان عدد الحجاج والمعتمرين لم يتجاوز نحو 4.8 مليون حاج ومعتمر قبل ثلاثة اعوام في الوقت الذي تملك فيه السعودية مقومات سياحية دينية ما يمكنها من استيعيب أضعاف هذا العدد سنوياً الامر الذي يمكن ارجاعه في جزء كبير منه الى تفضيل المسؤولين اعتبارات الأمن والنظام على تنمية السياحة. (الحياة اللندنية)
التعليقات