صدر عن منشورات الجمل
"أعراب تحت سماء غريبة" للشاعر فاضل العزاوي

&

ان كنتَ حواريا، منقوشاً اسمه في لوح الشهداء
فأنا الأسدُ الفاتك أربض قدامك في الحلبة
إحلمْ ما شئتَ بجناتِ الفردوس
فيما أنا أنهشُ أوصالك حتى العظم
آه، لا تلعني أنت العارفُ أنا نحن الاثنين
سنؤدي واجبنا المكتوبَ علينا في هذا العالم
متحدين
فاصعدْ فرحاً منتصراً نحو سماء الخُلد
فيما نحن أسودَ الغابة
سنظل نزمجرُ فوق الأرض هنا
نفترسُ القديسين.

بعد كل ما منيت به من خسائر فادحة
وجروح دامية
في حروب حياتي الماضية
فكرت كم أنا معرض للعطب
لذلك جلست أتأمل ما يمكن أن أفعله بنفسي
لأرمم خرائب روحي.

اعتقد انني أحتاج الى أن أستبدل أعضاء جسدي
قطعة قطعة
بعضها على الأقل
مهما كلف ذلك من ثمن
لأكون جديرا بأيامي السعيدة القادمة

اعتقد انني أحتاج الى:
مضخة جديدة داخل غلافها لقلبي المضنى
لأحب ما شئت من النساء
رئة مغسولة جيدا من القطران والنيكوتين
وبقايا الغازات السامة
لأشم رائحة الشوارع بعد المطر
أعصاب من الحديد
لأكون قادرا على تلقي صدمات القدر
ودورة دموية زاخرة بالكريات الحمراء والبيضاء
لأتبرع بالقليل منها
لضحايا الحروب القادمة.

أحتاج الى:
معدة مدربة تهضم حتى الحجر
أسنان قاطعة أعض بها البرابرة المنحدرين من الجبال
صدر واسع لأكون رؤوفا بالاصدقاء الخائنين
أطراف طويلة للفوز في المسابقات الأولمبية
وشفاه رقيقة للقبلات.

ماذا يهم ان كنت أصلع بعد ذلك؟
شعري القليل
ستمشطه الريح الى الوراء.

الكبد والطحال
سأتركهما على حالهما
اذ لا يزال فيهما بقية من رمق
-عليّ أن أقتصد في نفقاتي قليلا-
ورأسي سيدبر حاله بنفسه كالعادة
ما دام فيه كل هذا الدماغ.

المهم أن أبدو كما تقتضي الحال
وأن أشبه نفسي ولو من بعيد.

ما همك
من الدنيا ودولابها الدائر
ما دمت تعرف أن ماء جدولك المتدفق
سوف يملأ البحيرة كلها!

إمض بي، إمض
خرجك طافح بالذهب والفضة
وأنت تبحث عن عشبة تعلفها
ما أبخلك يا حماري!

&

&

بعدما نجى الله نوحاً من الطوفان
أمره أن يزرع الكرمَ في حقوله،
مذّاك والبشرُ يسكرون ويعربدون
حتى امتلأت الأرضُ فسادا وفجورا.

أيها الله اذا أردت أن تُغرق العالمَ ثانية
إجعلني نوحَك الجديد!

&

دعنا نذهب يا T.S.Eliot، نحن الاثنين
حيث يحك الليل الاسود ظهره بأظافره الطويلة
سائرين في ضباب شوارع مقفرة تأخذنا الى الماضي
صاعدة بنا حتى نبع الزمان القادم
كشعراء يجلسون في مأتم
قبل أن نعود الى بيتنا المظلم
لنستقبل ضيوفا نسوا ان يأتوا الى وليمتنا البائرة:
سقراط جرع السم وحيدا ليعلمنا الحكمة
والمتنبي الشاعر خر صريعا في الصحراء
فالتهمته الذئاب الكاسرة
تاركا لنا مجده الأعمى
ماركس أجر بيته الزجاجي للملائكة في لندن
فقضينا أيامنا في فنادق رخيصة تضج بالعاهرات
في Ealing Broadway
منشغلين بالذهب الذي صار ترابا في أيدينا
وأنا الاخر قدت أيضا بطل روايتي س ذات مرة الى بغداد
ليشنق نفسه علنا تحت شجرة لبلاب
يائسا من العالم كله مثلنا جميعا
بعد أن هجره سكانه وهربوا الى الكواكب الاخرى
بأطباقهم الطائرة التي أعدوها ليوم القيامة.

دعنا نذهب يا T.S.Eliot متنكرين الى الحفلة
كقراصنة غرقت سفينتهم في البحر
دعنا نسهر حتى اخر هذي الليلة.

النساء البورجوازيات يسرحن ويمرحن هناك في الصالة
متحدثات مع عشاقهن عن الأصالة.

ماذا يهمك ان سمعت الحوريات يغنين على الصخرة؟
فهن لن يغنين لك او لي بالتأكيد.

دعنا نجلس نحن الاثنين
في هذا الليل النائم مثل مريض بالافيون
نتعقب ماضينا مغتبطين
في الطرقات على الاقدام
قاصدين رجالا يتكئون على بعضهم من الضجر
فيما العصفور الأبله الضائع
يزقزق على الغصن المكسور
في الشجرة المنسية.

أنت تعرف أنا قد أعدنا للزمان هداياه الرخيصة
وجلسنا وحيدين هنا في الغابة
رائين الفكرة تنمو في مملكة الظل
والزمان النائم يتحد بالزمان العابر
خشية النسيان
حتى سمعنا الكلمة تنطق أخيرا
والصوت البشري يرتفع ثانية من أجلنا.

منفانا بعيد وعميق كالنهر
لكنا لن نغرق أبدا
واثقين من أن كل شيء سيؤول في النهاية الى الخير
والوردة وحدها ستكون الربيع كله
متحدة بالنار.

&

منشورات الجمل
Al-Kamel Verlag
Postfach 210149
50527& Koln
Germany
Tel: + 49 221736982
Fax: + 49 221 7326763
[email protected]

&