خلال أيام قليلة قادمة ستبدأ حركة السفر للسياحة الصيفية السنوية ، التي يقوم بها المقتدر مالياً وغير المقتدر كذلك ، باعتبار توافر كل التسهيلات من البنوك إضافة إلى تسهيلات مكاتب السفر .. وليس في السفر من أجل السياحة والترويح عن النفس أي شيء ، ولكن لأن الظروف قد تغيرت بشكل كبير بعد انفجارات نيويورك وواشنطن التي بنى العالم كله تقريباً أموره وعلاقاته وشؤونه على تداعياتها وتبعاتها ونتائجها .. ولكن ما علاقة السفر الآن بتلك الانفجارات ؟ طبعاً لا أقصد أي مشاكل يمكن أن تحدث لوسائل النقل كالطائرات ، ولا أريد أن أربط ذلك بتلك الأحداث ، ولكن هناك علاقة وطيدة الآن بينها وبين المضايقات الموجهة للعرب والمسلمين وعلى وجه أخص أهل الخليج . كيف ؟
منذ سبتمبر الماضي والإجراءات الأمنية والاحتياطات المتخذة في أوروبا وأميركا شديدة وقاسية ، لا سيما تجاه العرب والمسلمين . فالمضايقات والاشتباهات تظل تلاحق العربي والخليجي بشكل خاص بمجرد أن تطأ قدماه أرض المطار ، بل يكون ضمن دائرة المراقبة منذ أن يحصل على تأشيرة دخول أي بلد أوروبي أو أي ولاية أميركية . قد تسير الأمور طبيعية في المطار وحتى الخروج منه ، لكن لا أحد يضمن ما يمكن أن يقع بعد ذلك .
القصد من هذا أن المسافر إلى تلك الديار هذا العام بقصد الترويح والسياحة سيكون مخطئاً جداً ، لأنه معرض لكل شيء ولكل الاحتمالات ، سواء من القبض عليه لأدنى اشتباه فيه أو لمضايقات من بعض السكان المحليين المتهورين المتطرفين ، أو غيرها من أمور ، وخصوصاً أن الجو العام في أوروبا وأميركا قد قام الإعلام هناك بدوره في التحريض وبث روح الكراهية ضد كل ما هو عربي ومسلم ، فليس بمستغرب والحال هكذا ، إن قام أحد من المتهورين هناك بالتعرض للسياح العرب.
أخلص في القول بأنه إن كان ولابد من السفر للمعتادين عليه ، أن تكون وجهتهم هذا العام الدول العربية ، بالرغم من أي قصور قد يكون في هذه الدول ، إلا أنها ستظل في النهاية دولا عربية مسلمة ، لا يشعر السائح فيها بغربة . كما أنها فرصة لتفعيل حركة المقاطعة وحتى يشعر الأميركان والأوروبيون بالتأثير السلبي لروح الكراهية التي يوجهونها ضد العرب والمسلمين ليل نهار .
إن ملايين الدولارات التي يصرفها العرب في الصيف بأوروبا وأميركا حين تقل هذا العام بإذن الله وتتوجه إلى بلاد عربية أو إسلامية ، سيدفع الغرب مرة أخرى إلى التفكير الجدي في العلاقة بينهم وبيننا ، وسيدفعهم كذلك إلى إعادة الأمور إلى جادة الصواب مرة أخرى ، ويقف في وجه أعداء التواصل بين الحضارات وبين الأديان والمحرضين على الحروب والكراهية بين الشعوب ، أمثال هنتينغتون ومن على شاكلته من& (المجرمين المتعلمين المتنورين) .. فهل نرى تغييراً في وجهة السواح العرب هذا العام يقومون فيه بتفعيل حركة مقاطعة الغرب حتى في السياحة ؟ أرجو ذلك بل أدعو إليها بشدة .. (الوطن العمانية)
التعليقات