&
كتبت هالة حمصي: تمنى بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع "ان تكون امور كثيرة في لبنان مختلفة عما هي اليوم". واذ آثر عدم تحديد هذه الامور "لئلا اكون مثل شخص فهمان يخاطب آخرين غير فهمانين"، آمل في "ان يعمل الفهمانون كل ما هو صالح للبنان، لأن ليس كل ما يحصل يخدم مصلحته. ومن ثمارهم تعرفونهم".
ورأى "ان الكنيسة تحتاج الى تجديد، لأنها بشر وليست الله، والمسيح هو الذي عملها ونريد ان تكون كما فعلها، وليس كما فعلتها الايام والعادات والسياسات والامبراطوريات"،مشيرا "الى ان الصفعة التي تلقاها اخيرا المطران غريغوار حداد بسبب آرائه اللاهوتية "لم تكن تجوز، ولا احد موكل تلقين المطران ما يقوله".
مجددا، حل البطريرك اغناطيوس الرابع ضيفا على لبنان بضعة ايام. ومن مقره الصيفي في دير مار الياس شويا، اطل على ساحله وشواطئه وتلاله، و"الطقس هنا جميل جدا" على قوله "والضيوف كثر"... والاحاديث متنوعة، وشارك فيها "النهار". مجلس كنائس الشرق الاوسط، انطلاقة جديدة للكنائس، اصلاح طريق المحبة، الادارة الذاتية لابرشية اميركا الشمالية مواضيع غاص فيها.
وظلت فلسطين والقدس في القلب والبال، وفي رأيه "ان الولايات المتحدة ليست راعية السلام وهمها اسرائيل وحدها... وان المشروع الاسرائيلي ليس خير مشروع لليهود". ولا ينسى اطلاقا "ان اليهود هم الذين صلبوا المسيح...ولن نكون في& مصاف الذين يبرئونهم من ذلك". وها نص الحديث:
* استضفت (اول من امس) اجتماع البطاركة الارثوذكس والكاثوليك في مقرك الصيفي. فما الانطباع الذي خرجت به من هذا اللقاء؟
- الانطباع عن اجتماع البطاركة مهم وسام، لأن البطاركة عندما يلتقون يتكلمون عن الاشياء في شكل مسؤول وجدي، وخصوصا عندما يجتمعون، بذلك يكلمون الذين يظنون اننا في خصومة، كما كانت العادة من زمن طويل. هؤلاء يفهمون اننا اخوة ونتعاون بالتعاطي مع الامور كأخوة، وان نتقاسم الاجتماع في القضايا التي لدينا، واننا& نشاطر بعضنا البعض، لأن ما يمس لبنان يمسنا جميعا".
كان الاجتماع مهما، رغم كونه دوريا، اذ يحدث مرة واحدة كل سنة. البطاركة الكاثوليك عندهم مؤسسة. ونحن داخلون معهم، لأنهم يشاطروننا ذلك، ونحن ايضا نرغب في ذلك.
واشكر للجميع قبولهم بعقد الاجتماع في دير مار الياس، كي لا يكون الدير او اي دير ارثوذكسي آخر بعيدا عن التفكير بالناس، انه في دير ارثوذكسي لا يجتمع الا الارثوذكس وحدهم. وهذا ليس صحيحا. نحن معا حيثما كنا جميعا.
&
انطلاقة كنسية جديدة
* ما القضايا التي بحث فيها البطاركة؟
- تضمن جدول اعمال الاجتماع اولا الحديث عن مجلس كنائس الشرق الاوسط، وكنائسنا اعضاء فيه. نجتمع لأننا نتصور انه يجب اعادة قراءة مبادئه. وحان الوقت لنعود الى قراءتها مجددا، لأن اوضاع الكنائس بعلاقاتها ببعضها البعض اصبحت جديدة بالنسبة الى الوقت الذي صيغت خلاله هذه المبادئ. اولا لقد اصبحت الكنائس متلازمة، لا تحتاج الى عنصر خارجي يشجع رئاساتها، على& ان تجتمع مع بعضها البعض. لقد اصبح ذلك امرا مفروغا منه. ثانيا، كانت الكنائس تعتبر انها بحكم التاريخ ملزمة ان تكون، بقدر ما هي ايجابية مع ذاتها، سلبية مع سواها. ونجد الان ان لقاءنا تجاوز القوانين والهيئات التي تألفت من قبل كي تجعل ذلك ممكنا. وغايتنا ان ننطلق انطلاقة جيدة الى ما هو اكثر قربا وحميمية بين الكنائس مما كانت عليه حتى الان، وتجعلها تلتزم مباشرة الاختبار المسكوني المشترك، بحيث لا ينوب عنها احد في ذلك، ولا تكون هناك هيئة متخصصة لممارسة هذا الاشتراك. نرى ان الكنائس في ذاتها تصبح مسكونية، وعندئذ نكون اقتربنا من الغاية القصوى التي نتمناها لمجلس كنائس الشرق الاوسط.
وغايتنا ايضا ان نفكر الى اي حد الادارة الحالية التي سميت منذ ربع قرن لا تزال صالحة كما هي لأن تعبّر عن الانطلاقة الجديدة لكل هذه الكنائس. وكان البطاركة متفقين على انه من الضروري اخذ هذا الامر جديا. وهذا ما يجعل الكنائس نفسها ذات اهتمام اقوى واعمق مما كانت بالنسبة الي مجلس كنائس الشرق الاوسط، وهو ما يعطيه القوة ويؤهله لخدمة اكثر. وهذا من مصلحته ايضا.
وقررنا ان ندرس الموضوع ونتقدم بنصوص معينة في القريب العاجل كي يتم تبنيها. ففي النهاية، مجلس الكنائس الفته الكنائس. وللمرة الاولى يمكن ان تأخذ الموضوع بجدية وتتبنى ذلك. وهذا امر مهم جدا مسكونيا، بحيث لا تبقى الكنائس في واد والهيئة العاملة في الحركة المسكونية في واد آخر.
* كان اتفاق البطاركة على المبدأ والمفهوم. كيف يمكن تجاوز الاختلافات على صعيد التفاصيل في وقت لاحق؟
- هذا السؤال يشمل القضايا العقائدية. نعتقد اننا لسنا في المجلس كي يناقش الواحد الآخر. لا نأتي كي نسرّج الآخر. نترك للاديان ان تصلح نفسها من خلال ممارسة المحبة لأن عين المحبة ترى مواضع الاتفاق اكثر من عين البغض. فلست مع الانجيلي كي يتوقف عن كونه انجيليا. والكاثوليكي& ليس معي كي اهجر ارثوذكسيتي. فكرة الوحدة كما يفهم الكثير من الناس ليست الفكرة التي نتبناها. نأتي مع بعضنا البعض كي نمارس المحبة. وهي القانون او النظام المسيحي، وتختصر كل الانظمة ودساتير الايمان. ونلاحظ ان ما ضر بكل الكنائس مسيحياً هي انها كانت تبشر بكل شيء ولكن في اطار غير المحبة. الان نصلح هذا الامر. نصلح طريق المحبة أولا. وليس صحيحا اننا نريد ان نضغط على أحد باعتبار اننا وحدنا على حق، وان الآخر خاطئ. لسنا من حيث الجدل، ونعمّق هذا الشيء، ليس بين المسيحيين فحسب، بل مع اخوتنا المسلمين ايضا. وعندما أحدث المسلم، لا أفعل ذلك كي يبتعد عن اسلامه، او يكفر به، بل لان التحدث تعبير عن المحبة واحترام وجود الآخر. وبعدئذ، لكل دينه، وليس من اكراه في الدين.
على هذا الاساس، نتكلم اليوم بين الكنائس، ومع اخوتنا غير المسيحيين.
* هل قرر البطاركة اي شيء بخصوص توحيد عيد الفصح؟
- أعتقد ان هذا الموضوع مهم، لكنه أعطي أهمية أكثر مما يجب. نتمنى هذا الامر، لكن اوضاع الكنائس مختلفة ومتعددة. عندما نقول نتمنى، فلا نعني بذلك اننا نفرض على كنيسة ان تتبنى أمرا ليس في وسعها التقيد به. هذا ليس لنا. أكان هناك عيد واحد ام عشرة أعياد، فبالنسبة الينا المهم ان ينظر الواحد الى الآخر، كما شاء الرب يسوع، بعين المحبة. والباقي تفاصيل.
* يضم المجلس ايضا كنائس انجيلية. فهل بحث البطاركة في موقف المسؤولين عنها من مجلس كنائس الشرق الاوسط، مع امكان ان تكون لديهم نظرة مختلفة عن رؤيتكم؟
- لا نختلف على أن لدينا نظرة لبسة الى كل شيء عند الكاثوليك او الاقباط او الانجيليين. وليس على هذا الاساس نتوقع هذا الشيء.
* قلت انه سيتم تقويم نصوص. كيف ستوضع الرؤية النهائية الى مجلس كنائس الشرق الاوسط؟
- ليس في وسعي ان أجيب عن جميع الناس. أجيب عنا نحن فقط. ونقول اننا نقدم ما نعتقد انه صالح لهذا اللقاء، وانه يجعل المجلس صالحا لان يكون مجلس كنائس، لاننا لا نريد ان يعود بعض الهيئات المسيحية الى ما كان منذ اعوام اي الى القنص، وهذا امر لم يعد يليق بأي انسان يعرف الانجيل ولغة يسوع، ونريد ان نبقى بعيدين عنه. وهذا كان أساس ما اجتمعنا عليه عندما أسس المجلس. ولاحظنا انه اذا بردت العلاقات بيننا، فان ذلك سيعود الى ما كان قبلا وسيضر بالوجود المسيحي في الشرق الاوسط ضررا كاملا. وهذا ليس في مصلحة أحد الا من يريد ان يظهر المسيحيين منقسمين، وأن يفرغ الاراضي المقدسة منهم، وان يجعلهم بعيدين لانه في النهاية المسيح كان يهوديا لم يحبه اليهود. ولذلك صلبوه. اذا، ليس مرغوبا فيه عند اليهود. وأتمنى ان نقول كلنا انهم قتلوه وصلبوه، ولا نكون في مصاف الذين يبرئون اليهود من دم المسيح.
&
لا يجوز الضغط علينا
* احدى المحطات الرئيسية التي شهدتها البطريركية انعقاد المجمع الانطاكي المقدس واصداره بيانا يحمل الكثير من الايجابيات وخصوصا في الفترة المتعلقة بالادارة الذاتية لأبرشية اميركا الشمالية التي يديرها المطران فيليب صليبا. ماذا تعني هذه الايجابية؟
- كنا أمام أمر وان الشيء المطلوب هو الادارة الذاتية. وهو موجود عندنا حكما وواقعا في كل الابرشيات. وليس لدينا ابرشية واحدة لا تحكم ذاتها بذاتها بواسطة المطران الذي يديرها.
* ولكن ما الادارة الذاتية التي تطالب بها الابرشية؟
- نتعاطى مع شعبنا في شؤون كنيستنا. لدينا نظام يتجلى عندما نتكلم عن اختيار احد المطارنة في ابرشية ما، وخصوصا من ابرشية أميركا الشمالية. صحيح ان هناك انتخابا للمطران صليبا والاساقفة الموجودين هناك. والاسقف هو رئيس الكهنة. ويحتاج الى انتخابه من المجمع كسواه. وحتى الآن، كان المجمع يعطى ثلاثة اسماء ينتخبونها هم ويؤشرون اجمالا الى من يحوز اكثرية الاصوات. فنفهم من ذلك انهم يفضلون هذا الشخص ونبارك هذا المنحى. المجمع تدعى بركته انتخابا، لكنها في النهاية بركة. ولم يشذ عن هذه القاعدة في اي وضع او أي انتخاب. هكذا كان الامر. وهكذا هم كل الذين هناك مختارون من ابرشيتهم. وفي احدى ابرشياتنا هنا، اصبح بعضهم يوكل المجمع هذا الاختيار، لان لا مصلحة له في أي شيء.
* هل ترى انه لو لم يقرر المجمع تشكيل لجنة تضع نظام الادارة الذاتية للأبرشية، كانت هناك خشية فعلية لانفصالها عن الكرسي الانطاكي؟
- لا أعتقد ان هناك أسبابا كي يحدث اي شيء من هذا النوع. وهذا أسوأ ما يمكن ان يحصل. ففي الكنيسة هناك الكنائس الشرعية، ولا شرعية الا فيها. ولذلك ما يدعى انقساما وخروجا عن الكنيسة، بعيد عن التفكير. وكان المطران صليبا يعلن دائما ان هذا ليس واردا اطلاقا. ومعه حق، لان الامر ليس طبيعيا، وليس في مصلحة أحد اطلاقا.
* في مقابلة أجرتها معه "النهار" ابدى المطران صليبا خشيته من انه اذا لم يتجاوب المجمع مع مطلب الابرشية وابنائها بالادارة الذاتية، فان ذلك قد يؤدي الى انفصال وصدمة قوية. هل تعتقد انه مارس ضغوطا على المجمع بكلامه هذا؟
- قد يكون القصد من كلامه انفصالا نفسيا اكثر مما هو قانوني وكنسي. لا يجوز ان يحصل ضغط على الكنيسة.
فالكنيسة لا تفعل الا الصحيح. فاذا لم يكن الامر صحيحا ليس طبيعيا ان تفعله. وهذه الحقيقة اقوى من كل "تظبيطات" هنا وهناك وفي كل محل على وجه البسيطة - لم ينتخب احد الرب يسوع. وهو الذي عمل الكنيسة، ولم ننتخبه او صوتنا له.
* ما الذي يمنع ابرشيات اخرى عن طلب منحها الادارة الذاتية على غرار ابرشية اميركا الشمالية؟ وهل سيضع المجمع شروطا معينة؟
- المطران لا يصنع نفسه، بل المجمع هو الذي يعمله ويعمل البطريرك. وعندما يرجع البطريرك او المطران الى المجمع، فهذا يعني انه يعود الى نفسه، وليس الى جهة اخرى. ولا يتطلب كثيرا فهم الامور على حقيقتها.
كذلك، يعرف الجميع تفاصيل هذه الامور. لذلك، اذا كانت عبارات تسمع وتفهم عادة انها تعني ابتعادا رغم انها مستعملة عرفا انها ابتعاد، فاعتقد ان هذا لا يعني كنسيا انه اذا كان لاحدهم رأي غير الرأي الذي لدينا في الكنيسة، مسموح ان يكون عنده رأي آخر. ولكن الاتحاد الكنسي المجمعي لا خروج عنه الا نحو الطريق غير المستقيم.
* الا تخشِى ان تفتح هذه القضية الباب على حالات مماثلة؟
- كل حالة يبحث فيها. وفي الكنيسة، لا يقاس شخص يآخر. بل يحكى معه فقط ومباشرة. واعتقد ان بعضهم فهم، وبعضهم ابتعد في الشكل الذي قام به اجتماعيا وسياسيا وحزبيا. لكن القاموس الكنسي انجيلي. ومن لا يعرف روح الكنيسة التي هي روح الانجيل قد يترجم الاشياء بطريقة غير صحيحة.
اميركا ليست راعية سلام
* فلسطين والقدس دائما في البال. ما موقفك من استمرار العمليات الاستشهادية الفلسطينية التي تثير استياء غربيا، في مواجهة عدوان اسرائيلي متواصل؟
- خلال اجتماع البطاركة، استمعنا بانتباه شديد الى اخينا البطريرك الاورشليمي للاتين ميشيل صباح الذي يقول ان الجو الذي يعيش فيه الفلسطينيون واليهود جو حرب، وليس جو تعدي كل فريق على الآخر. لم يعد يعرف المرء ما الحالة التي يجب استعمالها. صحيح ان الفلسطينيين لا يملكون دبابات او مدافع او قنابل نووية. لم تعد بيوتهم لهم كذلك حياتهم. ويحاربون بانفسهم. ولدى تحقيق الاسرائيليين مع احد الفلسطينيين، قال لهم نتحارب بكل شيء لا نرى مستقبلنا وطريقة لعيشنا ونظلم من كل الجهات. فماذا نفعل؟ وكيف ندافع عن انفسنا. ولم يعد لدينا الا سلاح واحد.
كذلك افاد صاحب الغبطة ان اليهود ليسوا مرتاحين ايضا، وجوهم غير مريح ولا يدعو الى الاطمئنان. وقد سمعنا بانهم يبنون سياجا في مناطق معينة. ولكن في النهاية فان المساحة التي يتحركون فيها هي التي تصغر. المسيِّج هو المسيَّج. وكل اتباع لقانون عادي لان الوضع ليس عاديا اطلاقا.
* كيف ترى حظوظ السلام في ظل تصاعد التهديدات الاسرائيلية للبنان وسوريا؟
- انا ممن يعتقدون ان المشروع الاسرائيلي ليس خير مشروع لليهود. انا لا اتوقع ان تكون في هذه الارض الصغيرة دولتان غير قادرتين على التعايش فعلا". ويجب الا نستخف باراضي الناس، وخصوصا ان الفلسطينيين يخرجون من ارضهم لاسكان آخرين محلهم. وهذا امر غير مقبول. كذلك، في الرقعة من الارض التي يقولون انهم يريدون اعطاءها الفلسطينيين، ولهي مأساة قول ذلك لان الفلسطينيين هم اصحاب البيت، فطبيعي ان يزدادوا عدديا والامر نفسه ينطبق على الاسرائيليين. فالى اين يذهب كل فريق؟ هذا يعني ان كل منهما سيدأب على "دفش" الفريق الاخر الى الابد. لذلك، فرحت بقول (الامين العام لـ"حزب الله") الشيخ حسن نصر الله ان ما يضعون فيه اثنين يجب ان يكون لواحد فقط. وهذا امر صحيح منطقيا. واعتز بانني عبرت عن هذه الفكرة لاميركيين كثر زارونا في الماضي. وقلنا لهم ان الولايات المتحدة اضرّت بالدنيا كلها مع اليهود. اتساءل اذا كنت فعلت الصواب معهم. واعتقد ان الجواب لا.
* كيف ترى موقف العرب وجهودهم في سبيل الدفاع حقا عن القدس والفلسطينيين علما انهم اطلقوا اخيرا مبادرة للسلام.
- اعتقد ان من الاشياء التي يجب اعادة النظر في التعبير عنها هو عندما تظهر للناس كأن في المنطقة ملايين، وكل واحد ملتصق بالاخر ومتفق معه. لكن الدول عديدة في هذه المنطقة. والدولة هي التي تلحم او تفرق. اي ان الناس يحاربوننا على اساس اننا ملايين الذين يموتون في سبيل هدف، بينما الواقع مغاير تمامها. ويجب ان نجد طريقة للتعبير عن واقعنا الحقيقي، لئلا يخاف الناس من الفكرة ويحاربونا على شيء ليس لدينا.
* هل تعتبر ان الولايات المتحدة لا تزال تستحق وصفها بانها راعية السلام في المنطقة؟
- اي راعية سلام هي؟ لم اعتقد يوما انها كانت راعية سلام. ارى أنها ملتزمة بناء دولة اسرائيل ولا تفكر الا بها، ولا تعتني الا بها، ولا تقوي الا هيّ.
* يبدو ان الفاتيكان مهتم جدا بالقدس وفلسطين ومستقبل السلام في المنطقة. كذلك الكنسية الانطاكية الارثوذكسية. هل ان توحيد جهود الفريقين ممكن للمساهمة في عملية السلام؟
- الفاتيكان ليس فلسطينا. ونحن مهتمون بفلسطين، لأن بيوتنا هنا واولادنا هنا. واذا ذهبنا من هنا، فلن نجد مكانا نلجأ اليه. اما اذا ذهب الكاثوليك، فلديهم روما دائما وغيرها ايضا. وضعنا يختلف. وكل واحد بحسب ظروفه. فالكنيسة ليس شأنها تنظيم حرب او دفاع عسكري. فهي ليست صالحة لذلك اينما وجدت.
* ماذا عن السلام؟
- السلام يعني بالكلام. وكل ديننا نوصله الى الناس بالكلام. ولكن يجب ان يسمع الآخر، ولا يمكن اجباره على الاستماع الينا.
حداد والانتقاد التحسيني
* اجبار الآخرين على الاصغاء كان مشهدا نقلته محطات التلفزة اللبنانية اخيرا وانتهى بصفعة وجهت الى المطران غريغوار حداد، بسبب آرائه اللاهوتية. ما موقعك من هذه الحادثة، ومن دعوة المطران حداد الى نوع من تجديد في الكنيسة؟
- الكنيسة مثل كائن حيّ يفكر بكيفية جعل نفسه افضل مع تقدم الايام. وكل من يدعي في نفسه الكمال يكون آخر الكاملين. فان فكرة التجدد في محلها. ولا شك في ضرورة تجديد امور كثيرة في الكنيسة. وانا اول القائلين بهذا الامر. لا اريد اعطاء امثلة عن الامور التي تحتاج الى تجديد. وما فعلناه في اجتماع البطاركة هو مناقشة مسائل. لذلك، نعتبر اننا نحقق رغبة شعبنا ورغبة الله في الكنيسة عندما تكون مؤسساتنا وكهنوتنا في مستوى معين. ونفعل ذلك لأننا نشعر بأنه يجب ان تكون افضل. ويجب ان نكون كلنا افضل. ونحتاج دائما الى توعية اولادنا لئلا يصبح الدين مجموعة من السحر او عادات يقوم بها الكاهن في شكل عادي من دون ان يعرف سبب فعلها. ونتمنى ان يزول ذلك. وان قول المطران حداد ان الكنيسة تحتاج الى تجديد، فلأنها بشر وليست الله او المسيح. فامسيح هو الذي عملها، ونريد ان تكون كما فعلها، وليس كما فعلتها الايام والعادات والسياسات والامبراطوريات وغيرها. وربما انا موجود لهذا السبب، وليس لأن تكون الكنيسة مدرسة لتكرار الامور في شكل اعمى.
وبالنسبة الي المواضيع اللاهوتية التي اثارها المطران حداد، وهو صديقنا من مدة طويلة، فلم اتابعها.ولكن ارى ان ننتقد كي نحسن الكنيسة، ويجب الا نحملها حملا يكفيها.
وبالنسبة الى الصفعة، لم تكن تجوز. ولا احد موكل تلقين المطران ما يقوله، ولا يمكن ان يفرض احد على الكنيسة ان تكون كما يريد، حتى لو كان معه حق.
* فتحت الحادثة الحديث عن متطرفين او جاحدين في الكنيسة. كيف تنظر اليهم؟
- لدينا ربما بعض "الزوايا" في سوريا ولبنان باسم التقوى، ويعتقد ان البقية ليسوا ارثوذكسيين او مسيحيين كفاية. هذا امر خارج اطار الكنيسة.
* الا يعكس ذلك ابتعاد الكنيسة عن مناطق؟
- لا. لأن الكنيسة لا تبتعد، بل تركض. لذلك، توجه كل نشاطاتها نحو شعبها. وكبشر نرفع رؤوسنا بشعبنا. ولكن لا يمكن ان نلحق بمن يبتعد كلما اقتربنا.
* يزور البطريرك اغناطيوس جامعة البلمند قبل ظهر اليوم حيث يلتقي رئيس الجامعة ايلي سالم ويتفقد اجنحتها. وفي السادسة مساء يترأس صلاة غروب العنصرة في كاتدرائية القديس جاورجيوس في الزاهرية - طرابلس، في الذكرى الـ 40 لجلوس متروبوليت طرابلس للطائفة على كرسي الابرشية.
ويشارك في قداس العنصرة، الثانية والنصف صباح غد الاحد في دير مار الياس - شويا. (النهار اللبنانية)
كتبت هالة حمصي: تمنى بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس اغناطيوس الرابع "ان تكون امور كثيرة في لبنان مختلفة عما هي اليوم". واذ آثر عدم تحديد هذه الامور "لئلا اكون مثل شخص فهمان يخاطب آخرين غير فهمانين"، آمل في "ان يعمل الفهمانون كل ما هو صالح للبنان، لأن ليس كل ما يحصل يخدم مصلحته. ومن ثمارهم تعرفونهم".
ورأى "ان الكنيسة تحتاج الى تجديد، لأنها بشر وليست الله، والمسيح هو الذي عملها ونريد ان تكون كما فعلها، وليس كما فعلتها الايام والعادات والسياسات والامبراطوريات"،مشيرا "الى ان الصفعة التي تلقاها اخيرا المطران غريغوار حداد بسبب آرائه اللاهوتية "لم تكن تجوز، ولا احد موكل تلقين المطران ما يقوله".
مجددا، حل البطريرك اغناطيوس الرابع ضيفا على لبنان بضعة ايام. ومن مقره الصيفي في دير مار الياس شويا، اطل على ساحله وشواطئه وتلاله، و"الطقس هنا جميل جدا" على قوله "والضيوف كثر"... والاحاديث متنوعة، وشارك فيها "النهار". مجلس كنائس الشرق الاوسط، انطلاقة جديدة للكنائس، اصلاح طريق المحبة، الادارة الذاتية لابرشية اميركا الشمالية مواضيع غاص فيها.
وظلت فلسطين والقدس في القلب والبال، وفي رأيه "ان الولايات المتحدة ليست راعية السلام وهمها اسرائيل وحدها... وان المشروع الاسرائيلي ليس خير مشروع لليهود". ولا ينسى اطلاقا "ان اليهود هم الذين صلبوا المسيح...ولن نكون في& مصاف الذين يبرئونهم من ذلك". وها نص الحديث:
* استضفت (اول من امس) اجتماع البطاركة الارثوذكس والكاثوليك في مقرك الصيفي. فما الانطباع الذي خرجت به من هذا اللقاء؟
- الانطباع عن اجتماع البطاركة مهم وسام، لأن البطاركة عندما يلتقون يتكلمون عن الاشياء في شكل مسؤول وجدي، وخصوصا عندما يجتمعون، بذلك يكلمون الذين يظنون اننا في خصومة، كما كانت العادة من زمن طويل. هؤلاء يفهمون اننا اخوة ونتعاون بالتعاطي مع الامور كأخوة، وان نتقاسم الاجتماع في القضايا التي لدينا، واننا& نشاطر بعضنا البعض، لأن ما يمس لبنان يمسنا جميعا".
كان الاجتماع مهما، رغم كونه دوريا، اذ يحدث مرة واحدة كل سنة. البطاركة الكاثوليك عندهم مؤسسة. ونحن داخلون معهم، لأنهم يشاطروننا ذلك، ونحن ايضا نرغب في ذلك.
واشكر للجميع قبولهم بعقد الاجتماع في دير مار الياس، كي لا يكون الدير او اي دير ارثوذكسي آخر بعيدا عن التفكير بالناس، انه في دير ارثوذكسي لا يجتمع الا الارثوذكس وحدهم. وهذا ليس صحيحا. نحن معا حيثما كنا جميعا.
&
انطلاقة كنسية جديدة
* ما القضايا التي بحث فيها البطاركة؟
- تضمن جدول اعمال الاجتماع اولا الحديث عن مجلس كنائس الشرق الاوسط، وكنائسنا اعضاء فيه. نجتمع لأننا نتصور انه يجب اعادة قراءة مبادئه. وحان الوقت لنعود الى قراءتها مجددا، لأن اوضاع الكنائس بعلاقاتها ببعضها البعض اصبحت جديدة بالنسبة الى الوقت الذي صيغت خلاله هذه المبادئ. اولا لقد اصبحت الكنائس متلازمة، لا تحتاج الى عنصر خارجي يشجع رئاساتها، على& ان تجتمع مع بعضها البعض. لقد اصبح ذلك امرا مفروغا منه. ثانيا، كانت الكنائس تعتبر انها بحكم التاريخ ملزمة ان تكون، بقدر ما هي ايجابية مع ذاتها، سلبية مع سواها. ونجد الان ان لقاءنا تجاوز القوانين والهيئات التي تألفت من قبل كي تجعل ذلك ممكنا. وغايتنا ان ننطلق انطلاقة جيدة الى ما هو اكثر قربا وحميمية بين الكنائس مما كانت عليه حتى الان، وتجعلها تلتزم مباشرة الاختبار المسكوني المشترك، بحيث لا ينوب عنها احد في ذلك، ولا تكون هناك هيئة متخصصة لممارسة هذا الاشتراك. نرى ان الكنائس في ذاتها تصبح مسكونية، وعندئذ نكون اقتربنا من الغاية القصوى التي نتمناها لمجلس كنائس الشرق الاوسط.
وغايتنا ايضا ان نفكر الى اي حد الادارة الحالية التي سميت منذ ربع قرن لا تزال صالحة كما هي لأن تعبّر عن الانطلاقة الجديدة لكل هذه الكنائس. وكان البطاركة متفقين على انه من الضروري اخذ هذا الامر جديا. وهذا ما يجعل الكنائس نفسها ذات اهتمام اقوى واعمق مما كانت بالنسبة الي مجلس كنائس الشرق الاوسط، وهو ما يعطيه القوة ويؤهله لخدمة اكثر. وهذا من مصلحته ايضا.
وقررنا ان ندرس الموضوع ونتقدم بنصوص معينة في القريب العاجل كي يتم تبنيها. ففي النهاية، مجلس الكنائس الفته الكنائس. وللمرة الاولى يمكن ان تأخذ الموضوع بجدية وتتبنى ذلك. وهذا امر مهم جدا مسكونيا، بحيث لا تبقى الكنائس في واد والهيئة العاملة في الحركة المسكونية في واد آخر.
* كان اتفاق البطاركة على المبدأ والمفهوم. كيف يمكن تجاوز الاختلافات على صعيد التفاصيل في وقت لاحق؟
- هذا السؤال يشمل القضايا العقائدية. نعتقد اننا لسنا في المجلس كي يناقش الواحد الآخر. لا نأتي كي نسرّج الآخر. نترك للاديان ان تصلح نفسها من خلال ممارسة المحبة لأن عين المحبة ترى مواضع الاتفاق اكثر من عين البغض. فلست مع الانجيلي كي يتوقف عن كونه انجيليا. والكاثوليكي& ليس معي كي اهجر ارثوذكسيتي. فكرة الوحدة كما يفهم الكثير من الناس ليست الفكرة التي نتبناها. نأتي مع بعضنا البعض كي نمارس المحبة. وهي القانون او النظام المسيحي، وتختصر كل الانظمة ودساتير الايمان. ونلاحظ ان ما ضر بكل الكنائس مسيحياً هي انها كانت تبشر بكل شيء ولكن في اطار غير المحبة. الان نصلح هذا الامر. نصلح طريق المحبة أولا. وليس صحيحا اننا نريد ان نضغط على أحد باعتبار اننا وحدنا على حق، وان الآخر خاطئ. لسنا من حيث الجدل، ونعمّق هذا الشيء، ليس بين المسيحيين فحسب، بل مع اخوتنا المسلمين ايضا. وعندما أحدث المسلم، لا أفعل ذلك كي يبتعد عن اسلامه، او يكفر به، بل لان التحدث تعبير عن المحبة واحترام وجود الآخر. وبعدئذ، لكل دينه، وليس من اكراه في الدين.
على هذا الاساس، نتكلم اليوم بين الكنائس، ومع اخوتنا غير المسيحيين.
* هل قرر البطاركة اي شيء بخصوص توحيد عيد الفصح؟
- أعتقد ان هذا الموضوع مهم، لكنه أعطي أهمية أكثر مما يجب. نتمنى هذا الامر، لكن اوضاع الكنائس مختلفة ومتعددة. عندما نقول نتمنى، فلا نعني بذلك اننا نفرض على كنيسة ان تتبنى أمرا ليس في وسعها التقيد به. هذا ليس لنا. أكان هناك عيد واحد ام عشرة أعياد، فبالنسبة الينا المهم ان ينظر الواحد الى الآخر، كما شاء الرب يسوع، بعين المحبة. والباقي تفاصيل.
* يضم المجلس ايضا كنائس انجيلية. فهل بحث البطاركة في موقف المسؤولين عنها من مجلس كنائس الشرق الاوسط، مع امكان ان تكون لديهم نظرة مختلفة عن رؤيتكم؟
- لا نختلف على أن لدينا نظرة لبسة الى كل شيء عند الكاثوليك او الاقباط او الانجيليين. وليس على هذا الاساس نتوقع هذا الشيء.
* قلت انه سيتم تقويم نصوص. كيف ستوضع الرؤية النهائية الى مجلس كنائس الشرق الاوسط؟
- ليس في وسعي ان أجيب عن جميع الناس. أجيب عنا نحن فقط. ونقول اننا نقدم ما نعتقد انه صالح لهذا اللقاء، وانه يجعل المجلس صالحا لان يكون مجلس كنائس، لاننا لا نريد ان يعود بعض الهيئات المسيحية الى ما كان منذ اعوام اي الى القنص، وهذا امر لم يعد يليق بأي انسان يعرف الانجيل ولغة يسوع، ونريد ان نبقى بعيدين عنه. وهذا كان أساس ما اجتمعنا عليه عندما أسس المجلس. ولاحظنا انه اذا بردت العلاقات بيننا، فان ذلك سيعود الى ما كان قبلا وسيضر بالوجود المسيحي في الشرق الاوسط ضررا كاملا. وهذا ليس في مصلحة أحد الا من يريد ان يظهر المسيحيين منقسمين، وأن يفرغ الاراضي المقدسة منهم، وان يجعلهم بعيدين لانه في النهاية المسيح كان يهوديا لم يحبه اليهود. ولذلك صلبوه. اذا، ليس مرغوبا فيه عند اليهود. وأتمنى ان نقول كلنا انهم قتلوه وصلبوه، ولا نكون في مصاف الذين يبرئون اليهود من دم المسيح.
&
لا يجوز الضغط علينا
* احدى المحطات الرئيسية التي شهدتها البطريركية انعقاد المجمع الانطاكي المقدس واصداره بيانا يحمل الكثير من الايجابيات وخصوصا في الفترة المتعلقة بالادارة الذاتية لأبرشية اميركا الشمالية التي يديرها المطران فيليب صليبا. ماذا تعني هذه الايجابية؟
- كنا أمام أمر وان الشيء المطلوب هو الادارة الذاتية. وهو موجود عندنا حكما وواقعا في كل الابرشيات. وليس لدينا ابرشية واحدة لا تحكم ذاتها بذاتها بواسطة المطران الذي يديرها.
* ولكن ما الادارة الذاتية التي تطالب بها الابرشية؟
- نتعاطى مع شعبنا في شؤون كنيستنا. لدينا نظام يتجلى عندما نتكلم عن اختيار احد المطارنة في ابرشية ما، وخصوصا من ابرشية أميركا الشمالية. صحيح ان هناك انتخابا للمطران صليبا والاساقفة الموجودين هناك. والاسقف هو رئيس الكهنة. ويحتاج الى انتخابه من المجمع كسواه. وحتى الآن، كان المجمع يعطى ثلاثة اسماء ينتخبونها هم ويؤشرون اجمالا الى من يحوز اكثرية الاصوات. فنفهم من ذلك انهم يفضلون هذا الشخص ونبارك هذا المنحى. المجمع تدعى بركته انتخابا، لكنها في النهاية بركة. ولم يشذ عن هذه القاعدة في اي وضع او أي انتخاب. هكذا كان الامر. وهكذا هم كل الذين هناك مختارون من ابرشيتهم. وفي احدى ابرشياتنا هنا، اصبح بعضهم يوكل المجمع هذا الاختيار، لان لا مصلحة له في أي شيء.
* هل ترى انه لو لم يقرر المجمع تشكيل لجنة تضع نظام الادارة الذاتية للأبرشية، كانت هناك خشية فعلية لانفصالها عن الكرسي الانطاكي؟
- لا أعتقد ان هناك أسبابا كي يحدث اي شيء من هذا النوع. وهذا أسوأ ما يمكن ان يحصل. ففي الكنيسة هناك الكنائس الشرعية، ولا شرعية الا فيها. ولذلك ما يدعى انقساما وخروجا عن الكنيسة، بعيد عن التفكير. وكان المطران صليبا يعلن دائما ان هذا ليس واردا اطلاقا. ومعه حق، لان الامر ليس طبيعيا، وليس في مصلحة أحد اطلاقا.
* في مقابلة أجرتها معه "النهار" ابدى المطران صليبا خشيته من انه اذا لم يتجاوب المجمع مع مطلب الابرشية وابنائها بالادارة الذاتية، فان ذلك قد يؤدي الى انفصال وصدمة قوية. هل تعتقد انه مارس ضغوطا على المجمع بكلامه هذا؟
- قد يكون القصد من كلامه انفصالا نفسيا اكثر مما هو قانوني وكنسي. لا يجوز ان يحصل ضغط على الكنيسة.
فالكنيسة لا تفعل الا الصحيح. فاذا لم يكن الامر صحيحا ليس طبيعيا ان تفعله. وهذه الحقيقة اقوى من كل "تظبيطات" هنا وهناك وفي كل محل على وجه البسيطة - لم ينتخب احد الرب يسوع. وهو الذي عمل الكنيسة، ولم ننتخبه او صوتنا له.
* ما الذي يمنع ابرشيات اخرى عن طلب منحها الادارة الذاتية على غرار ابرشية اميركا الشمالية؟ وهل سيضع المجمع شروطا معينة؟
- المطران لا يصنع نفسه، بل المجمع هو الذي يعمله ويعمل البطريرك. وعندما يرجع البطريرك او المطران الى المجمع، فهذا يعني انه يعود الى نفسه، وليس الى جهة اخرى. ولا يتطلب كثيرا فهم الامور على حقيقتها.
كذلك، يعرف الجميع تفاصيل هذه الامور. لذلك، اذا كانت عبارات تسمع وتفهم عادة انها تعني ابتعادا رغم انها مستعملة عرفا انها ابتعاد، فاعتقد ان هذا لا يعني كنسيا انه اذا كان لاحدهم رأي غير الرأي الذي لدينا في الكنيسة، مسموح ان يكون عنده رأي آخر. ولكن الاتحاد الكنسي المجمعي لا خروج عنه الا نحو الطريق غير المستقيم.
* الا تخشِى ان تفتح هذه القضية الباب على حالات مماثلة؟
- كل حالة يبحث فيها. وفي الكنيسة، لا يقاس شخص يآخر. بل يحكى معه فقط ومباشرة. واعتقد ان بعضهم فهم، وبعضهم ابتعد في الشكل الذي قام به اجتماعيا وسياسيا وحزبيا. لكن القاموس الكنسي انجيلي. ومن لا يعرف روح الكنيسة التي هي روح الانجيل قد يترجم الاشياء بطريقة غير صحيحة.
اميركا ليست راعية سلام
* فلسطين والقدس دائما في البال. ما موقفك من استمرار العمليات الاستشهادية الفلسطينية التي تثير استياء غربيا، في مواجهة عدوان اسرائيلي متواصل؟
- خلال اجتماع البطاركة، استمعنا بانتباه شديد الى اخينا البطريرك الاورشليمي للاتين ميشيل صباح الذي يقول ان الجو الذي يعيش فيه الفلسطينيون واليهود جو حرب، وليس جو تعدي كل فريق على الآخر. لم يعد يعرف المرء ما الحالة التي يجب استعمالها. صحيح ان الفلسطينيين لا يملكون دبابات او مدافع او قنابل نووية. لم تعد بيوتهم لهم كذلك حياتهم. ويحاربون بانفسهم. ولدى تحقيق الاسرائيليين مع احد الفلسطينيين، قال لهم نتحارب بكل شيء لا نرى مستقبلنا وطريقة لعيشنا ونظلم من كل الجهات. فماذا نفعل؟ وكيف ندافع عن انفسنا. ولم يعد لدينا الا سلاح واحد.
كذلك افاد صاحب الغبطة ان اليهود ليسوا مرتاحين ايضا، وجوهم غير مريح ولا يدعو الى الاطمئنان. وقد سمعنا بانهم يبنون سياجا في مناطق معينة. ولكن في النهاية فان المساحة التي يتحركون فيها هي التي تصغر. المسيِّج هو المسيَّج. وكل اتباع لقانون عادي لان الوضع ليس عاديا اطلاقا.
* كيف ترى حظوظ السلام في ظل تصاعد التهديدات الاسرائيلية للبنان وسوريا؟
- انا ممن يعتقدون ان المشروع الاسرائيلي ليس خير مشروع لليهود. انا لا اتوقع ان تكون في هذه الارض الصغيرة دولتان غير قادرتين على التعايش فعلا". ويجب الا نستخف باراضي الناس، وخصوصا ان الفلسطينيين يخرجون من ارضهم لاسكان آخرين محلهم. وهذا امر غير مقبول. كذلك، في الرقعة من الارض التي يقولون انهم يريدون اعطاءها الفلسطينيين، ولهي مأساة قول ذلك لان الفلسطينيين هم اصحاب البيت، فطبيعي ان يزدادوا عدديا والامر نفسه ينطبق على الاسرائيليين. فالى اين يذهب كل فريق؟ هذا يعني ان كل منهما سيدأب على "دفش" الفريق الاخر الى الابد. لذلك، فرحت بقول (الامين العام لـ"حزب الله") الشيخ حسن نصر الله ان ما يضعون فيه اثنين يجب ان يكون لواحد فقط. وهذا امر صحيح منطقيا. واعتز بانني عبرت عن هذه الفكرة لاميركيين كثر زارونا في الماضي. وقلنا لهم ان الولايات المتحدة اضرّت بالدنيا كلها مع اليهود. اتساءل اذا كنت فعلت الصواب معهم. واعتقد ان الجواب لا.
* كيف ترى موقف العرب وجهودهم في سبيل الدفاع حقا عن القدس والفلسطينيين علما انهم اطلقوا اخيرا مبادرة للسلام.
- اعتقد ان من الاشياء التي يجب اعادة النظر في التعبير عنها هو عندما تظهر للناس كأن في المنطقة ملايين، وكل واحد ملتصق بالاخر ومتفق معه. لكن الدول عديدة في هذه المنطقة. والدولة هي التي تلحم او تفرق. اي ان الناس يحاربوننا على اساس اننا ملايين الذين يموتون في سبيل هدف، بينما الواقع مغاير تمامها. ويجب ان نجد طريقة للتعبير عن واقعنا الحقيقي، لئلا يخاف الناس من الفكرة ويحاربونا على شيء ليس لدينا.
* هل تعتبر ان الولايات المتحدة لا تزال تستحق وصفها بانها راعية السلام في المنطقة؟
- اي راعية سلام هي؟ لم اعتقد يوما انها كانت راعية سلام. ارى أنها ملتزمة بناء دولة اسرائيل ولا تفكر الا بها، ولا تعتني الا بها، ولا تقوي الا هيّ.
* يبدو ان الفاتيكان مهتم جدا بالقدس وفلسطين ومستقبل السلام في المنطقة. كذلك الكنسية الانطاكية الارثوذكسية. هل ان توحيد جهود الفريقين ممكن للمساهمة في عملية السلام؟
- الفاتيكان ليس فلسطينا. ونحن مهتمون بفلسطين، لأن بيوتنا هنا واولادنا هنا. واذا ذهبنا من هنا، فلن نجد مكانا نلجأ اليه. اما اذا ذهب الكاثوليك، فلديهم روما دائما وغيرها ايضا. وضعنا يختلف. وكل واحد بحسب ظروفه. فالكنيسة ليس شأنها تنظيم حرب او دفاع عسكري. فهي ليست صالحة لذلك اينما وجدت.
* ماذا عن السلام؟
- السلام يعني بالكلام. وكل ديننا نوصله الى الناس بالكلام. ولكن يجب ان يسمع الآخر، ولا يمكن اجباره على الاستماع الينا.
حداد والانتقاد التحسيني
* اجبار الآخرين على الاصغاء كان مشهدا نقلته محطات التلفزة اللبنانية اخيرا وانتهى بصفعة وجهت الى المطران غريغوار حداد، بسبب آرائه اللاهوتية. ما موقعك من هذه الحادثة، ومن دعوة المطران حداد الى نوع من تجديد في الكنيسة؟
- الكنيسة مثل كائن حيّ يفكر بكيفية جعل نفسه افضل مع تقدم الايام. وكل من يدعي في نفسه الكمال يكون آخر الكاملين. فان فكرة التجدد في محلها. ولا شك في ضرورة تجديد امور كثيرة في الكنيسة. وانا اول القائلين بهذا الامر. لا اريد اعطاء امثلة عن الامور التي تحتاج الى تجديد. وما فعلناه في اجتماع البطاركة هو مناقشة مسائل. لذلك، نعتبر اننا نحقق رغبة شعبنا ورغبة الله في الكنيسة عندما تكون مؤسساتنا وكهنوتنا في مستوى معين. ونفعل ذلك لأننا نشعر بأنه يجب ان تكون افضل. ويجب ان نكون كلنا افضل. ونحتاج دائما الى توعية اولادنا لئلا يصبح الدين مجموعة من السحر او عادات يقوم بها الكاهن في شكل عادي من دون ان يعرف سبب فعلها. ونتمنى ان يزول ذلك. وان قول المطران حداد ان الكنيسة تحتاج الى تجديد، فلأنها بشر وليست الله او المسيح. فامسيح هو الذي عملها، ونريد ان تكون كما فعلها، وليس كما فعلتها الايام والعادات والسياسات والامبراطوريات وغيرها. وربما انا موجود لهذا السبب، وليس لأن تكون الكنيسة مدرسة لتكرار الامور في شكل اعمى.
وبالنسبة الي المواضيع اللاهوتية التي اثارها المطران حداد، وهو صديقنا من مدة طويلة، فلم اتابعها.ولكن ارى ان ننتقد كي نحسن الكنيسة، ويجب الا نحملها حملا يكفيها.
وبالنسبة الى الصفعة، لم تكن تجوز. ولا احد موكل تلقين المطران ما يقوله، ولا يمكن ان يفرض احد على الكنيسة ان تكون كما يريد، حتى لو كان معه حق.
* فتحت الحادثة الحديث عن متطرفين او جاحدين في الكنيسة. كيف تنظر اليهم؟
- لدينا ربما بعض "الزوايا" في سوريا ولبنان باسم التقوى، ويعتقد ان البقية ليسوا ارثوذكسيين او مسيحيين كفاية. هذا امر خارج اطار الكنيسة.
* الا يعكس ذلك ابتعاد الكنيسة عن مناطق؟
- لا. لأن الكنيسة لا تبتعد، بل تركض. لذلك، توجه كل نشاطاتها نحو شعبها. وكبشر نرفع رؤوسنا بشعبنا. ولكن لا يمكن ان نلحق بمن يبتعد كلما اقتربنا.
* يزور البطريرك اغناطيوس جامعة البلمند قبل ظهر اليوم حيث يلتقي رئيس الجامعة ايلي سالم ويتفقد اجنحتها. وفي السادسة مساء يترأس صلاة غروب العنصرة في كاتدرائية القديس جاورجيوس في الزاهرية - طرابلس، في الذكرى الـ 40 لجلوس متروبوليت طرابلس للطائفة على كرسي الابرشية.
ويشارك في قداس العنصرة، الثانية والنصف صباح غد الاحد في دير مار الياس - شويا. (النهار اللبنانية)
التعليقات