قال: لاحظت شيئا مدهشا في اجتماعات قمة الثماني الأخيرة .. كان الرئيس بوش يستمتع بالتحرك الى الأمام والخلف وهو جالس على الكرسى الهزاز ! قلت: ماذا يعني هذا ؟ قال: الأمر شبيه بمن يتأرجح على مقعد، كما لو كان يعني رغبة دفينة في اللاشعور للعودة الى زمن الطفولة الأولى والاستمتاع باستخدام الأرجوحة في حديقة منزل جورج بوش الكبير ! قلت: لا أفهم كثيرا في علم النفس وليس لنا إلا الظاهر .. ولله السرائر ! قال: هذا تفسير منطقى ومقبول .. الرجل يواجه جملة من المشاكل منها صراع الحمائم والصقور في البيت الأبيض، وفضائح انهيار الشركات الاقتصادية العملاقة، وضغوط العرب والاسرائيليين عليه، وانشغاله بمستقبل حربه الكونية ضد الارهاب و... ويبدو أن المخرج التنفيسى من كل هذه الأزمات هو التأرجح !
قلت: هذا شطط في التفسير قد يجانبه الصواب! قال بتأكيد: بل هذا علم تفوق فيه الأميركيون ويسميه علماء الاتصال لغة المظهر .. فالحالة الظاهرية التى يبدو عليها الرئيس لها علاقة وثيقة بما يعتمل داخله .. سواء في الوعى أو اللاوعي ! قلت: وماذا تعنى هذه اللغة ؟ قال: إضافة الى التفسير السابق فان الرسالة التى ينقلها هذا السلوك تعنى أمرا محددا: ان السياسة الخارجية للولايات المتحدة تعاني من (الفايبريشن) ! قلت: وما دليلك على هذا ؟ قال: فشل الرئيس في اقناع كل حلفائه بضرورة خلع ياسر عرفات، بما يؤكد ان البنية التحتية للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط مهزوزة .. لأنها لا تقوم على أسس سليمة !
قلت: عدنا الى المبالغة مرة اخرى، وربما المسألة لا تزيد عن كونها مجرد عادة أميركية في الجلوس على الكراسى المتحركة ! قال بحزم: كلا .. لو كان الأمر كذلك لرفع الرئيس رجليه ووضعهما فوق الطاولة والرسالة في هذه الحالة ستكون أكثر وضوحا، لأن جزمة الرئيس ستصبح في مستوى مواز لرؤوس الحاضرين، بما يعني ان الكاوبوى سيفرض رؤاه على الجميع .. ولو كره المتحالفون! قلت: ولماذا الاهتمام بقعدة الرئيس بوش دون سواه ؟ قال: لأنه يمثل أقوى دولة في العالم، لهذا فكل حركاته وسكناته ليست عشوائية وفيها ما فيها من المعاني ! قلت: ربما ما تقوله مجرد حقد وحسد .. ليس الا ! قال: لا مجال للمشاعر الشخصية في التحليل العلمي، الذي يؤكد ان السياسة الخارجية الأميركية .. مهزوزة ! قلت ضاحكا : يبدو ان عالمنا كله مهزوز، ربما لأن الكرة الأرضية محمولة على قرن ثور .. كما يقول أساقفة القرون الوسطى !(الوطن العمانية)