عكست اجتماعات لجنة مبادرة السلام العربية التي عقدت في القاهرة يوم الجمعة الماضي، مرة أخري حالة العجز التي ترافق النظام الرسمي العربي، وهي الحقيقة التي تدركها جيدا واشنطن وتل ابيب، وتبنيان سياستهما بشأن التعامل مع القضايا العربية علي أساس هذا الفهم، وان سقف رد الفعل العربي، علي الغطرسة الإسرائيلية والاستخفاف الأميركي، معروف مسبقا، ولا يتجاوز تصريحات باهتة، وبالنتيجة سينجر العرب الي الانخراط في ما ترسمه واشنطن من خطط ومشاريع سياسية للمنطقة.
لقد اختلف وزراء خارجية دول لجنة المبادرة، علي كيفية التعامل مع اللجنة الرباعية الدولية، المعنية بقضية احياء عملية التسوية في المنطقة، وعلي من يمثل الجامعة العربية في الحديث مع اللجنة خلال اجتماعها المقرر عقده في نيويورك غدا، فهناك من يري ان تفوض ترويكا مؤلفة من السعودية ومصر والاردن، والبعض يطالب بأن يجتمع جميع اعضاء لجنة المبادرة التسعة مع اللجنة الرباعية.
انها أزمة ثقة، ليست جديدة، فقد عصفت بالعلاقات العربية علي مدي سنوات طويلة، وسببت نتائج كارثية، وكلما تزايدت الضغوط الخارجية، واستوجبت الظروف تجاوز الخلافات والعودة الي الحد الأدني من التضامن ظهرت الحساسيات، وأحبطت محاولات إعادة شيء من الاعتبار للكرامة العربية.
ليست المشكلة في من يمثل العرب امام اللجنة الرباعية، فهذا الدور يمكن ان يقوم به امين عام الجامعة العربية، او اي مبعوث يتفق عليه حتي لو كان أقل من وزير، لكن المشكلة فيما يحمله من يمثل العرب، من موقف أو أفكار، لمواجهة الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وما يطرح من مخططات خطيرة لتصفية قضيته، وقد كان خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش الاخير، اكبر مؤشر علي استهتار الادارة الأميركية بالارادة العربية، حيث تجاهل تماما مجرد ذكر مبادرة السلام التي أقرتها قمة بيروت، وتبني بشكل كامل طروحات شارون!.
وإذا كان وزراء خارجية ثلاث دول عربية سيلتقون اللجنة الرباعية والرئيس الأميركي بوش خلال اليومين القادمين، فإن السؤال المطروح ما هي اوراق الضغط العربية التي يحملها هؤلاء الوزراء وأي تأثير ستتركه هذه اللقاءات علي القرار الأميركي الذي اتخذ مسبقا، طالما ان العديد من الزعماء العرب حاولوا خلال الاشهر الماضية، إحداث بعض التوازن في الموقف الأميركي عبر العديد من اللقاءات مع الرئيس بوش الذي فاجأ الجميع بخطابه، وربما كان صدمة للبعض..! واذا كان العجز العربي يعيق التأثير علي الموقف الأميركي فإن المطلوب كحد أدني عدم الانخراط في آلية تنفيذ المشروع الأميركي - الاسرائيلي، تحت مسميات مختلفة!.