&
كل الامبراطوريات وحاملي تابوت الشر حيثما توجهوا بالشر ضد الأمة العربية أو ضد بلاد المسلمين دفنوا هم وأحلامهم المريضة وغطرستهم وطمعهم، في تابوتهم على أرض العرب والمسلمين هذه عبارة من عبارات عديدة نارية صدرت من الرئيس العراقي صدام حسين في خطابه أول من أمس بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة المريرة والحزينة لانتهاء الحرب مع إيران.
الخطاب كان مليئاً بعبارات الوعيد والتهديد ويجيء مباشرة بعد أن عدلت الإدارة الأميركية لهجة الخطاب ضد الرئيس العراقي في تصريح للرئيس بوش بما معناه أنهم سيدرسون بوعي وهدوء خيارات الحرب ضد العراق، بعد أن كان قد هدد بشن حرب قاسية ضد العراق من أجل إسقاط نظام الحكم القائم في بغداد..
أقول بأن خطاب الرئيس العراقي جاء بعد أن هدأ الخطاب الأميركي قليلاً عكس ما كان قبل أسبوعين تقريباً حين كانت لهجته ضد العراق شديدة مقابل هدوء من الجانب العراقي ورغبة في إفشال مخطط الأميركان وخصوصاً بعد انحسار التأييد الدولي للأميركان، الأمر الذي جعلهم يخففون من لهجتهم . ولكن المفاجأة أن قام العراق من خلال خطاب الرئيس صدام بتسخين الأجواء مرة أخرى، في إشارات متتابعة لا يمكن فهمها وحلها سوى أن هناك أمراً ما يجري الترتيب له في الخفاء، وأن ما يحدث إنما أشبه بمسرحية كبيرة يتم من خلال مشاهدها وفصولها خداع العالم لتمرير صفقات معينة.
ومثلما وضحت الأمور تقريباً في الحرب القاسية التي خطط لها مندوبو شركات السلاح في الإدارة الأميركية بقيادة وزير الدفاع رامسفيلد ضد أفغانستان، لأجل تحقيق أهداف واضحة لا تبتعد عن هدفين اثنين، حماية مصالح اقتصادية مستقبلية للولايات المتحدة ورغبة في إثبات جدارتها وأحقيتها في قيادة العالم لسنوات عشر أو عشرين قادمة..
أقول بأنه مثلما وضحت أهداف الحرب ضد أفغانستان فإن الذي يجري الآن من إعداد العدة للحرب وقرع طبولها ضد العراق، فإنما هو فصل جديد من المسرحية الكبيرة التي تجري أحداثها على خشبة مسرح الشرق الأوسط منذ سنوات عديدة. الفصل الحالي من المسرحية يهدف إلى تغطية فشل الأميركان في تحقيق ما وعدوا العالم والشعب الأميركي به والمتمثل في القضاء على الإرهاب في المنطقة، والتغطية على ما يجري لقواتها في أفغانستان من حرب استنزاف وبداية تورط حقيقي لها في المستنقع الأفغاني، إضافة إلى إلهاء الرأي العام العالمي عن الحاصل على أرض فلسطين .
ولقد كان العراق هو أفضل ورقة لعب يمكن لمندوبي شركات السلاح الأميركية اللعب بها الآن لتحقيق مصالحهم بالدرجة الأولى، ومن ثم تحقيق بقية أهداف الولايات المتحدة في حماية المصالح وتحقيق الزعامة العالمية والتغطية على الفشل في أفغانستان وعلى ما يجري في فلسطين .. ذلك أن العراق بالصورة الحالية هو ما يريده الأميركان لسنوات عديدة قادمة، ودعك من كل السخافات التي يرددها الأميركان حول نظام الحكم في العراق، فإنهم يعلمون يقيناً أن بقاء هذا الأمر وبالصورة الحالية عذر منطقي للبقاء قريباً بجانب حقول نفط الخليج أولاً والدولة العبرية ثانياً ..