واشنطن&- تدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية بدرجة كبيرة منذ هجمات 11 سبتمبر ايلول الماضي فلم يعد سوى قلة في واشنطن يتحدثون عن المملكة باعتبارها دولة صديقة في حين يراها الكثيرون دولة معادية.
وخرجت الخلافات التي كانت تناقش بين صناع السياسات وخبراء السياسة الخارجية منذ شهور الى النور بعد ان قدم لوران موراوييك المحلل في مؤسسة راند تقريرا للجنة ستشارية تابعة لوزارة الدفاع يقول فيه انه يتعين اعتبار السعودية دولة معادية للولايات المتحدة.
وقال في التقرير الذي سرب لصحيفة واشنطن بوست "السعوديون نشطون على جميع مستويات الارهاب من التخطيط الى التمويل ومن الكوادر الى المقاتلين الصغار ومن المنظرين السياسيين الى المحرضين الشعبيين." وأضاف "السعودية تؤيد اعداءنا وتهاجم حلفاءنا... انها بذرة الشر والمحرك الرئيسي."
ورغم ان ادارة بوش انكرت هذه المشاعر اقر وزير الدفاع دونالد رامسفيلد بوجود صعوبات في العلاقات اكدتها حقيقة ان 15 من 19 خاطفا نفذوا هجمات 11 سبتمبر على مركز التجارة العالمي ووزارة الدفاع كانوا سعوديين.
وقال "للسعودية نطاق واسع من الانشطة... بعضها قد نتفق معه وبعضها قد نختلف معه. انها رغم ذلك دولة ننشر فيها قوات كبيرة ولنا معها علاقات طويلة."ويقول جريجوري كوز استاذ العلوم السياسية بجامعة فيرمونت ومؤلف كتاب (ممالك النفط ... التحديات
الداخلية والامنية في دول الخليج العربية) ان العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية كانت دائما اشبه بزواج المصلحة منها بالصداقة.
الداخلية والامنية في دول الخليج العربية) ان العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية كانت دائما اشبه بزواج المصلحة منها بالصداقة.
وكتب يقول في مقال "ليس هناك على اي من الجانبين تأييد شعبي قوي لهذه العلاقات. انها علاقات بين النخبة مبنية على اساس تفاهم واضح على المصالح المشتركة. ولا مشاعر فيها."والاتفاق الامريكي السعودي كان ومازال بسيطا. السعوديون يبقون على امدادات مستقرة من النفط للولايات المتحدة واسواق العالم في حين تقوم الولايات المتحدة بدور الضامن للامن السعودي وان تتغاضى عن جوانب في الشؤون الداخلية للمملكة محل انتقاد.
وبالنسبة لبعض الامريكيين دمرت هجمات 11 سبتمبر اسس هذا الاتفاق لانها في رأيهم ابرزت الدور السعودي في تصدير شكل متطرف من الاسلام. وقال وليام كريستول رئيس تحرير مجلة ويكلي ستاندارد المحافظة "حان الوقت لان تعيد الولايات المتحدة التفكير في علاقاتها بالرياض. لاننا الان في حرب ضد الارهاب ورعاته والتطرف الاسلامي. وفي هذه الحرب يعتبر النظام السعودي جزءا من المشكلة اكثر منه جزءا من الحل.
وتوقع الامريكيون ان يقف الاصدقاء بجانبهم بعد 11 سبتمبر دون شك او تردد. وتصوروا كذلك ان السعوديين يجب ان يشعروا بالامتنان بسبب الحرب الامريكية ضد العراق عام 1991 التي شنت في جزء كبير منها لحماية المملكة من الرئيس العراقي صدام حسين.
ولكن بدلا من ذلك حاول السعوديون في بداية الامر نفي ان يكون العديد من مواطنيهم بين منفذي هجمات 11 سبتمبر. واعتبر تعاونهم في رصد شبكات التمويل التي تدعم تنظيم القاعدة الذي يتزعمه اسامة بن لادن غير كامل وغير كاف.
والآن تعلن السعودية صراحة رفضها السماح باستخدام اراضيها كقاعدة انطلاق اذا ما قرر الرئيس الامريكي جورج بوش مهاجمة العراق في اطار المرحلة الثانية من "الحرب ضد الارهاب".وفي السعودية هناك حالة من الغضب وعدم الفهم ازاء ما يعتبرونه التأييد الامريكي المطلق لاسرائيل في صراعها مع الفلسطينيين. ويتعاطف العديد من السعوديين كذلك مع الشعب العراقي الذي عاني على مدى سنوات من العقوبات الدولية المفروضة عليه.
ويصب منتقدو السعودية غضبهم على المذهب الوهابي السائد هناك. ويقولون ان المدارس الدينية التي تمولها السعودية لتدريس الوهابية في مختلف الدول الاسلامية الهمت جيلا كاملا كراهية الولايات المتحدة.
وقارن جيمس وولسي المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية الامريكية في الفترة الاخيرة بين الوهابية بالقومية الصارمة التي سادت المانيا بعد الحرب العالمية الاولى والتي مهدت الطريق لظهور اودلف هتلر.وابلغ لجنة العلاقات الدولية التابعة لمجلس النواب "مثلما كان غضب وتطرف القومية الالمانية في تلك الفترة ارضا خصبة لظهور النازية فان الوهابية والتطرف الاسلامي الان يوفران ارضا خصبة لظهور تنظيمات مثل القاعدة وغيرها من التنظيمات الارهابية المشابهة."
ويرى البعض كذلك ان اعتماد الولايات المتحدة على النفط السعودي الذي يمثل حاليا نحو عشرة في المئة من استهلاكها بدأ يتراجع مع ظهور مصادر جديدة في روسيا وجمهوريات سوفيتية سابقة. لكن السعودية التي تملك ربع احتياطيات النفط العالمية المؤكدة من المرجح ان تظل اكبر منتج ومصدر للنفط في المستقبل المنظور.
ويقول البعض انه من الغباء افتعال خلاف الان مع السعوديين حتى اذا لم يقدموا دعما على الارض لغزو العراق لان بامكانهم القيام بدور مهم عن طريق ضمان خلو طرق الطيران وتوفير دعم غير قتالي. وسترقب الدول الخليجية التي تريد الولايات المتحدة الحصول على دعمها موقف السعودية عن كثب.وقال ريتشارد ميرفي مساعد وزير الخارجية السابق "الدعم الضمني عند الحد الادنى سيكون في غاية الاهمية."
ومع اقتراب الحرب ضد العراق يرى حتى بعض الذين لا يحبون السعودية ان الوقت غير مناسب الان& للاكتساب اعداء جدد. ويقول فريد توماس عضو مجلس الشيوخ الجمهوري ان السعوديين "هم محور التطرف الديني الذي تسبب لنا في مشكلات كبيرة. انهم يعطون مساعدات وخدمات لرجال الدين الذين يدعون لكراهية امريكا."
وأضاف "لكن في الوقت الراهن فنحن في غنى عن اعداء جدد. بل نحتاج لاصدقاء جدد في المنطقة. وامل ان نتمكن من التمسك بهذا الموقف حتى نعالج الوضع العراقي."
التعليقات