نيويورك -&ماتيو لي-فرانسيس تيمان:&تستعد الولايات المتحدة لاسبوع من المفاوضات المكثفة لمحاولة انتزاع قرار من مجلس الامن الدولي يرغم العراق على نزع اسلحتة والا تعرض لعمل عسكري اميركي.
&وتبدو الادارة الاميركية، متشجعة بردود الفعل الايجابية اجمالا في العالم على خطاب الرئيس جورج بوش الذي جاء على شكل انذار نهائي للرئيس العراقي صدام حسين، مستعدة الان لحمل الامم المتحدة على تبني قرار حازم بشان العراق مرفق بجدول زمني قصير لتطبيقه.
&وشدد الرئيس الاميركي السبت على ضرورة ان تبدي الامم المتحدة تصميما في التحرك ضد العراق.&وقال بوش "اما ان تكون الامم المتحدة قادرة على التحرك كمنظمة مستقلة مكلفة المحافظة على السلام في الوقت الذي ندخل فيه القرن الحادي والعشرين او ان تفقد سبب وجودها".
&وحذر الرئيس الاميركي امام مجموعة من الصحافيين اثر مباحثاته السبت مع رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني في مقره في كامب ديفيد (ميريلاند) من ان "الكيل قد فاض" من خروقات العراق لقرارات مجلس الامن الدولي مضيفا "لا يستهينوا بالامر لانه اذا تعين علينا التحرك فاننا سنفعل".
&وقد ركز بوش في كلمته الاذاعية الاسبوعية على رفض العراق الالتزام بقرارات الامم المتحدة السابقة ال16 ذات الصلة وكرر هذا القول خلال مباحثاته مع برلسكوني حيث قال مجددا ان الرئيس العراقي "تحدى" مجلس الامن الدولي "ليس مرة واحدة او مرتين بل 16 مرة" معتبرا انه "لا يمكن قبول الوضع القائم".
&وفي الوقت الذي يستعد فيه الدبلوماسيون الاميركيون وعلى راسهم وزير الخارجية كولن باول لخوض معركة حاسمة في الامم المتحدة بدات تظهر دلائل اضافية على تصميم الرئيس الاميركي على حل المسالة العراقية بالقوة بدعم من الامم المتحدة او بدونه.&فلم يكن قد مضى 24 ساعة فقط على خطاب بوش الخميس امام الامم المتحدة الا واعلنت القيادة المركزية الاميركية انها سترسل 600 رجل ومركز قيادة متنقل الى قطر لاجراء تدريبات عسكرية في تشرين الثاني/نوفمبر. واعترف مسؤول كبير بان مركز القيادة الحالي في تامبا (فلوريدا، جنوب شرق) قد ينقل بكامل عتاده ورجاله الى قطر.
&وكولن باول الذي عاد الى واشنطن لقضاء عطلة الاسبوع سيتوجه مجددا الى نيويورك غدا الاثنين لقضاء يومين اخرين من اللقاءات التي سيواصلها بعده المندوب الاميركي الدائم في الامم المتحدة جون نيغروبونت كما افاد مسؤولون رسميون اميركيون.
&ومن جهة اخرى ذكرت صحيفة برتغالية ان الامم المتحدة خصصت 20 ممرا جويا فوق المحيط الاطلسي بعضها يصل الى قاعدة الاميركية في جزر الاسور لنقل كميات ضخمة من المعدات الخفيفة والعسكريين.&وعلى هامش اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة ذكر وزير الخارجية العراقي ناجي صبري بمطالبة بغداد بان تترافق عودة المفتشين الدوليين الى العراق مع رفع العقوبات المفروضة عليه منذ اجتياحه الكويت سنة 1990.
&لكن مجلس الامن اعلن بوضوح ان العقوبات لن ترفع قبل ان يؤكد المفتشون تدمير او سحب كل البرنامج النووي العراقي والاسلحة الكيميائية والجرثومية والصواريخ التي يزيد مداها عن 150 كلم.&ويتعين كذلك على واشنطن العمل على اقناع الدول الثلاث الاخرى الدائمة العضوية في مجلس الامن التي تملك حق الفيتو وهي فرنسا والصين وروسيا بضرورة استخدام القوة ضد العراق.
&وقد ابدت فرنسا استعدادها لدعم خطة من مرحلتين من خلال قرارين: قرار اول يطالب العراق بالالتزام بقرارات الامم المتحدة السابقة والسماح بعودة المفتشين واخر يرغم بغداد على تحمل عواقب عدم انصياعها للقرار الاول.&ومن جانبهما شددت موسكو وبكين على ضرورة حل المشكلة العراقية من خلال الامم المتحدة مع تجاهلهما على ما يبدو التهديد بتدخل عسكري اميركي.
في المقابل &يرى العديد من الخبراء الاميركيين ان التدخل العسكري في العراق ينطوي على العديد من النقاط الغامضة وعلامات الاستفهام بسبب سلوك قيادة النظام العراقي الذي لا يمكن التنبؤ به واستحالة التاكد من مدى قدرة آلة الحرب العراقية.
&فقد حذر انطوني كوردسمان الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية من ان "فاعلية العراق عمليا خلال النزاعات السابقة اظهرت انه لا يمكن التنبؤ بتحركاته العسكرية طالما ان الحرب لم تبدأ. ولذلك فاننا لن نكتشف حقا مدى خطورته الا يوم ان يستخدم اسلحته".
ونظريا على الاقل فان بغداد التي فقدت 40% من قوتها العسكرية منذ حرب الخليج (1991) ما زالت حتى اليوم تشكل "القوة العسكرية الاكثر فاعلية" في المنطقة.&وعلاوة على ذلك فانه ما لم يتم "قطع راس" النظام بانقلاب داخلي او بدعم من الخارج او حدوث استسلام سريع تحت وقع ضربات جوية مكثفة فان الحملة الجديدة في العراق لا يمكن ان تتم بدون غزو بري.
&وتوقع الكولونيل السابق في السلاح البري كين الارد ان "يكون ذلك مختلفا جذريا عما حدث في افغانستان" مضيفا "اذا كان الامر يتعلق بتنفيذ الهدف المحدد وهو الاطاحة بنظام الرئيس صدام حسين فان الطريقة الوحيدة لذلك ستتمثل في ارسال قوات على الارض وسيتعين على البنتاغون الان ان يبحث حجمها وكيفية نشرها وتحديد خصائص وسمات المعركة اللازمة لتنفيذ هذه المهمة".
&ويكمن الخطر الحقيقي في الاسلحة الجرثومية والكيمائية والاشعاعية او النووية حيث انه لا يعرف الكثير عن مدى تقدم البرنامج العراقي في هذا المجال وحجم ترسانته وقوة فاعليتها.
&ومن هذا المنظور فان استخدام العراق لمثل هذا السلاح سيغير بعمق التصور الاستراتيجي للنزاع.&واوضح انطوني كوردسمان ايضا ان "امتلاك سلاح جرثومي او نووي قاتل يمكن ان يوقع عددا كبيرا من الضحايا والخسائر الجسيمة ويحدث تغييرا كبيرا في درجة الردع والقدرة على خوض المعركة".
&والنقطة الثانية التي يكتنفها الغموض تتمثل في قاذفات ومعدات اطلاق ونشر هذه الاسلحة (صواريخ بالستية قصيرة المدى وطائرات بدون طيار ومختبرات متنقلة) حيث لا يوجد شك في ان بغداد واصلت سرا تطوير قدراتها.
&واضافة الى امكانية ان يكون صدام حسين قد احتفظ بما بين 20 الى 80 صاروخ سكود اشار تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي.اي.ايه) في كانون الثاني/يناري 2002 الى انه واصل على الارجح انتاج صواريخ الحسين التي يبلغ مداها
&650 كلم ونماذج اخرى من صاروخ سكود (عباس وابابيل-100).
&650 كلم ونماذج اخرى من صاروخ سكود (عباس وابابيل-100).
&واوضح كوردسمان ان "العراق سيستخدم عمليا انظمة اطلاق الاسلحة هذه بدون تجارب مسبقة او بالقليل منها. وعندها فقط سيعرف العراق في نفس الوقت مع اهدافه مدى دقة وفاعلية هذه الاسلحة ولكن بطريقة مؤلمة".
&واكد على ضرورة عدم استبعاد "رد وجودي" يقوم من خلاله العراق المحاصر باطلاق صواريخه على جميع مراكز التجمع السكاني الكبرى المجاورة وعلى غيرها من الاهداف الرئيسية في رد فعل يائس على هزيمة حتمية وشيكة.
&ولدرء هذا الخطر تضمنت خطط الهجوم التي وضعتها القيادة المركزية للقوات الاميركية منذ بداية النزاع توجيه ضربات وقائية مسبقة للقدرات الجرثومية والكيميائية والاشعاعية والنووية العراقية وقاذفاتها كما اعترف مؤخرا قائدها الجنرال تومي فرانكس.
&لكن هنا ايضا يتعين التوصل الى درجة عالية من الدقة. فخلال حرب الخليج ورغم&2400 طلعة جوية مخصصة لرصد صواريخ سكود لم تتم مهاجمة سوى ثمانية منها فقط كذلك لم يتم تدمير اي منها في الوقت المحدد وفي المقابل تمكنت بغداد من اطلاق 88 سكود على المملكة العربية السعودية واسرائيل.
التعليقات