الدكتور توفيق آلتونجي
&
فلذات اكبادنا بين مطرقة العرف والموروث الثقافي
وسلاح الاب المغلوب على امره
&
التاريخ مليئ بالقيادات النسوية للامم والشعوب ويكاد ان يكون الشرق يحتل دور الريادة العددية والزمنية رغم ان الطريق كان ولا يزال ذو مسالك شوكية وعقبات وحواجز وعرة سار عليها النظال النسوي في الشرق منذ فجر التاريخ حيث وئدت وقبرت وسيقت سبية وبيعت في اسواق النخاسين واصبحت جارية وامة وانتهك حرماتها في سجون الشرق وعذبت واشعلت في جسدها النيران وذاقت عذابات حتى عندما كانت هي بنفسها الحاكم الاوحد ايام شعباد و كيلوباترا ونفرتيتي الى يومنا هذا حيث نرى العديد من الشعوب والمجتمعات الشرقية قد قبلت فكرة قيادة السيدات كما هي في الهند وسيرلانكا وباكستان وبنكلادش وتركيا ودول عديدة اخرى. تلك القيادة المباشرة واخذ زمام المبادرة وحمل المسئولية جديرة بتلك الام والاخت والزوجة والحبيبة والمعشوقة ملهمة الشعراء والفنانين بكنوز من ثقافات عالمية في رسم ونحت وهيكلة نحتية وشعر واسطورة ورواية وقصة وحدودة وشعر غنائي لا تكاد كل تلكم الفنون الانسانية خالية من عنصر نسائي يضيف الى روعة الفن تلك الرائحة القديمة الازلية ببخور الهند والسند وعبيق" المخيكبند" وهي قلادة من القرنفيل اليابس وقلادات من الفل والياسمين ... حبية ومعشوقة ادم على الثرى.
اتذكر وانا اتنزه بين بيوتات حي العرفة العصري من احياء مدينة العذابات كركوك اقول اتذكر وقبل اكثر من اربعون عام ونيف تلك السيدة الاولى التي اختارت من بين قريناتها ان تكون سباقة الى قيادة السيارت فلم يكن من ابناء المجتمع الا وان قذفوها بكل ما في اللغة من كلمات نكرة ونعوت سيئة بذيئة في الكثير من الاحيان ولكنها ابت والا ان تدور بعجلة التطور زمنيا ومكانيا فكان لها الريادة.
احد اسس واعمدة المجتمع يقع في نصفها الاخر الانثوي اي السيدات فهن وان يكن قد وقع عليهن الظيم والظلم والاجحاف بقين رافعات الراس حتى حين غدر بهن الزمان وكن اداة للجلادين والجلاوزة والطغاة والمجتمعات المدنية التي تكون القانون اساس للتعامل بين افراد المجتمع فيها دون فرق بين هذا وذاك وجنس واخر تتعامل تلك المجتمعات الديمقراطية التعددية بمبدا المساوات رغم صعوبات تحقيق هذا الامل المرجو حتى في العديد من انظمة الديمقراطية في الغرب فلا يزال الفرق شاسعا بين رواتب الرجل والمرأة ,& وامور تمييزية اخرى كثيرة تفصل بين الرجل والمرأة مفضلة الاول على التالي في عملية ممارسة للتفرقة بين الاجناس يكاد ان لا يكون خاليا حتى في المجتمعات المتطورة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية وتبقى نظالهن في وهج واستمرارية& نحو مستقبل اكثر عدالة ومساواة.
هنا نرى اهمية القرار المتخذ من قبل البرلمان الكردي ذلك التجربة الرائدة في الشرق كطفل يحبو في اشهره الاوائل يحاول جاهدا الوقوف والارتكاز على قدميه كي يسير وقد قام العديد من دول العالم مباركة هذا القرار الذي ينص على معاقبة قاتل ما يسمى ب "جرائم الشرف" واعتبار فعل القتل جريمة يعاقب حسب القانون حيث يقوم الرجل وكما يسمى بالعامية ب"غسل العار" كما يفرضه عليه العرف والعادات والتقاليد ولا يناله يد القانون فتراه& حرا طليقا متبخترا فخورا بجريمته النكراء يجلس في المقاهي رافعا راسه بعد ان تكون صبية بعمر الورد ظحية لذلك الجلاد لا ذنب لها الا انها ولدت انثى وحملت في فؤادها الندي بذرات المحبة للرجل. قد تكون هي في الواقع ظحية مجرم اخر او مجرمة فاسقة وسوس في نفسها فاشاع خبرا برمي تلك الصبية والقذف بها زورا فتحول الاب من ولي امر يقع على عاتقة مسؤلية حماية افراد الاسرة الواحدة وزرع بذور الالفة والمحبة بين ابنائه الى مجرم هائج يبحث عن اداة وزمن منسبا لجريمته النكراء. قد تكون تلك الصبية قد ربط قلبها رابطة الحب مع شاب وتقدم الشاب لطلب يد الفتاة ولكن اهلها لم يوافقو على خطبتة.... ثم تطورت الامور وتلك العلاقة طبيعية بين ابناء بني ادم منذ الخليقة الاولى لم يتغير شيئا ولا تزال قلوب الصبايا تخفق متوهجة ولا يزال الشعراء يتغنون ب " ليلى العامرية" على طريقة ابن المللوح يتغزلون بها& واصفين جمالها ولا يزال الشاعر الغنائي يكتب الشعر الغزلي ويرددها حتى قاتل تلك الصبية في الافراح دون وعي بمعنى تلك الكلمات فتراه اعمى فاقد البصيرة وليس البصر. يبقى وحيدا و هواجس الندم يجر باذيال السخرية يوكب حياة هذا الانسان ولا يترك الكابوس مظجعه حين يتذكر تلك الفتاة التي كانت تجلب له احذيته كل صباح وهو يهم بالخروج من البيت متوجها الى عمله او الى المقهى القريب.
ان التجربة الديمقراطية في كردستان العراق رغم حداثتها و كونها في السنوات الاولى قد خطت خطوة جريئة في الطريق الصحيح هذه خطوة سيرفع الحيف عن النصف الاخر من المجتمع (الجنس الطيف) وقد يحتاج الى سنين عديدة اخرى كي يتم تطبيق القانون بالكامل& ووعي الناس لروح القانون وزرعها في نفوسهم& كي يتحول الى ممارسة يومية يبعد شبح العنف والموت منهن الى ابد الابدين& وقد نرى يوما وقد اصدر قرار برفع عقوبة الاعدام كذلك في كردستان العراق.
المثير للتامل ان العديد من اولياء الامور اللذين افترقو تلك الجريمة هم من المهاجرين اللذين ربما تركو اوطانهم اساسا لحماية ارواح ابنائهم كي لا يكونون وقود وحطب لنار حرب لا يملكون فيها "لا ناقة ولا بعير" وقد يكون ابنائهم رفضوا التجنيد والانخراط في الجيش ولم يكونون يؤمنون بالحرب فول كل افراد العائلة وجههم صوب الغرب كي يجدو ملاذ وملجئ امنا لهم ولاولادهم.
في المنافي وحيث المجتمعات المتحررة والتعليم الاوربي الغربي يفاجئ الاجئ بالتناقضات ويحيل ليالية الى داجية مليئة بالكوابيس .. هنا يبدا الصراع بين الموروث الثقافي وسلطة الانظمة الاجتماعية المغلولة والمقيدة بسلاسل العرف والتقاليد وازدواجية الطروحات فتراه حائرا بين مبادئ المجتمعات الاوربية التحررية وتقاليد الاجداد وقد يظطر ان ياخذ ابنائه معه في زيارة الى وطن الاجداد في حين وفي قرارة نفسه قد اتخذ قرارا بذبح عزيزته ونور عينيه وقد يكون هناك فرق بين المهاجر القروي والحظري حتى في دول الشرق فترى الحظري يعمل بمبدا "الستر والتقية" حفاظا على روحه وروح ابنائه ويكاد ان يخرج امور كثيرة من دائرة العائلة الظيقة لحين حلها حيث يكون "العار" كما يراه العامة مصيبة تنال الجميع وعلية يتم سترها وحجبها حتى على اقرب المقربون بينما نرى العكس في المجتمعات القروية الصغيرة حيث الخبر ينتشر ك"انتشار النار في الهشيم" فترى رب الاسرة قد ولى وجهه وترك الديار كي لا ينعت بشتى النعوت من فاقد شرف وما الى ذلك من نعوت نابية قاسية . هذا الموضوع كان ولا يزال ذو شجون في الادب الشرقي فالعديد من الكتاب العرب والفرس والاتراك قد اولو اهتماما متزايدا لمحاولة علاج هذه الظاهرة "غسل العار" وحتي السينما بدا كذلك مهتما بالموضوع ومعالجتها سينمائيا اذكر الكاتب التركي الذي رشح في العديد من المناسبات لنيل جائزة النوبل الكاتب الكبير" يشار كمال" فقد تنتاول الموضوع في رواياته التي تكاد ان تكون لها طابعا مستقلا ياخذ من الريف الكردي شخصياته ففي روايتة "اذا قتلو الحية" عالج موضوع العرف والعادات في الريف الكردي ومعاناة صبي بين حب الام وقتلها.
&اذا كانت القوانين السائدة في العديد من دول الشرق لا تزال ترى في قتل الصبايا& عملية "غسل العار" والقاتل لا يزال لا& يحاسبه القانون والذي يتحول بقدرة قادر الى بطل قد مسح العار من جبينة في حين تذهب الظحية في "شربة مية" كما يقول المثل العامي المصري اقول ما دام تلك المجتمعات لا تحتلرم نصفها ولا تحترم النفس التي حرم الله قتلها الا بالحق ستذهب حياة الكثيرات سدى ... اما في جزء عزيز من العراق سيجد ذلك القاتل وينال جزائه العادل. سوف تجد الصبايا في المستقبل فسحة امل ولا ينالهن عقاب لمجرد خبر جاء به فاسق ... ستنامين قرير العين لا تخافين من جبروت جلاد ... سجن عفن رطب وهاتك اعراض ... سلاما الى اروح عزيزات لم تتوج راسهن بطرحة العروسة البيظاء المقدسة