كتب نصـر المجالي: يغيبون ويحضرون وهم شاهدون وشهداء على الناس جميعا وحالهم في نيف وربع القرن الماضي مستمر الى الحظة، واكبر الحاضرين هذا الكهل مزارع الفول السوداني "جيمي" الرئيس التاسع والثلاثين لقائدة العالم اميركا التي استهلت بذهابه عن الرئاسة مع رونالد ريغان خطتها للنظام العالمي الجديد. جيمس إيرل كارتر حاز على جائزة نوبل للسلام اليوم، فهذا المتقارب من ثمانينياته له في الذاكرة العربية صدى غير طيب ولن يكون مهما حاول تنظيف قلبه ونفسه وتطهير اصابعه بما يسمى مسالة حقوق الانسان. |
فلولا هذا الـ"كارتر" لما التقى رئيس مصر الراحل انور السادات مع النظير الاسرائيلي الراحل مناحيم بغين في كامب ديفيد مدشنان مع الاب الروحي الخلوق "الصديق جيمي" مرحلة جديدة في الشرق الاوسط عبر اتفاقيات كامب ديفيد الذي حمل من بعد ذلك اسم كل ما يكرهه العرب ويشمئزون منه، علما بأنه منتجع مريح.
جيمي المولود في اول أكتوبر العام 1924 ويالها من مصادفة مع تاريخ منحه الجائزة، لم يهزم مرة واحدة حين هزمه الجمهوريون بزعامة رونالد ريغان في العام 1980، هو قبل ذلك بأشهر معدودات هزم في ايران على ايدي الطلبة المؤيدين لخط الامام.
وهو في عهده هزم اكبر رجالات اميركا في العالم محمد رضا بهلوي شاه ايران وهو حين تجرع مرارة الهزيمة الرئاسية كنجم صاعد فإن طهران بزعامة الخميني وكل اطيافها السياسية من محمد علي رجائي وعلي خامنئي ورهاشمي رفسنجاني وابراهيم يزدي وحسين موسوي وكريم سنجابي حتى شاهبور بختيار وصادق قطب زاده ومسعود رجوي ثم الملالي من آيات الله العظمى الكبار شريعتمداري ومنتظري والطالقاني كل هذه الأيران وكل الاسماء توحدت لهزيمة الشيطان الاعظم.
الطلبة خنقوا "الشيطان الاعظم" في سفارته في طهران، وكان سيد الابيض "جيمي" يعاني زفيرا وشهيقا، حتى اصدر اوامره بتنفيذ اكبر عملة فاشلة في التاريخ العسكري حين قال لرجاله "من صحراء طبس سننقذ السفارة"، الذي حصل ان اكبر هزيمة كانت هنالك، كان يمكن ان يهزم الرئيس في البيت الابيض بمعركة سياسية او في فرجينيا التي هو اتى منها زعيما.
هزيمته كانت في طبس صحراء ايران الغربية وكان من الممكن ان يدفن نفسه هنالك لولا انه استعاد نفسه وزفيره وشهيقه بعد سنين مدافعا عن حقوق الانسان. واذا ذاك حصل على نوبل للسلام.
تظل جائزة نوبل مسالة مشكوك فيها، وهي سواء بسواء لا تعطي حامليها اهلية التحدث بما منحت لهم باسمه، ألم تعط الجائزة لعرفات ورابين وبيريز مجتمعين من دون سلام يوصل الى الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني؟ "وكأنها ضحك على الذقون .. اليس كذلك؟". جيمي .. خريج الاكاديمية البحرية في انابوليس العام 1946 عمل بحارا على متن المدمرة الاميركية بومفريت في المحيط الهادىء لسنوات من بعدها حلم انه سيكون |
سياسيا، فكان، وهذه هي اميركا العالم الجديد تخترع وتصنع وتبني ثم تهدم ايضا كل جديد انها القوة العظمى بكل شيطانية العظمة.
صاحب نوبل الذي اختير من بين 158 مرشحا من بينهم حامد كرزاي رئيس افغانستان المكلومة، انتخب حاكما لولاية فرجينيا في العام 1962 وحاول تغيير قوانينها الاساس في المرور والجنس والسهر والتعليم وحتى الزراعة، فهو كان يمارس هواية.
ولكنها كانت هواية ناجحة اوصلته الى الكونغرس ثم الى سيادة العالم في البيت الابيض 1976 هازما جيرالد فورد الجمهوري المهزوم اساسا على خلفية فيتنام.
في عهده الرئاسي من قبل وداعه بهزيمته في ايران وتوقيعه مع الراحلين "السادات وبيغن اتفاقية كامب ديفيد" يحسب لرجل انه اقام علاقات جيدة مع خلفاء المعلم ماو تسي تونغ حيث الصين بدأت تتحرك ضد موسكو خارجة من الانغلاق الماووي.
وهو ايضا واصل عن كثب محادثات "سالت 2 " للحد من انتشار الاسلحة مع الاتحاد السوفياتي السابق، وهي محاولات انهارت مع غزو هذا الاخير لأفغانستان في العام 1979 حيث حشدت واشنطن نفسها لمواجهة الغزو.
من هنالك أي في عهد كارتر راعي حقوق الانسان في العالم بدأت بذرات الارهاب تنزرع في جسد العالم كله تحت مسميات اسلامية، والغريب ان احد المقاتلين المجاهدين بدعم تسليحي وايدولوجي ايضا كان اسامة بن لادن زعيم اخطر شبكة للارهاب في العالم كما تقول الولايات المتحدة، حيث انها لم تقرأ تاريخها جيدا.
ليتها تسال حامل جائزة نوبل اليوم جيمي كارتر ماذا كان يفعل آنذاك مع رجالات الامن القومي حيث بريجينسكي وخلافه من الرجالات الكبار؟.
بقي القول ان الرئيس الأسبق كارتر وهو كان المزارع الانيق بشعراته المنفوشة حين كان يعدلها بيسراه حين يواجه الصحافة مارس ادورا كبيرة في حلول مشاكل عالمية "من دون شك" وهذا لصالحه، فدوره كبير في كوريا الشمالية وهاييتي.
ومن بعد هزيمته الرئاسية واصل ادوارا عالمية اخرى، اذا لم تبق منطقة ساخنة "وعتبت عليه الا وزارها" وكانت آخرها زيارته للرفيق فيديل كاسترو محاولا تجسيير الهوة ليس بين هافانا وفلوريدا فحسب بل مع واشنطن التي لسف رفضت اقتراحاته.
مشكلة الرؤساء الاميركيين انهم مغفلون، ففي اللحظة التي يترك فيها احدهم المنصب منهزما امام الحزب الآخر فانه يميل الى فتح مكتبة ودار بحث ويبدا الحديث عن حقوق الانسان ويبدأ من التقاعد في التنظير عن حال العالم، على اعتبار ان المعلومات التي تعودها من المخابرات المركزية لا تزال ملك يمينه.
(سي آي ايه) اذكى من ذلك بكثير ، فهي "تذبح الطالح الذاهب لصالح الصالح الآتي"، ولذلك يظل أي رئيس سابق مهزوم سابق يراوح مكانه محاولا تقديم خدمات للعالم من دون معلومات وهو ان غامر في أي وساطة فلن يكون له الا استقبال "بروتوكولي فاتر" في البلد المضيف.
جيمي كارتر، متزوج من روزالين سميث، ولهما ثلاثة ابناء هم جون وليام جاك وجيمس ايرل الثالث ودونالد جيفري وابنة هي ايمي لين.
وأخيرا، لا أحد يعتقد ان كارتر في هذا اليوم قد يتذكر صديقيه السادات وبيغن، ان بقيت عنده معالم حقيقية من الذاكرة؟.
التعليقات