إيلاف -&في سابقة جديدة بالمغرب طرح بالأسواق قبل أيام قليلة كتاب "ذاكرة الآخر" (La mémoire des autres) من تأليف مشترك لابراهام السرفاتي وزوجته الفرنسية كريستين دور. وقد صدر الكتاب عن دار النشر المغربية "طارق" ووزع في أغلب نقاط بيع الكتب بالبلاد دونما أية مشكلة.
يروي الكتاب المسار النضالي لابراهام السرفاتي الذي قضى&أكثر من 17 سنة في سجون المملكة وفق رؤيتين مختلفتين تلتقيان في النهاية لكل من ابراهام&وزوجته كريستين، معبرين من خلال مقاطع كتابها عن حب وارتباط خارق بالمغرب تاريخا وجغرافية.
يقدم ابراهام نفسه بوصفه عربي ويهودي، رجل من الجنوب والشمال، شرقي وغربي في الوقت ذاته. أما زوجته كريتسين فانها امرأة ذات ثقافة بروتستانتية موشومة بأفكار الثورة الفرنسية والقيم الكونية لحقوق الانسان.
تروي كريستين من جهتها بكتاب "ذاكرة الآخر"كيف أنها كانت متعاونة مع النظام التعليمي المغربي بداية السبعينيات والتقت بمحض الصدفة ابراهام السرفاتي وقبلت إخفائه عن أعين البوليس السياسي المغربي الذي كان يلاحق ابراهام بسبب أنشطته المناهضة للمخزن ونظام الملك الراحل الحسن الثاني.
وبعد سنتين ونصف من العلاقة السرية التي جمعت كريستين وابراهام استطاعت السلطات المغربية الوصول لابراهام واعتقاله وتعذيبه ثم الحكم عليه أخيرا بالسجن المؤبد في محاكمات شهيرة أثارت زوابع سياسية كبيرة داخل وخارج المغرب.
أما كريستين فستتعرض للإهانة وللطرد من المغرب لتبدأ حملتها الطويلة الداعية لاطلاق سراح زوجها لمدة جاوزت 12سنة دون ان تستطيع رؤيته لمرة واحدة.
وبعد تكثيف حملاتها الدولية استطاعت أخيرا الالتقاء بابراهام السرفاتي بعد مرور 12 سنة من الاعتقال السياسي بالسجن المركزي لمدينة القنيطرة .

ففي عام 1986 يروي الكتاب المشترك لكريستين وابراهام سمح لها بزيارة السرفاتي شرط أن يتزوجا !

ولم يطلق سراح ابراهام الا في عام 1991 نتيجة حملات مكثفة كبيرة ضد النظام المغربي وقتها تحت حكم الملك الراحل الحسن الثاني وللإرادة السياسية التي عبر عنها عمليا الملك من تلطيف للحياة السياسية عبر إطلاق سراح السرفاتي وفك الحصار عن شيخ الأصوليين المغاربة عبد السلام ياسين.

ليجبر مرة أخرى ابراهام وزوجته على المنفى بفرنسا طيلة ثماني سنوات بعد أن ادعى وزير الداخلية السابق ادريس البصري بان ابراهام ليس مواطنا مغربيا.
ونتيجة حملات أخرى يروي الكتاب تفاصيلها سيستطيع آل السرفاتي العودة اخيرا للمغرب سنة 1999 معززين مكرمين مستقبلين من طرف مبعوث خاص للملك ومقيمين في شقة تبرع بها القصر الملكي عليهما.
طبعا عنوان الكتاب "ذاكرة الآخر" فيه رد مبطن على كتاب صدر للملك الحسن الثاني يروي من خلاله تفاصيل هامة من حياته ومساره السياسي اذ كان الكتاب يحمل عنوان "ذاكرة ملك".
وبعيدا عن الكثافة السياسية للكتاب فانه يعبر أيضا عن مغامرة بشرية ونضال مستميت من أجل قضايا انسانية كونية.