&
يحتاج مشروع الاصلاح والتحديث في المملكة الى توفير كل العوامل والمناخ الملائمين لينمو باعتباره الضمانة الأكيدة لمستقبل مشرف لهذا الوطن، وذلك عبر تقديم مختلف صور الدعم والمساندة اللازمين لانجاحه وربما كان من أهم تلك العوامل هو مواصلة إجراءات بناء الثقة من جانب الدولة من أجل تأمين انتظام تقدم حركة الإصلاح وعدم تجمدها . كما ان من شأن التفاعل الوطني العام من قبل الجمعيات والرموز السياسية والاجتماعية الفاعلة ان يجسد المشاركة والتعددية في صناعة القرار المجتمعي من جانب القوى والجمعيات والرموز الوطنية الفاعلة.
وهنالك مهمة لا تقل أهمية عن سابقتها من حيث الجسامة والأثر، بل ان هذه المهمة يجب ان تسبق تلك كي تمهد لها وتسهل تطبيقها على الأرض ونعني بذلك أهمية التوقف عن إصدار القوانين والنظم كما حصل مع قانون المطبوعات والصحافة والنشر الذي صدر قبل أيام والذي يشكل صدمة كبيرة لمختلف قطاعات وقوى المجتمع. وكذلك التوقف عن تسييس التعيينات الإدارية التي تعيد رسم الساحة الوطنية المحلية وتؤثر في إطاراتها ومكوناتها الموضوعية فهذه المهمة يجب ان تترك لمجلس النواب الذي أنتخب الشهر الماضي ليؤديها، في مهمته الرئيسية التي أناطه بها الدستور، كما ان من الأهمية بمكان البعد عن ممارسة ذات الأساليب الإدارية السابقة وخصوصاً "نظام الامتيازات" الذي ساعد على تكريس الأمراض الاجتماعية والانتقاص من حقوق أعداد غفيرة من المواطنين في الحصول على حقوقهم الطبيعية التي نص عليها الدستور كالعمل في مرافق الدولة ومؤسساتها كافة من دون قيود أو تمييز، وكذلك الحصول على السكن المناسب وعلى مختلف أنواع الخدمات الأخرى.
علما أن هذا النظام قد تسبب في حرمان عملية التنمية الوطنية من الاستفادة من العناصر المؤهلة والكفؤة لا لشئ الا لكونهم من منطقة معينة أو لأنهم يحملون أسماء معينة، عدا عن مساهمة هذا النظام مساهمة رئيسية في خلق مشكلة البطالة التي ينوء تحت وطأتها المجتمع وتراوح حولها المؤسسات الرسمية منذ أعوام عبر معالجات لا تلامس جوهرها. ومن ذلك نرى ان أكبر دعم لمشروع الاصلاح يمكن ان يقوم به المسئولون والمعنيون هو إنهاء العمل بنظام الامتيازات وعدم تسييس القرار الإداري في الاقتصاد واعتماد المساواة وتكافؤ الفرص عوضا عن معايير هذا النظام الامتيازاتي المسئول عن جوهر مشكلتنا التنموية.