عرفات مدابش*
&
لم يشهد التاريخ الإسلامي، خلال القرون المنصرمة على وجود هذا الدين الحنيف، وعلى الرسالة المحمدية ــ على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم ــ هجمة تستهدفه والقواعد والأسس التي قام عليها كدين سماوي كما يشهد في الوقت الراهن.. ولا احد ينكر اليوم أن للإسلام أعداء كثر من أرباب الديانات الأخرى،&ولكن هؤلاء الأعداء وعدائهم الذي يكنونه لديننا،& يستترون وراء أقنعة كثيرة،& لكن اخطر الأعداء هم أبناء الدين الإسلامي نفسه، فهم اشد خطورة من غير المسلمين الذين يبدون العداء للإسلام. ولعل من الملفت للانتباه أن الذين يظهرون العداء للإسلام قلة ولا يعلنون ذلك صراحة.
&تعرض الإسلام لحملات عدائية كثيرة للإجهاز عليه من دول وإمبراطوريات متعددة جميعها ولت واندثرت وأصبحت من أحاديث التاريخ، لكن لم يسبق لأي من أؤلئك الأعداء أن طلب من المسلمين ــ صراحة ــ أن يكفوا عن قراءة القرءان والأخذ بالتعاليم السماوية التي يحتويها،& كما يواجه معتنقو هذا الدين اليوم المطالبين بتغيير مناهج التربية الإسلامية وبالأخص فيما يتعلق بالجهاد وباليهود الذين يكنون ــ أكثر من غيرهم العداء للإسلام والمسلمين ــ وغير ذلك مما هو ذو صلة.!!
منذ فترة يطلع علينا حكام "البيت البيض" ويطالبوننا بتغيير المنهج التي ندرسها لأبنائنا بحجة أنها تحتوي على ما يحض على الجهاد والعداء للآخرين.. وهذه ورب الكعبة بجاحة ما بعدها بجاحة وصلف وغطرسة غير مسبوق، وهل يجرؤ احد منا ــ العرب والمسلمين ــ على أن يطلب هذا الطلب منهم،& أي أن يغيروا منهجهم الدراسية وتعاليمهم السماوية في بلادهم ؟!!
بالتأكيد.. لا..
&
الحرب ضد الإرهاب
&
يقول البعض أن الحرب الأمريكية ضد الإرهاب هي حرب ضد الإسلام كدين ومعتقد ولعل من زلات الرئيس الأمريكي بوش الابن قوله أو ما نقل عنه من قول بان هذه الحرب هي صليبية وما يعنيه ذلك من عودة لفتح كتب التاريخ القديم والحملات الصليبية على بلاد العرب والمسلمين.. وان تجاهلنا عمداً كلام بوش ومغزى هذه الحرب، فان المطلب الأمريكي بتغيير المناهج لابد له من إجابة وافية شافية للمسلمين عامة وليس العرب وحدهم عن حقيقة هذا الطلب ومن يقف ورائه بالضبط، وبالتأكيد سيقبل العرب والمسلمون أي إجابة مهما كانت (!!) ولسنا بصدد معرفة الإجابة لجهل.. بالعكس،&ولكن لان الإجابة تعني التحاور والحوار يعني العقلانية والقبول بالآخر،&أما من يقف وراء ذلك فنحن نعرفه جيداً. !!
&
حوار الحضارات&
&
إن مسألة حوار الحضارات بدلاً من صدام الحضارات وهي الدعوات التي تطلق في هذا العصر من قبل الكثير من المثقفين والمفكرين في أنحاء كثيرة من العالم وهي دعوات إنسانية تحاول أن تجنب حضارات العالم الحروب والدمار الذي يحاول متغطرسون من حكام العالم خوضها لإرضاء أهواء ونزوات القتل والاستيلاء على ثروات الآخرين، لكن ــ ومع الأسف الشديد ــ فان مثل هذه الدعوات تلاقي أذان صماء وتجاهلاً من أصحاب القرار، بالرغم من معظمهم ينادي بالسلام ليل نهار في الوقت الذي يقوم بكل ما ينقض "هذا الوضوء ". !!
&
الجهاد.. الخطر
&
إن المسلمين مطالبين اليوم بترك الجهاد وهو إحدى الفرائض الربانية على من يعتنقون الدين الإسلامي الحنيف. وهذه النقطة شديدة الخطورة في الحاضر والمستقبل، وهي بحاجة إلى نقاش متأن وعقلاني نظراً للمخاطر التي تجرها الفكرة والخطوات التي تتبع أو ستتبع لتنفيذها. وليس بخاف أن الولايات المتحدة الأمريكية تمارس الضغوط على العرب والمسلمين من اجل تغيير المناهج وليس منع الجهاد في الوقت الرهن وهذا يعني أن الخطط طويلة الأمد وليس متعلقة بالوقت الراهن،& فهم يرغبون في جيل عربي ومسلم متخل عن معتقداته الدينية، لا يعرف أن دينه يحضه على الدفاع عن نفسه وعن هذا الدين إن تعرض لأي مخاطر من الأعداء، إذا المسألة هي مسخ الأجيال المقبلة وجعلها أكثر تبعية وما يعني ذلك من مسخ للهوية العربية والإسلامية والوطنية التي مازلنا نحافظ على حفنة منها ونحاول أن نغرسها في نفوس أبنائنا.. والسؤال دائماً أمام مثل هذه المطالب الغريبة هو : لماذا هذا ؟ والجواب طبعاً ودائماً هو القضاء على أي رد فعل للدفاع عن الأوطان والمقدسات والمعتقدات في المهد.!!
لا اعتقد أن للأمر علاقة بالحاضر والمجاهدين في أكثر من بقعة من العالم الإسلامي، لان أمريكا هاهي تتولى أمرهم وتحاربهم وتقتلهم بوحشية ودون أحكام القضاء وبطرق لا يقرها أي من الحاديان السماوية،& وبالأخص اولئك الذين خرجوا من عباءتها ذات يوم عندما كانت تقود الحرب الباردة. لكن وعلى ما يبدو فان خطط واشنطن بعيدة المدى تهدف إلى استئصال روح المقاومة من الصغار قبل أن تيتمهم سواءً بالقتل للآباء أو نزع الإرادة منهم. وأظن أن من الغباء "المركب" أن يعتقد البعض أن الفكرة ــ المشروع حديثة،&فعلى العكس من ذلك،& نظنها قديمة،& قدم أشياء كثيرة في حياتنا،& ولا يمكن فصلها عن كل ما حل بالعرب والمسلمين من هزائم ونكسات وعن كل ما خسروه وبالذات خلال القرن المنصرم وزرع دولة الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية.
وأظن أن الحديث عن الجرح الفلسطيني النازف،&حديث مؤثر لا نقوى عليه لان الضعف والوهن بلغ منا كل مبلغ،& لكن ومع ذلك فلابد من الإشارة إلى الموقف الامريكي الذي يمكن القول عليه انه عدائي من قضيتنا الأولى ومنحاز لعدونا بشكل سافر ومقيت. وهذا الموقف الذي يعتبر الدفاع عن النفس إرهاباً،& فما بالنا بالدفاع عن الدين والمقدسات الإسلامية التي لم نهب بعد للدفاع عنها وكل ما يقوم به إخواننا الفلسطينيون الآن هو الدفاع عن أنفسهم فحسب بما توفر ويتوفر لهم من وسائل الدفاع عن النفس،&أمام جيش بأكمله، وفي المحصلة فان أمريكا تنظر إليهم كإرهابيين.. مع الأسف.. وتحاول أن تجهض المقاومة وتقضي عليها نيابة عن العدو.. أي أنها وضعت نفسها مكانه. !!
&
الإخطبوط الامريكي
&
إن الولايات المتحدة الأمريكية مثل الإخطبوط في الوقت الراهن، فهي في كل بقاع العالم تفرض سيطرتها وتحاول فرض هذه السيطرة على الآخرين لتبقى هي الوحيدة في العالم لا يوجد فيه من يقول لها ( لا )، ولها ضلع، بل إضلاع في كل مشاكل الدنيا،&لكن مشكلتنا معها حول المناهج تكاد تكون الخطر والاهم حالياً نظراً لمترتباتها المستقبلية علينا كأمة بأكملها، ويمكن القول أن القراءة الأولية لهذا المشروع تنذر بصرا عات "حامية الوطيس" في كل الأرض التي عليها مسلمون، بمعنى آخر أن أمريكا ستخوذ حرباً طويلة الأمد ضد المسلمين قاطبة،& بغض النظر عن أشكال وأنواع هذه الحرب.
ولعل المتشائمين ينظرون إلى مطالبة واشنطن السعودية أو غيرها من الدول العربية والإسلامية بتغيير المناهج وطرق تنفيذ هذا المطلب ويعتقدون أنها ستقود إلى مواجهة في السنوات القليلة المقبلة, لان الأنظمة التي مازالت تحتفظ بقليل من ماء الحياء أو الخوف من قبول خطوة كهذه،& ستواجه بخطوات أمريكية لتغييرها قبل تغيير المناهج، وهذا يفسر لنا حقيقة المخطط الامريكي للمنطقة وتقسيمها غلى دول ودويلات بدءً بالعراق مروراً ربما بسوريا أو السعودية آو إيران أو غيرها، تحت أكثر من غطاء وحجة. ولعل هذه المواجهة المرتقبة مع الأنظمة تظل مستبعدة حالياً في ظل الحال العربي الإسلامي المتردي والمتفكك، لكنها تظل قائمة مع الشعوب العربية والإسلامية التي لن تقبل ذلك البتة وليس ببعيد أن تٌولد هذه المخططات جماعات إسلامية أكثر تشدداً واعتى قوة من الموجودة حالياً تستند إلى شرعية الدفاع عن المعتقد وتحظى بدعم شعبي واسع النطاق،& الأمر الذي يعني أن الأنظمة القائمة ستكون في خطر حقيقي لا يقل عن الخطر الذي يحدق بالامريكان ومصالحهم في العالم كله،& ويعني ذلك أيضا أن مناطق كثيرة من الكرة الأرضية ستكون مسرحاً لحرب غير منظمة.. ولكنها عنيفة وقوية.. فهل تقدر أمريكا عليها ؟!!
* صحافي يمني