مجدي خليل
&
بتاريخ 11/11/2002 كتب المدعو عصام الطاهر مقال طويل في صحيفة القدس العربي&يهاجم بيان المائة. وفي الغالب أنا لا أرد على الهجوم والشتائم التي تطولني شخصيا ليس تسامحا ولكنني لا أرد لأنني أعلم أن مهاجميني في الغالب هم عملاء وموظفين لدى أنظمة بائسة اومتطرفين دينيين وأعداء للحريات، ولهذا لا أحفل بالرد عليهم، وخاصة وهم غالبا لا يكتبون بأسماءهم الحقيقية. إنما اكتب هذه المرة لأنه تطاول على مثقفين محترمين وقعوا البيان دفاعا عن مثقف مظلوم يعاني المرض والوحدة وراء الأسوار ولا يملك أن يقدم لهم شئ سوى الشكر. وقد أرسل سعد الدين إبراهيم بالفعل لكل منهم تحية من وراء الأسوار جاء فيها " قرأت بتأثر شديد بيان المائة الذي وقعتم عليه ضمن آخرين من مثقفين عرب مشهود لهم بالنزاهة والاستنارة والشجاعة. كما تشاركني أسرتي في التعبير لكم بالشكر من أعماقنا لا فقط على توقيعكم على البيان ولكن لإعادة الثقة في أن أمتنا بين أبناءها من الأحرار ما يبعث على الأمل في اللحاق بمواكب الديموقراطية والتقدم في القرن الحادي والعشرين، توقيع سعد الدين إبراهيم سجين الرأي والضمير.
أما ما يجعلني أقول المدعو عصام الطاهر، لأنني بالفعل اتصلت بكتاب أردنيين معروفين ومنهم نقيب سابق& للصحفيين وقد سألتهم هل هناك كاتب أردني يسمي د. عصام الطاهر فنفوا جميعا علمهم بهذا الاسم في الأردن سواء صحفيا أم كاتبا أم مثقفا وقد رجح ذلك عندي أنه غير معروف او يخفي أسمه الحقيقي. وقد تفضل أحد الأصدقاء وأرسل لي مقالة كتبها المدعو عصام الطاهر في صحيفة القدس العربي بتاريخ 27/ 8/2001. بعنوان "حسين موسوى-- اسوأ من سلمان رشدي" وهي عبارة عن منشور إرهابي دموي يطالب فيه بقتل كل من يجتهدا ويخالفه في الرأي مصدرا فتواه بضرورة قتل حسين موسوي لكتابه "لله.. ثم التاريخ" وكذلك خليل عبد الكريم لكتبه "مجتمع يثرب"، "فترة التكوين في حياة الصادق الأمين" "شدو الربابة في تاريخ الصحابة "، و"النص المؤسس ومجتمعه" وكذلك سيد القمني لكتاباه "الأسطورة والتراث في الدولة الإسلامية" "والحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية".
وأختتم مقاله بفتوى قاتلة قال فيها " لقد أخطأ الأمام الخميني عندما أصدر فتواه بوجوب قتل سلمان رشدي، نقول أخطأ لأن رشدي بات بفضل هذه الفتوى موضع& حماية ورعاية كل عالم الغرب المعادي للإسلام، يستقبله الرؤساء ويمنحونه الجوائز والهدايا لقد كان الواجب أن يقتل أولا ثم تصدر فتوى بأن قتله جائز شرعا. ترى هل يتحقق ما توقعه الموسوي لنفسه، وهو الذي بز زميله سلمان رشدي والذي لو أجرينا مقارنه بين ما كتبه كل منهما لكان رشدي بريئا ؟؟!!" وبصرف النظر& عما ان كان السيد عصام الطاهر شخص حقيقى ام وهمى فهذا النص الارهابى الذى كتبه هو الذى يد ينه ويوضح الى اى نوع من البشر ينتمى لان الا نسان بكلامه يبرر وبكلامه يدان ويحكم عليه، وفي الحقيقة أنا لا أحفل ولا أخاف من هذه الأشياء، فليس عندي شئ اخفية واجندتي واضحة ومعلنة وهي الدفاع عن الديموقراطية والحريات وحقوق الإنسان والمجتمع المدني في العالم العربي، ويشرفني ويسعدني أن أتعاون مع أي بيان لتعضيد سجناء الرأي والضمير والفكر في العالم العربي.. وهذه ليست بطولة وإنما هو أقل واجب نقدمه لأشقائنا الذين يدفعون ثمن آرائهم وأفكارهم ولا يملكون سوى أقلامهم. وهو نفس السبب الذي من أجله ندافع عن سعد الدين إبراهيم ولا نخاف من موقف مشابه لسعد الدين إبراهيم أو ينتظر احد من الموقعين وظيفة كما ذكر في بذاءاته، ولو خفنا ما كنا كتبنا وجاهرنا بالدفاع عن سعد الدين إبراهيم.
وأحب أن أبلغ المدعو عصام الطاهر أن هناك الكثيرون في العالم العربي أصحاب ضمائر حية وبعد إصدار البيان أتصل بي كثيرون يطالبون بضم أسماءهم ولا يسعني إلا شكرهم جميعا خاصة د. حنان عشراوي التي كانت في واشنطن وقالت لي مديرة مكتبها أننا تحت الحصار ود. حنان تريد أن تجمع المثقفين في الأراضي المحتلة ليوقعوا معها على البيان ولكن هناك صعوبة الآن لوجود حظر التجول في رام الله. وكذلك د. عزمي بشارة الذي كان في لندن واتصلت بي مديرة مكتبه مرتين لتقول لي أن د. عزمي يرحب بتوقيعه على البيان.
ولعلي من هذا المنبر أنبه الصحف العربية لاستيفاء البيانات الكاملة عن شخصية الكاتب قبل نشر مقالاته وخاصة إذا كانت تحمل فكرا مدمرا أو فتاوى قتل كما كتب المدعو عصام الطاهر ففي الصحافة الأمريكية مثلا لا يلتفت إلى أي مقالات لا تحمل بيانات الكاتب كاملة وتشمل أسمه وعنوانه وصفته وأرقام تليفوناته والفاكس والبريد الألكتروني. وبعد إرسال المقالة لصحيفة أمريكية تستقبل على الفور رسالة الكترونية تقول إذ لم نتصل بك خلال أسبوع حاول نشرها في مكان آخر. وغالبا خلال يومين تستقبل اتصال تليفوني شخصي يبلغوك أنهم وافقوا على نشر المقالة في مقابل مبلغ مالي مقداره كذا ويقول أنه لا يحق لك نشر هذه المقالة في أي مكان آخر لمدة شهرين أو ثلاثة حسب سياسية كل صحيفة.
و د. سعد الدين إبراهيم لا يحتاج شهادتي فقد أصبح بالفعل "سجين ضمير " وخلال الشهر الماضي فقط حصل على ثلاثة جوائز فقدم له بيت الحرية بواشنطن جائزة خاصة باسم بيتى باولورد "رئيسة الشرف 1993- 2001" و جائزة حقوق الإنسان مشاركة مع ناشطة حقوق الإنسان الأفغانية سيما سمر من لجنة& المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم ومقرها نيويورك، وقبلها وفي نفس الشهر منحه الاتحاد الأوروبي جائزة خاصة لدفاعه عن حقوق الإنسان والديموقراطية مشاركة مع ناشطة حقوق الإنسان التونسية سهام بن سدرين، وللعلم أنه تم ترشيح سعد الدين إبراهيم لجائزة نوبل وتلي أسمه بين المرشحين ولكنها كانت من نصيب الرئيس السابق جيمي كارتر الذي كان يستحق نوبل منذ سنوات طويلة.
إنني أتألم من الافتراءت التي تتهم سعد الدين إبراهيم بالعمالة وغيرها من التهم وأؤكد أن الغرض الأساسي من حبسه كان هو وقف نشاطه لتناوله قضايا مسكوت عنها في الحياة السياسية المصرية وعندي الدليل أولا : تحدث محامي سعد الدين إبراهيم، فريد الديب للفضائية المصرية وقال أنه تلقي طلب من مسئولين كبار في مصر بتخلي سعد الدين إبراهيم عن نشاطه في مقابل حفظ قضيته، وواصل فريد الديب الذي انسحب بعد ذلك من الدفاع عن سعد، لأن سعد الدين إبراهيم حسب قوله رفض التخلي عن نشاطه وأصر على تسييس قضيته فهل دولة تساوم عميل كما يدعون.
وللعلم نشطاء حقوق إنسان فى مصر يعيبون على سعد أنه قبل أن يحاكم جنائيا ويقولون كان يجب عليه أن يصر أن تكون المحاكمة سياسية وليست جنائية لأن قضيته مائة في المائة سياسية.
ثانيا : ذكر سعد الدين إبراهيم في كلمته التي ألقتها نيابة عنه بالإنجليزية زوجته أمام منظمة بيت الحرية بواشنطن ذكر أنه طلب منى تلميحا أحيانا وصراحة أحيانا أخرى أما أن أترك الحياة العامة أو أعود إلى السجن.
&
وفيما يلي نص الكلمة كاملة التي أرسلها سعد الدين إبراهيم من سجنه وقرأتها زوجته في الاحتفال الذي أقيم في واشنطن بمناسبة تكريمه ومنها نعرف معدن الرجل ومدى صلابته وإصراره في الدفاع عن حقه في التفكير والتعبير الحر.
كلمة شكر وامتنان
&&&& أصدقائي، لا شئ يرفع الروح المعنوية لسجين ضمير أكثر من أن يتذكره أمثاله من المدافعين عن حقوق الإنسان.
&&& عندما اعتقلت و احتجزت لأول مرة قبل حوالي عامين ونصف، كانت أول زيارة لي في السجن لوفد من بيت الحرية. وكان تأثري عميقا عندما رأيت بول مارشال وجوزيف أسعد، وأدركت كما أنا مدرك الآن أنني لست وحدي في النضال من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان.
&&& وبعد عام وثلاثة أشهر كنت في سجني الانفرادي عندما أخذوني إلى قاعة الاجتماعات حيث يوجد جهاز تليفزيون لأترجم لحراس ونزلاء السجن ما يحدث في نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر وقد أذهلني ما أشاهد كما أذهل غيري. وفجأة تذكرت أن زوجتي بربارا في نيويورك. وابنتي راندا كان مقررا وصولها إلى نيويورك نفس اليوم.. وكان ما أشاهده يحدث أمامي دقيقة بدقيقة وترجمة وتفسير المشاهد الفظيعة التي تتوالى على شاشة التلفزيون لضباط السجن، وأنا في سجن مصري كان الامر بالنسبة لى لا يمكن تصديقه.&
&&& وبعد ساعات قليلة عدت إلى زنزانتي وقد طار النوم من عيني، وأنا أفكر في زوجتي وابنتي، وحجم الموت والخراب. وتضاءل سجني المأسوي بالمقارنة إلى المأساة الأمريكية التي سرعان ما أصبحت مأساة عالمية. وعند بزوغ الفجر تحول ذهني المكدود، وروحي المرهقة، وجسمي المنهك إلى دموع غزيرة أسلمتني إلى نوم ساعة أو بعض ساعة وذهب بي التفكير إلى أن كل هذه المآسي مترابطة على نحو ما، فالمجتمعات التي لا توفر مساحة كافية لمواطنيها للمشاركة والتعبير سوف تتحول المعارضة والانشقاق في النهاية إلى رد فعل غاضب ملتو مهلك.
أصدقائي في بيت الحرية
&&& هذه هي المرة الثانية التي أكرم فيها في هذا البيت العظيم، بيت الحرية، المرة الأولى كانت منذ ثلاث سنوات، ثم عندما بدأت معاناتي الحالية تعلن على الملأ، ومنذ ذلك الحين تحولت إلى صدام بين الإرادات.
&&& وبعد وقت قصير من مغادرتي لواشنطن أندلع صدام طائفي كريه بين المسيحيين والمسلمين في قرية الكشح في الصعيد، قتل فيه ثلاثون شخصا وجرح كثيرون، وحرقت ونهبت حوالي 100 محل وبيت، ولم يكن هذا النزاع الطائفي الأول في مصر الحديثة فقد وقع 55 صداما مماثلا على مدى ثلاثة عقود، ولكن واقعة الكشح كانت أفظعها وأكبرها.
&&& والحديث علنا عما حدث في الكشح، وليس فقط عن العنف المدني، و التقارير التى كشفناها حول تناول قوات الشرطة لما حدث اعتبرته أجهزة الأمن الرسمية في مصر تشنيعا بها.
&&&& وتنظيم وجمع توقيعات 500 من الشخصيات العامة على بيان يتضمن توصيات سياسية لوضع حد للنزاع الطائفي الذي بدأ في الظهور أعتبر تحديا صريحا، والتنوية علنا عن خطورة مشكلة النزاع الطائفي أعتبر تشويها لصورة مصر المتسامحة التي لا تشوبها شائبة. وجريمة تستحق العقاب. وسرعان ما علمت أنه بمقتضى قانون صدر في العشرينات حوكم مواطن مصري آخر على هذه الجريمة.
&&&& والحقيقة أن صوت الإنشقاق والمعارضة في كل هذا كان صوت رجل مسلم، وعالم اجتماع معروف، ومدافع له مصداقيته عن حقوق الإنسان. مما يجعل من الصعب صرف النظر عما يقوله ويكتبه. وفي نفس الوقت كان مركز أبن خلدون الذي أنشأته يقوم بتدريب بعض الشباب على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان ورصد الانتخابات المحلية.. وأولئك الذين أغضبهم ما أفعل قرروا استئصال سعد الدين إبراهيم من الحياة العامة في مصر.
&&&& ففي ليلة 30 يونيو سنة 2000 بعد واقعة الكشح بستة أشهر قبض على للمرة الأولى واحتجزت 45 يوما. وجرى استجوابي مع 27 من زملائي في مركز أبن خلدون، وجماعة الناخبات المصريات.
&&& وخلال السنوات الثلاثة الأخيرة، جرت محاكمتي مرتين، وأمامي محاكمة ثالثة. كل هذا أمام محاكم وفي ظل قوانين أنشئت ووضعت& بمقتضى قانون الطوارئ.
&&& وتم احتجازي في مركزين من مراكز الاحتجاز، وسجنت في ثلاثة سجون وطوال الوقت كانت لي خياراتي.. وقد طلب مني تلميحا أحيانا، وصراحة أحيانا أن التزم الصمت، وأمتنع عن الكلام علنا والامتناع عن الدفاع عن حقوق الأقلية، ووقف التدريب على رصد الانتخابات. وباختصار طلب مني إما أن أترك الحياة العامة أو أعود إلى السجن.
&&& واتخذت خياري، ولست نادما عليه، فعلى الرغم من معاناتي الشخصية ومعاناة أسرتي وأصدقائي،& ومركز أبن خلدون وتلاميذي. كنت واثقا أنه مهما كانت تضحياتي ومعاناة القريبين إلى. فلن يذهب كل هذا سدى.
&&& فبلدي مصر وعالمي المسلم يستحقان حكما أفضل، وحرية الصحافة، ويستحقان الانضمام إلى مجتمع الديموقراطيات ولا يستحقان أن يعيشا في خوف... هذا هو حلمي.
&&& أنه حلم الملايين من المصريين والعرب والمسلمين الذين لا صوت لهم.
&&& وأفضل أن أعبر عن حلمي وحلمهم من وراء القضبان أمام بيت الحرية لا أن أعيش بقية عمري صامتا أتمتع بالراحة.
&&& وأبتهل إلى الله أن يهتم الزعماء من الجانبين بما أقول. أننا نعيش في عالم يجب أن يعمل من خلال حكم القانون والحوار. والتحالفات المتعددة الأطراف من أولئك الذين يشاركوننا قيمنا، ودعم حق تقرير المصير لجميع الشعوب. والبديل لهذا فظيع غاية الفظاعة. حلقات من العنف والعدوان، واستجابة الإرهابيين التي يثيرها هذا العنف والعدوان. وأملي أن تقفوا معنا، والحرية تستطيع إنقاذنا جميعا.
سعد الدين إبراهيم
سجن طرة، القاهرة
&
كاتب وباحت - نيويورك&&
&