إيلاف - مكتب باريس: صدر عن دار الساقي كتاب جديد لفريد هاليداي "الكونية الجذرية لا العولمة المتردِّدة"، قام بترجمته خالد الحروب. يقع الكتاب في 238 صفحة من القطع الكبير، ويتوزع إلى عشرة فصول كل فصل يتشظى أقساما صغيرة معنون. كما يضم مقدمة للمؤلف كتبت خصيصا للطبعة العربية، ومقدمة المترجم التلخيصية.
بحكم احتكاكه عن كثب بالحركة اليسارية البريطانية، واطلاعه العميق على معضلات الشرق الاوسط السياسية ، استطاع فريد هاليداي استخلاص عبر ورؤى تتميز بالواقعية لما يمكن ان يكشف عنه مطلع القرن الواحد والعشرين ويفاجئنا به. فجاء كتابه مراجعة نقدية لمجمل الأحداث والتواريخ والتحركات الاجتماعية والارقام الاقتصادية التي اعطت القرن العشرين بعدا ايديولوجيا، ثقافيا نظرية وممارسة، لم تعرفه القرون السابقة. هكذا راح يقلب كل النظريات والتحليلات الكارثية والتفاؤلية، في كل اتجاه ليبين لنا غلوها وضعفها وما تنطوي عليه من فهم متعثر ودوغمائي لما يجري في كواليس التغيرات الجديدة. فالعالم المعاصر منفتح على وظائف جديدة، تعريفات متجددة وبالتالي على قضايا ملحة تستوجب حلولا ممكنة من خلال العمل على تطور "السوق الاشتراكي حيث التركيز على إعادة هيكلة الدولة لناحية نزع بعض وسائل التوجيه التقليدية التي اعتادت احتكارَها ومنحها وظائفَ جديدة لم تكن داخلة في تعريفها. ويندرج في هذا أيضا، التركيز على تطوير ثقافة مجتمع مدني واسعة مهتمة مركزيا بقضايا ملحة مثل التعليم والعائلة والجريمة، والتركيز كذلك على محاربة البطالة والوصول الى امحاء البطالة، ثم اعادة بناء نظام الرعاية الاجتماعية والانخراط النشط في القضايا العالمية المشتركة"، كما وضح مترجم الكتاب في توطئته، وتجدر الاشارة هنا الى ان المترجم يستحق الثناء على جهده في صياغة النص بلغة عربية متينة وواضحة مما تساعد القارئ على التوغل بمتعة في مفازات الكتاب المتشعبة التي يرغمنا هاليداي على الولوج فيها.
فريد هاليداي لايقدم حلولا بقدر ما يريد ان نتخلص من بقايا احادية الافكار السابقة ومن ثنائية الشعار المعروف "الشيوعية او البربرية". فهو يشرح لنا مسارات الثورة وعدوها الدولة شرحا مستخلصا من خلاله تسوية. فالحاجة اليوم تتركز في خلق "نظرة الى العلاقات الدولية تتصف بالواقعية والنقدية، نظرة تشجيع التغيير، ترفض شرعية واستمرار ما هو موجود راهنا، ولكن مبنية على الممكن". المثالية الواقعية هذه المبتغية تحقيق ما لم تستطعه معظم يافطات التحرر الذي راح ضحيتها ملايين من البشر، تطالب من كل خطوة&تستهدف رفاهية إنسانية، أن "تبدأ من نفطة فهم كيفية اشتغال العالم... وماذا يمكن أن نعمل للتأثير فيه". وهذا لا يعني اقرارا بـ"الأمر الواقع" ولا بطوباوية جديدة، وانما دعوة الى نظرة نقدية شاملة قادرة على التبصر في هذا وذاك في آن مستلةً منهما حل وسط حيث لا فراغ بل أبواب مفتوحة من الممكن.
&
"الكونية الجذرية لا العولمة المتردِّدة" كتاب يضيء الجانب المظلم مما كنا نحلم به واصبح فيما بعد عائقا، مما نخاف منه ولعله هو القابلة لمجتمع انساني.&&&