&
* عواصم الغرب "سترتاح منه مانحة دعما له في الشارع العربي"!
كتب نصـر المجالي: خبر صغير مطلع الاسبوع الماضي لا يتجاوز الاسطر الستة نشره تلفزيون هيئة الاذاعة البربطانية& ليس على شاشاته العديدة والعالمية منها وليس عبر الاذاعة ايضا، وانما على نشرتها المكتوبة (تليتيكس) والخبر يقول "يبدو ان زعيم شبكة (القاعدة) اسامة بن ردن اجرى تكتيكا جديدا لعمليات الارهابية، فهو الآن بدأ في الحرب ضد اسرائيل".
كان الخبر بالطبع "فتاشة" او طعما صغيرا لأسماك قرش كبيرة تبحر في اعالي البحار الاستراتيجية، واذ من بعد يومين فان الصحيفة الاسرائيلية "يديعوت آحر نوت"، تخرج بتحليل مطول لسياسيين وعسكريين سابقين ورجال موساد متقاعدين يحذرون فيها من ما اسموه "تكتيكات بن لادن الجديدة".
ويوم الثلاثاء الماضي فإن "واشنطن بوست" وهي الصحيفة الأقرب الى عصب القرار في الخارجية الاميركية خرجت هي الاخرى بتقرير وتحليل مماثل وسعت فيه دائرة التحليل المشفوعة بمعلومات من (مصادر خاصة) تتحدث هي الاخرى عن "تكتيكات بن لادن الجديدة".
ويوم الأربعاء والخميس الماضيين، فان صحيفتين كبيرتين قريبتان من القرار البريطاني هما "التايمز" و"ديلي تلغراف" تحدثتا في تقارير من القدس وواشنطن ومصادر استخبارات غربية عن ما اسميتاه "استراتيجيات بن لادن وليس تكتيكاته في نقل حربه للمواجهة مع اسرائيل".
لا بل ان "التايمز" استغربت قائلة "لماذا في هذا الوقت بالذات يقرر بن لادن توجيه هجمات ضد اهداف اسرائيلية؟".
واضح ان "هذا الطعم المعلوماتي عبر اجهزة استخبارات وقرار سياسي في عواصم غربية عديدة له معانيه ودلالاته ليس في مواجهتها مع زعيم شبكة (القاعدة)، بل لأن في وراء ذلك اهدافا استراتيجية لتلك العواصم ذاتها وخصوصا الكبيرة منها".
وتذهب تحليلات مراقبين امام "إيلاف" الى القول "هذا التسريب الواضح في المعلومة الصغيرة التي بدأت تكبر على خلفية العمليتين المزدوجتين ضد اهداف اسرائيلية في كينيا ليس له هدف مزدوج واحد ممكن احتمال التنفيذ على ساحة الشرق الاوسط التي تتشكل خرائطها في عواصم كبيرة من دون مشاركة اهل المنطقة التي تعودوا انتظار القرارات الصعبة حين تدق بواباتهم من دون استئذان؟".
واشاروا "اليس هذا ما واجهه شاه ايران في العام 1979 وهو كان الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة ودول غربية اخرى؟، اذ من دون استئذان اثاروا في الغرب ضده مسألة حقوق الانسان ومن بعد اسابيع كان يجول العواصم طائرا مفتشا عن قبر يأويه".
ويضيف هؤلاء ان الغريب هو ان اسرائيل ذاتها التقطت المعلومة وساهمت بتكبيرها وبدأت تخطيطاتها الاستراتيجية لمواجهة "تكتيكات واستراتيجيات زعيم شبكة (القاعدة) الارهابية المقبلة".
فبعد ساعات من حادثي كينيا، فان ارئيل شارون رئيس الوزراء استدعى ما يمكن ان يسمى (المحاربون القدامى) من رجال الاستخبارات، الموساد، اضافة الى رجال من وحدات من المظليين الخاصة، واعادهم الى واجهة العمل من مواقعهم المدنية والتقاعدية ودفع بهم جوا على الفور للذهاب لمحاربة شبكة (القاعدة) في كينيا.
ويستطرد المحللون في القول "الأغرب ان عملا عسكريا من هذا النوع يجب ان يتم في العرف الاستراتيجي في شكل سري، ولكن الاجهزة الاسرائيلية والغربية الاعلامية وسعت رقعة الحديثة عنه حتى انه اصبح الحدث المهم الان حين يكون التقرير او التحليل او القرار عن الحرب ضد الارهاب".
ولم يتوقف قرار شارون عند حدود كينيا وحسب بل انه دأب في اليومين الأخيرين على القول والتأكيد ان شبكة (القاعدة) موجودة في قوة في قطاع غزة والخليل، وهذا كلام حسب المراقبين لم يكن يجري الحديث او الاعلان عنه.
وشارون ايضا ومعه رجال الموساد جددوا الكلام عن وجود (القاعدة) على حدودهم الشمالية مع لبنان وفي العراق، ولذلك لابد من الحرب ضدهم بقوة وضربات ماحقة ساحقة.
اذن، يقول المحللون، امام "إيلاف" صارت الحرب الآن اسرائيلية قاعدية، وان بن لادن هو الزعيم العربي الاسلامي الوحيد الذي يحاصر بوابات اسرائيل من داخلها ومن خارجها وهو في غزة والخليل وجنوب لبنان، وغدا رب قائل يقول "ان اسامة بن لادن يخوض حرب شوارع معلنة مع الكوماندوز الاسرائيليين في قلب القدس قبلة الاسلام الاولى".
ويسأل هؤلاء في القول الآتي: لماذ تحديدا في اطار الهجمة الاعلامية على المملكة العربية السعودية وهي حليف استراتيجي للولايات المتحدة تكبير دور اسامة بن لادن وجعل حربه الشاملة على بوابات اسرائيل ومعها؟.
لكن السؤال يحمل معناه في رأي مراقب "بالطبع فالشارع العربي سيلتهب وراء بن لادن وان لا نلحظ هذا علانية اليوم فقد يتم غدا، او ليس هذا هو المقدمة الاولى للخرائط الجديدة التي ظلت الولايات المتحدة ودوائرها تنفيها على الدوام حفاظا على صداقة الاصدقاء والحلفاء المعتدلين، وان حربهما مشتركة ضد الارهاب؟.
ويعيد مراقب اعلامي "إيلاف" الى مقال كتبه ضابط سابق في الجيش الاسرائيلي هو البريغادير آريد ارداد وهو عضو في حزب اليميني (موليديت) واحد صقوره، وقال المراقب مقال كهذا سيجعل الشارع العربي "ينسى حاله مهووسا ليلهث وراء امام غائب هو بن لادن لا احد يدري عنه اينه الآن مسقطا كل شيء امامه لهثا وراء من يقاتل اسرائيل بضراوة، وبالطبع لن يرميها في البحر".
وذا نصح المراقب الاعلامي نشر المقال الذي كتبه الضابط الاسرائيلي الذي ستتفاعل معه ومع مقالات غيره تأتي احداث واحاديث واشاعات وتطورات، فاذا كان الفلسطينيون رأوا صورة صدام حسين في العام 1990 على وجه القمر، فماذا سيمكن ان يقول الشارع الاسلامي والعربي الحاقد على اسرائيل وبعض الانظمة، اذا ما تغلغلت الى اذهانة الاخبار الصغيرة المدروسة بعناية نفسانيا؟.
&
مقال الضابط الاسرائيلي

والى مقال العميد آريد الداد الذي هو واحد يحمل اشارات كبيرة عن دور لمعارك مفترضة في الخيال الاستخباري يقود رحاها بن لادن في مقابل الجيش الاسرائيلي الذي لا يهزم، لكن زعيم القاعدة سيهزمه!.
&
يحظر وجود مستوى سياسي "غير قابل للتصفية" لدى أي من التنظيمات الإرهابية
على طول الأروقة المظلمة في مستشفى مومباسا، عند الساعة الثالثة فجرًا، مرت من أمامنا ممرضة سوداء ترتدي ملابس ناصعة البياض. إنها مثل فراشة كبيرة، جاءت من عالم آخر. تحت الناموسية البيضاء رقد الجريح، خالدًا إلى نومه. وإلى جانب السرير، جلست على فرشة، زوجته وولداه الاثنان. لقد التفوا هم أيضا بناموسية لتقيهم من حشرات الملاريا، وغطوا في نوم عميق. آلام الإصابة الشديدة هدأت، وقد تم تنظيف الدماء ولأم الجراح، لكن تعابير الذهول لم تمّحِ عن الوجوه.
كم من المسافات البعيدة قطعوا، قادمين من بيتهم في إسرائيل إلى هذه الجنة الاستوائية، إلى شاطئ المحيط الهندي، هرباً من الأعمال البشعة التي غدت أمرًا اعتياديًا لدينا - ليس إلاّ ليلتقوا هنا، في فندق "برادايس" في مومباسا، بالموت الخاطف، بالجراح الممزقة، بالحروق والصدمة.
وفكرت قائلاً: الإرهاب يطاردنا في العالم كله. لكنه لا يطاردنا وحدنا: فلقد أصاب الأميركان في نيويورك والأستراليين في بالي والألمان في جزيرة جربة. في كل مكان يحاربنا العرب أو المسلمون، أو يحاربون كل ما يعتبر حضارة غربية. لكن، إذا كان الإرهاب عالميًا، فكيف يمكن لأي كان أن يتسلى، وبجدية، بالوهم أنه يمكننا العيش بسلام، إذا تنازلنا قليلاً عن الأرض، عن القدس، ووافقنا على حق العودة؟ كيف يمكن لهذا كله أن يمنع رجال القاعدة من قتل الآلاف؟ ولماذا تتخلى حماس عن السلاح، إذا كان من يمولها في إيران أو في السعودية يعتبر أعمال القتل الجماعي مجرد فصل آخر من فصول الحرب الإسلامية ضد الغرب؟
حقـًا، إن الإرهاب لا يعترف بحدود سياسية. فهو سيطارد الإسرائيليين واليهود في كل مكان في العالم، ولسوف يسره سفك دمائهم. الإرهاب لا يهتم في الحقيقة بالمسألة التي تشغل بعض الأوساط لدينا: هل يستهدف القتل الجنود والمستوطنين فقط؟ هل ينفذ في هذا الجانب من الخط الأخضر، أو في ذاك الجانب؟ إنه لا حدود له.
ولذلك، يتحتم علينا نحن أيضًا إزالة الحدود المصطنعة التي وضعناها في الحرب ضد الإرهاب، وإزالة التفريق المصطنع بين القيادة العسكرية والقيادة السياسية للإرهاب. فهذا يغتالونه عبر اعتراض منظم، وذاك يفاوضونه أو يتمنون اللحظة التي يرضى فيها بإجراء مفاوضات معنا. إنهم يقتلون القاتل البسيط، الذي يرتكب فعلته لمرة واحدة، ويمنحون من يواظب على القتل ويرسل القتلة إلى شوارعنا ويمولهم، مكانة دولية شرعية، ويعتبرونه شريكـًا في المفاوضات "لأن السلام يصنع مع الأعداء".
إذا تم فرض حكم واحد على آخر الانتحاريين في حركة حماس، وعلى الشيخ أحمد ياسين، وإذا لم نتردد في مسألة ما إذا كان حسن نصرالله يعتبر من القيادة السياسية التي يتحتم التحفظ عليها وتنميتها، أو من القيادة العسكرية ويستحق صاروخًا بين عينيه، وإذا فهمنا أن الجهاد الإسلامي لا يملك قيادة سياسية غير قابلة للتصفية - فسنتوصل إلى الاستنتاج ذاته بشأن السلطة الفلسطينية، التنظيم المسلح الكبير الذي جلبناه لأنفسنا بأيدينا. من غير المعقول أن يخاف الإسرائيليون على حياتهم في كل مكان في البلاد وفي العالم، فيما تتمتع رؤوس الثعابين، قادة تنظيمات القتل، بالحصانة الكاملة، التي تمنع اغتيالهم، لمجرد أن قائد القتلة صافح في يوم ما يدًا بيد جاك شيراك، أو عانق كلينتون، براك أو نتنياهو.
الإرهاب هو مشكلة عالمية، ولا حدود له. ولذلك، يحظر وضع حدود للحرب ضد الإرهاب. القاتل يبقى قاتلاً، وإن شارك في مائة مؤتمر دولي. المشكلة العالمية تتطلب حلاً عالميًا: يجب عدم السماح بإقامة دولة للإرهاب، يجب الحؤول دون ذلك بكل ثمن. يحظر أن تكون للإرهاب قيادة سياسية، ويحظر منح أي شخص من قيادته مكانة كهذه، تحول دون تصفيته"".