عبدالكريم حشيش
&
بعيداً عن حالة الحكمة المخيفة التي بدأت تغلف تصريحات الولايات المتحدة الأميركية من العراق ورئيسها. وبعيداً عن هذا التعقل المفرط من جانب إدارة البيت الأبيض في التعاطي مع انصياع نظام العراق لقرارات مجلس الأمن حتى أن الرئيس الأميركي بدا وربما لأول مرة منذ مجيئه رئيساً- رجلاً رزيناً فلم يعد ينطق بما كان يستفزنا نحن العرب من أقوال مليئة بالتعالي واللامبالاة وأخذ الرئيس الابن بوش الثاني في إعطاء جمل هادئة تميل إلى الغموض وخالية على رأي الزميل حمادة إمام من الكلسترول!
وسط هذا الهدوء المشوب بالحذر أو بالخطر فإن ملف التسليح العراقي الذي شرعت أميركا ومعها الأربعة الكبار في مجلس الأمن في مراجعته وبحث محتواه ليس في رأيي سوى كتاب أسود قصدت العراق من وراء تسليمه أن تسود عيشة دول ومنظمات وهيئات وأجهزة استخبارات كثيرة جداً، فالكتاب الذي تخلو صفحاته الاثنتي عشرة ألفاً من أي بياض يحتوي بلا شك على رحلة تسليح العراق المشروع منها وغير المشروع بما يعني احتواء الملف المؤلف من آلاف الصفحات على آلاف الأدلة التي تدين كثيرين جداً بينهم بكل تأكيد رؤساء وشخصيات بارزة وهيئات وشركات إلى آخر الحكاية وبداية فصول رواية الفضيحة!
وكتاب العراق إلى الأمم المتحدة أو تقريرها لنيل البراءة الدولية قد يبعد شبح الحرب لكنه لن يزحزح الولايات المتحدة الأميركية قيد أنملة عن أطماعها ومخططها الاستراتيجي وهذا الأخير بالتحديد ما شغل الجميع خلال الفترة الماضية من رؤساء ودبلوماسيين ودول اتفقوا جميعاً على الإقرار بشرعية المطامع الأميركية لكنهم يرغبون ويتمنون من الإدارة الأميركية أن تسعى إلى مآربها من دون حرب، وناشدوا أميركا المتقدمة أن تباشر بإجراء الجراحة الأميركية في العراق وفي المنطقة لكن من دون آلام، وقالوا لها جميعاً وفي لغة خليط بين التوسل والرجاء ألا تلجأ إلى مشرط الجراحة إلا عند الضرورة، وان يكون بديلها الأول والثاني وحتى العاشر هو استخدام المناظير الطبية الحديثة في إضعاف السرطان حتى يموت من نفسه!&وفي تقرير العراق أدلة أكثر من أن تحصى بما يحملنا إلى القول: قريباً ستسود وجوه كثيرة وبالتأكيد لن يكون الرئيس صدام وحده في الميدان!