كوبنهاغن -فيليب فالا: بعد ان قاد مسيرة التوسع القسرية الى الشرق وفتح ابوابه اكثر قليلا امام تركيا، لم يعد امام الاتحاد الاوروبي مفر من اجراء مناقشة عميقة لمسالة حدوده الجغرافية.&فقد كرست قمة كوبنهاغن، التي جرى خلالها الجمعة انهاء مفاوضات الانضمام مع عشرة اعضاء جدد، عملية توحيد تاريخية للقارة كانت موضع العديد من التسويات السياسية.
&وعملية التوسيع هذه، التي ادت الى تمديد حدود الاتحاد الاوروبي الجغرافية الى روسيا وضفاف آسيا، رسخت ايضا نهاية عملية "الهروب الى الامام" التي يمكن ان تهدد المشروع الاوروبي برمته باذابته في منطقة تبادل حر شاسعة كما حذر بعض القادة الاوروبيين في احاديث خاصة.&ويرى رئيس المفوضية الاوروبية رومانو برودي ان الوقت اصبح ملحا لاجراء هذا النوع من المناقشات في العلن. ودعا فور انتهاء قمة كوبنهاغن رؤساء الدول والحكومات الى "اطلاق نقاش حقيقي حول حدود اوروبا".
&هذا النقاش كان اول من اطلقه فاليري جيسكار ديستان رئيس المعاهدة بشان مستقبل اوروبا باعلانه المثير الشهر الماضي معارضته لضم تركيا الى الاتحاد.&وقد برر جيسكار ديستان معارضته انذاك بان "تركيا بلد قريب من اوروبا، بلد مهم، لكنها ليست بلدا اوروبيا".&وقد لقى تصريحه هذا اصداء فورية الا انه جاء متاخرا لتغير معطيات هذا الملف: فبعد اربعين عاما من الوعود والتعهدات التي قطعها الاوروبيون لتركيا بات انضمامها من قبيل تحصيل حاصل.
&وقال دبلوماسي فرنسي كبير ملخصا الوضع "المسالة لم تعد معرفة هل ستدخل (تركيا) ام لا بل متى ستدخل" الاتحاد. وفي بروكسل تكاثرت التكهنات بشان الموعد النهائي لانضمام تركيا مرجحة ان يكون عام 2010 او 2013 او 2015 كحد اقصى.&وعندئذ سيكون للاتحاد الاوروبي حدود مع العراق وسوريا وايران، الامر الذي يثير ارتياح وسرور الاميركيين الذين جعلوا من انضمام تركيا الى الكتلة الاوروبية اولوية استراتيجية.
&لكن كيف سيكون رد الاتحاد على اوكرانيا ودول القوقاز بل واسرائيل التي قد تطرق ابوابه قبل ذلك الحين؟.&بل ان المغرب قد يسعى بدوره الى تجربة فرصته من جديد رغم رفض الاوروبيين لطلبيه السابقين في 1984 و1988.&ومساء الجمعة رسم برودي، الذي يدافع عن رؤية فدرالية للاتحاد يتقسام فيها اعضاؤه مشروعا سياسيا طموحا مشتركا، ملامح خارطة قادمة للاتحاد الاوروبي تشمل رومانيا وبلغاريا، المتوقع ضمهما عام 2007، وتركيا ودول البلقان.&وبالنسبة للدول الاخرى يقترح رئيس المفوضية الاوروبية "انشاء دائرة اصدقاء" بفضل "سياسة جديدة تغطي علاقاتنا مع الدول التي تبدا من روسيا على البحر الاسود الى جنوب البحر المتوسط".
&لكن وفي الوقت نفسه عرض رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني على الصحافيين رؤية مختلفة جذريا. فهو يرى ان قمة كوبنهاغن شكلت "خطوة الى الامام" في بناء اوروبا كبرى يمكن، حسب تصوره، ان تضم روسيا واوكرانيا ومولدافيا واسرائيل.&وفي خضم هذا النقاش الحاسم يبدو قادة الاتحاد الاوروبي حاليا بعيدين عن الاتفاق على راي واحد.
&ويرى المستشار الالماني غيرهارد شرودر من جانبه ان على الاتحاد الاوروبي بعد كوبنهاغن ان يعكف في المقام الاول على "تعميقه".&وقال محذرا ان "اوروبا الموسعة يجب ان تبقى قابلة لان تدار" متطرقا الى اعمال المعاهدة بشان مستقبل اوروبا المكلفة بالانتهاء قبل حزيران/يونيو 2003 من تحديد الاصلاحات المؤسساتية التي لا بد منها لادارة وتسيير اتحاد اوروبي من 25 دولة عضو.