أحيانا وأنت تقرأ الجريدة فان ثمة عبارات تستوقفك ولقد عايشت نفس التجربة فى الاسبوع الماضى حين قرأت خبرا صحفيا لوكالة اسوشييتد بريس عن الاحتجاجات الطلابية المتصاعدة فى ايران ضد القادة الدينيين المتشددين وفى ثنايا الخبر قالت جملة فى يوم الاحد ردد أكثر من 2000 طالبا عبارة الموت للديكتاتورية ونددوا من جديد بحكم الاعدام الصادر ضد بروفسور جامعى بارز .
اضطررت لفرك عينى وتسائلت هل ماقرأته هو الحقيقة الطلبة الايرانيون الذين تعودوا على ترديد الموت لامركيا والموت للشيطان العظيم قاموا بتغيير الشريط فهم يقومون حاليا بترديد الموت للديكتاتورية وبعد قيامهم بذلك فان هناك أملا فى العالم ما بعد 11"9 .
لم تأخذنى العاطفة بترديد عبارة واحدة فالقادة الدينيون المتشددون لديهم القدرة على سحق الحركة الديمقراطية الطلابية وقت ما شاءوا نعم فان الاشخاص السيئين فى ايران لديهم القوة لفعل ذلك ولكن ليس لديهم من الشرعية شىء لفعله فالقادة الدينيون المتشددون فقدوا شرعيتهم مع اتساع رقعة الايرانيين وخصوصا الشباب الذين توصلوا الى ان هوءلاء وليس أمريكا هم السبب فى النكسة الاقتصادية الايرانية والركود السياسى والعزلة الخارجية.

والطلاب الايرانيون الذين قاموا بتغيير عباراتهم الى الموت للديكتاتورية قد لا يكونون قادرين على فعل شىء بشأنها ولكن حقيقة ادراكهم بان مشكلتهم الحقيقية تكمن فى رجال الدين السيئين وليست من الخارج وان الحل هو ديمقراطية حقيقية تعد تغييرا كبيرا.
&وحين يتوصل العرب المسلمون فى الضفة الاخرى من الخليج الى هذه الحقيقة بأن الاستبدادية والتعصب الدينى ونظام التعليم هو الذى يرجع بهم الى الخلف وليس امريكا فاننا سنصبح فى طريقنا لمعالجة حماقات 11"9 .
&ولكن ماهى فرص هذا التغيير أحيانا نشعر بانها فرص ضئيلة لنقرأ التعليق المخزى لوزير الداخلية السعودى الامير نايف بن عبدالعزيز الذى قال لصحيفة سعودية بأن الصهيونية هى وراء احداث 11"9 نعم نعم صحيح انه كان هناك 15 خاطفا سعوديا ولكن اليهود قاموا بها حقا مثير للشفقة وهذا النوع من التهرب من الواقع هو الذى اعاق العرب عن التطور لعقود طويلة.
لنتأمل فى مقالة قوية نشرت فى جريدة عكاظ وهى صحيفة سعودية يومية لكاتب يدعى عبدالله ابو السمح الذى انتقد قيام متطرفين اسلاميين بحشو افكار بعض الشباب السعودى بايدولوجيات متعصبة وتفسيرات مليئة بالاغلاط للجهاد كوسيلة للاضطهاد والهيمنة على الاخرين ونقل ابو السمح عن مقالة للكاتب الشجاع عبدالرحمن الراشد فى جريدة الشرق الاوسط السعودية قوله ان سبب تطرف شبابنا هو ثقافة العنف التى سربت للتعليم الدينى وسببت الانحراف عن تقاليد المجتمع السعودى المحافظ .
يجب علينا ألا نبالغ فى وصف تأثير مثل هوءلاء الكتاب وكذلك عدم اهماله ولكن علينا فقط ادراك انهم ما زالوا متواجدين .&اتمنى ان يكونوا بخير فهم افضل امالنا للتغير من الداخل وهو التغيير الوحيد الذى يدوم ويكون له أثره الطويل .