واشنطن- جان لوي دوبليه: كان العام 2002 عام النجاح بالنسبة لجورج بوش اذ فاز حزبه في الانتخابات التشريعية وحصل على دعم الاسرة الدولية ضد الارهاب والعراق، غير ان الرئيس الاميركي لم يتمكن من التغلب على التحفظات التي ما زال يثيرها لدى الرأي العام العالمي.
وعنونت اسبوعية فرنسية اخيرا غلافها "هل هذا الرجل خطير؟" فوق صورة للرئيس الاميركي. وقالت مستشارة لرئيس الوزراء الكندي مؤخرا عنه "انه ابله". كما حظر بث اعلان على التلفزيون البريطاني تقوم روح الفكاهة فيه على التشكيك في قدرات بوش الذهنية.
ويمكن القول ان جورج بوش هو عكس سلفه الديموقراطي بيل كلينتون تماما. فهو شعبي داخل الحدود الاميركية، وموضع ازدراء خارجها.&فبعد ان انتخب في ظروف اثارت جدلا محتدما في نهاية العام 2000، وبعد معركة قضائية طويلة بينه وبين منافسه آل غور، وجد الرئيس لنفسه بعد عامين شرعية جديدة.
فرده الحازم على اعتداءات ايلول/سبتمبر 2001 على نيويورك وواشنطن عزز موقعه الى حد بعيد، وزاده قوة بعد ذلك الانتصار الذي حققه حزبه الجمهوري في انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر.&وهو يفيد حاليا من غالبية في الكونغرس، ستسمح له بتطبيق برنامجه السياسي طوال الفترة الممتدة حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة في تشرين الثاني/نوفمبر 2004.
وامتد نجاح بوش الى المجال الدبلوماسي الذي يعتبر نقطة ضعفه نظرا لعدم خبرته في هذا المجال. فقد حصل بعد مفاوضات شاقة على اجماع مجلس الامن الدولي من اجل اجراء عمليات تفتيش جديدة للاسلحة في العراق، وفق نظام متشدد.
وعدم شعبية الرئيس الاميركي في الخارج تنعكس ايضا على الولايات المتحدة. فقد اظهر استطلاع للرأي اجراه اخيرا معهد الابحاث "بيو" في 44 دولة، ان معظم سكان دول الشرق الاوسط مثل مصر والاردن ولبنان لا يؤيدون الولايات المتحدة.
وفي الارجنتين التي تركتها واشنطن تغرق في ازمة مالية حادة، اعرب 50% من الاشخاص الذين شملهم الاستطلاع عن عدائهم للاميركيين. وفي اوروبا، اظهر الاستطلاع ان اكثر من ربع سكان فرنسا والمانيا التي تعتبر من اقرب حلفاء واشنطن، لا يؤيدون الولايات المتحدة.
وتجلى هذا الاحساس المعادي للولايات المتحدة بصورة خاصة ردا على خطاب بوش الحربي ضد الارهاب والدول التي صنفها في "محور الشر" (العراق وكوريا الشمالية وايران)، ونزعته الوطنية الطاغية والتي يعبر عنها بدون تحفظ، ورغبته في الانتقام لاعتداءات 2001.&كما ان ارتباطه بقطاع الصناعة النفطية والمصالح المالية يطعن بمصداقيته لدى الرأي العام العالمي.
وبحسب استطلاع الرأي نفسه الذي اجري بين تموز/يوليو وتشرين الاول/اكتوبر، فان 75% من الروس والفرنسيين واكثر من نصف الالمان على قناعة بان رغبه بوش في ازالة صدام حسين تبرر بسعيه للسيطرة على الموارد النفطية العراقية.
غير ان الرئيس الاميركي يعرف ايضا كيف يثير مظاهر الدعم في الخارج. فجولته الاخيرة في اوروبا الشرقية والوسطى تخللتها تظاهرات تاييد للولايات المتحدة في تشيكيا وليتوانيا وفي رومانيا على الاخص، وكلها من دول الكتلة السوفياتية سابقا.
وفي براغ، حيث قام بوش في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر بزيارة للرئيس التشيكي فاكلاف هافيل، الاديب الشهير والمعارض السابق للنظام الشيوعي، اختصر الرئيس الاميركي ببراعة وفكاهة خلال مؤتمر صحافي مشترك نقطة ضعفه حين قال "لم يتهمني اي كان بانني شاعر".