القدس- كريستيان شيز: تواصل التصعيد فى النزاع الاسرائيلي الفلسطيني على مدى عام 2002 عى الرغم من القمع الاسرائيلى المتزايد ولكن الجانبين ينتظران حرب الاميركية تبدو وشيكة على العراق وتداعياتها وتراودهما مشاعر متناقضة ما بين امال اسرائيلية معلنة وتخوفا فلسطينيا بالغا.
ويقول المحلل الاسرائيلي يوسي الفر "كل الاحتمالات مفتوحة بالنسبة للمرحلة التى قد تتلو الحرب المحتملة فى العراق".
وفى الوقت الراهن يبدو كل شىء معلقا بانتظار ما ستنتهي اليه الحرب المحتملة في العراق بما فى ذلك المساعي الدبلوماسية الدولية لتحريك المفاوضات الفلسطينية-الاسرائيلية.
وقد تميزت الاشهر الاثنا عشر الماضية بخطة منهجية اعتمدتها الدولة العبرية لاعادة احتلال المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ردا على العمليات الانتحارية الفلسطينية.
وتعكس الارقام التي تؤكدها وسائل الاعلام والبيانات الرسمية تدهورا كبيرا للاوضاع خلال 2002 اذ كانت اعداد الضحايا في الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي منذ اندلاع الانتفاضة (ايلول/سبتمبر 2000) حتى بداية هذا العام 1124 قتيلا بينهم 868 فلسطينيا و 234 اسرائيليا لكنها اليوم تقارب 2800 قتيل بينهم اكثر من الفي فلسطيني وقرابة 700 اسرائيلي.&وتعني هذه الارقام ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الذي وعد الاسرائيليين "بالسلام والامن" قد فشل.
الا ان شارون وعلى الرغم من ذلك ومن سنينه الاربع والسبعين يبدو مطمئنا في ضوء استطلاعات الراي الى البقاء في السلطة بعد الانتخابات المبكرة المقررة في الثامن والعشرين من كانون الثاني/يناير المقبل.
لكن اذا كان زعيم اليمين الاسرائيلي فشل في انهاء الانتفاضة الفلسطينية فان فشل الانتفاضة نفسها على الصعيد السياسي يبدو واقعا صريحا، لان اسرائيل لم تقدم اي تنازل فيما لم تعد السلطة الفلسطينية سوى سلطة على الورق واستمر تهميش رئيسها ياسر عرفات.
باختصار المازق يبدو كاملا.&وعمليا ظل عرفات المحاصر في رام الله سجين حي المقاطعة حيث يقع مقره ولم يغادر المدينة منذ بداية كانون الاول/ديسمبر 2001.
وفي مجال السياسة الاسرائيلية المعتمدة ازاء عرفات تمكن شارون بصورة خاصة من اقناع الرئيس الاميركي جورج بوش بان عرفات ليس فقط عاجزا عن المساهمة في حل النزاع بل يشكل عقبة رئيسية في وجه اي تسوية.
في هذا السياق وفي الرابع والعشرين من حزيران/يونيو جعل الرئيس بوش من تنحي عرفات شرطا لازما لتبني واشنطن موقفا داعما لقيام دولة فلسطينية مستقلة خلال سنوات ثلاث.
وعلى الرغم من رغبته الشخصية ومن الضغوط التى يمارسها اليمين المتطرف فان شارون لم يستطع ابعاد عرفات الى خارج الاراضي الفلسطينية، لان الولايات المتحدة طلبت منه الا يعقد التحضيرات التى تقوم بها تحسبا لحربها المحتملة ضد نظام بغداد.&ولا يراود الفلسطينيين او الاسرائيليين اي شك في ان حربا ثالثة ستندلع في الخليج وعلامة الاستفهام الكبرى تبقى انعكاسات هذه الحرب على كل منهما.
ويعتقد العديد من الاسرائيليين ان الحرب المقبلة قد تكون الترياق الذي ينهي الانتفاضة ويخلصهم بشكل او باخر من عرفات.&وقد اعلن وزير الخارجية بنيامين نتانياهو في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ومن دون اي مواربة ان حرب العراق ستوفر لاسرائيل "فرصة طيبة للتخلص من عرفات".
فيما اعرب الجانب الفلسطيني على لسان وزير العمل غسان الخطيب عن تخوفه من ان "تستغل اسرائيل الوضع لزيادة الضغط العسكري على الفسلطينيين". وقال "اننا شديدو القلق من انعكاسات هذه الحرب".&واضاف الخطيب ان الاتهامات الاسرائيلية الاخيرة حول وجود شبكة لتنظيم القاعدة في قطاع غزة "اشارة الى ان اسرائيل تبحث عن مبرر" يخدم ما تسعى اليه (بشان الانتفاضة وبشان عرفات ايضا).
ويرى يوسى الفر ان لدى شارون ايضا اسبابه للتخوف من المرحلة المقبلة في العراق، وهو يخشى ان يضغط عليه بوش الابن - تماما كما فعل بوش الاب مع اسحق شامير (رئيس الوزراء الاسبق) عام 1991- لحمله على تقديم "تنازلات حقيقية" للفلسطينيين خصوصا في مجال الاستيطان.&ويعتقد هذا المحلل انه اذا ما حدث ذلك فان شارون "سيعاني من صعوبات ويمكن ان نشهد مواجهة حقيقية" مع الولايات المتحدة.
لكن ليس في الافق حاليا ما يشير الى ان بوش يفكر في ان تصل الامور الى هذا الحد. فعلى المدى المتوسط تمكن شارون من الحصول من الادارة الاميركية على التاكيد بان على اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة والامم المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي) ان تنتظر انتهاء الانتخابات الاسرائيلية (28 كانون الثاني/يناير) من اجل اعتماد الصيغة النهائية "لخريطة الطريق" التى يفترض ان تؤدي الى قيام الدولة الفلسطينية عام 2005.&ولا يخفي بعض المسؤولين الاسرائيليين انه سيكون على خطة التسوية هذه وما يستتبعها من تنازلات ان تنتظر نهاية الحرب في العراق.