واشنطن&- تشن الولايات المتحدة حربا ضد العراق للقضاء على أسلحة دمار شامل تزعم انها بحوزة الرئيس العراقي صدام حسين. وفي نفس الوقت يشن رئيس كوريا الشمالية كيم جونج ايل هجوما على كوريا الجنوبية مما يضطر امريكا لخوض حربين اقليميتين كبيرتين. هذا ما يمكن وصفه بتسلسل كارثة للاحداث إذ يقع كل ذلك بينما تواصل القوات الامريكية عملياتها العسكرية في افغانستان.
وأعرب وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد عن ثقته بأن الجيش الامريكي قادر تماما على الانتصار في حربين اقليميتين في نفس الوقت فيما يواصل الحرب ضد الإرهاب .الا ان المحللين العسكريين يقولون ان العديد من المصاعب تواجه مثل هذا التهديد الثلاثي ومن بينها نقل اعداد كافية من القوات والاسلحة حيث ينبغي ان تكون وتوزيع الموارد بحكمة وانهاك "القدرات الذهنية" لكبار المسؤولين.
وقال تشارلز بينا محلل السياسة الدفاعية لمعهد كاتو "قد يكون ممكنا على الورق. الا ان من المرجح ان يكون الامر معقدا فيما يتعلق بالامداد والتموين."وتابع "رغم اننا قوة عظمى الا ان المشكلة الحقيقية هي ان من الصعب حقا حين ينبغي التركيز على ما يجب عمله ان تكرس الاهتمام اللازم لاكثر من امر واحد في نفس الوقت."
وفي مؤتمر صحفي في وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) في الثالث والعشرين من الشهر الجاري سئل رامسفيلد ما اذا كانت الولايات المتحدة قادرة على خوض حرب في العراق وكوريا الشمالية ومتابعة الحرب ضد الارهاب في نفس الوقت.فاجاب "نعم.. نحن قادورن تماما على عمل ما هو ضروري... نحن قادرون على خوض حربين اقليميتين كبيرتين.. وقادرون على تحقيق انتصار حاسم في واحدة.. ونصر سريع في الحالة الاخرى. وينبغي الا يكون هناك شك في ذلك."وقال جاك سبنسر محلل سياسة الدفاع في مؤسسة هيريتيج ان الجيش الامريكي يمر "بمرحلة انتقالية" بين الحرب الباردة والواقع الجديد. وقال سبنسر "كانت استراتيجيتنا ابان الحرب الباردة الاحتواء وبنينا قواتنا لتكون قادرة على احتواء التوسع السوفيتي."
وتابع سبنسر "قررنا عقب الحرب الباردة ان من مصلحتنا ان يسمح حجم القوات فيما يتعلق بعدد الجنود الامريكيين بخوض حربين اقليميتين كبيرتين في آن واحد في الشرق الاوسط وفي شبه الجزيرة الكورية. وان نحشد قوات قادرة على ذلك."واضاف سبنسر "الا ان واقع الامر انه لم يكن لدينا مطلقا مثل هذه القوات اذ اننا خفضنا عدد القوات عقب الحرب الباردة لما هي عليه الان."
واوردت وزارة الدفاع ان هناك نحو 1.3 مليون جندي نظامي في الجيش الامريكي وعدد مساو تقريبا من الاحتياطي. ويبلغ عدد الجنود النظاميين نحو ثلثي ما كان عليه ابان الحرب الباردة في اواخر الثمانينات من القرن الماضي.وتؤكد وثيقة صادرة عن وزارة الدفاع انه يجري هيكلة وتمويل القوات المسلحة الامريكية بحيث تكون قادرة على محاربة واحتلال دولة معادية بينما تهزم دولة اخرى.
واكدت الوثيقة على ان الاهتمام تحول لما وصفته "بقدرات تعتمد على الشق الدفاعي.. اذ تشدد على كيفية محاربة الخصم وليس من يحتمل أن يكون الخصم أو أين ستدور رحى الحرب."وقال مايكل اوهانلون خبير السياسة الدفاعية في معهد بروكينجز ان الحسابات المجردة تشير الى ان بمقدور الجيش ان يحشد القوات اللازمة لخوض حربين اقليميتين كبيرتين في آن واحد بينما يواصل عملياته في افغانستان ولكنه اضاف ان نقل القوات والمعدات للمكان المطلوب يمثل مشكلة ضخمة.وتابع اوهانلون "لا نملك وسائل شحن بري وبحري لنشر القوات المقاتلة الاساسية سريعا في موقعين في وقت واحد.. سنواجه مأزقا حقيقيا اذا ما تحولت الازمتان الى نزاعين بفارق زمني يتراوح بين عشرة ايام ومئة يوم. وخلال هذه الفترة سنواجه تحديا كبيرا لنقل القوات لمكانين مما يزيد من فترة تعرضنا للخطر لاضطرارنا لنقل القوات ببطء للمكانين."
وتابع ان خوض حربين اقليميتين سيجبر المسؤولين الامريكيين على اتخاذ قرارات صعبة بشأن المكان الذي ترسل اليه الاعداد المحدودة من الاسلحة المتخصصة والقوات الخاصة.وقال ان التحدي الاخر لخوض اكثر من حرب يتمثل في ضمان أن كبار المسؤولين
يمكنهم التركيز على المهام المتعددة التي يتولونها.وقال "ان وضع تصور وتنفيذ السياسة المتعلقة بحرب واحدة يستحوذ كليا على وقت وجهد الرئيس ونائبه وكبير مستشاريه للامن القومي ومن هنا يثور سؤال كيف يمكن أن تقود حربين في نفس الوقت."