إيلاف : لم يكن حدث تسريح إدريس البصري وزير الداخلية السابق في عهد الملك الراحل الحسن الثاني بكاف لوحده رغم أهميته بإشعار&الشعب المغربي بالقطيعة بين منهجين للحكم.
وقد حدث أن أبرز&الإشارات السياسية الكبرى لحكم الملك الشاب محمد السادس ورغبته في إحداث تغيير جوهري بالمشهد السياسي العام للبلاد تداخل فيها الخاص بالعام.
فالحدث الوحيد الذي استطاع تحريك المغاربة بعمق من داخل تاريخهم الطويل في العلاقة مع الملكية هو رفع حاجز التكتم عن "الأمور الخاصة" بالملك "أمير المؤمنين ..وحامي الملة والدين ..والممثل الأسمى للأمة" كما ينعته بذلك الدستور المغربي.
ولأول مرة سيتعرف المغاربة على تفاصيل دقيقة من سيرة ملكهم بل وكيفية التقائه بالأميرة للاسلمى وهي من الأمور التي كان المغاربة يصادرون حقهم في التفكير بها قبل ان تصادر منهم عمليا نظرا ل"خطورة" طبيعة هذه المواضيع زمن الحسن الثاني.
سمح للصحافة المغربية إذن أن نتقل لمثات الآلاف من القراء الذين زحفوا على الأكشاك لمعرفة جديد ملكهم - ملك الفقراء- فعلموا أن لقاء الملك بللاسلمى كان في إحدى المناسبات، أيام الراحل الحسن الثاني، وبالصدفة تعرف محمد السادس الذي كان وقتذاك وليا للعهد، على سلمى بناني، قبل أن يقرر الزواج منها.
والجديد الثوري هو أن "للاسلمى بناني" لا تنتمي لطبقة ميسورة، أو من أسرة الأمراء، بل كانت من عائلة بسيطة، استطاعت بمجهوداتها الخاصة تكوين نفسها علميا إلى أن صارت مهندسة في الإعلاميات، وشهد أساتذتها للصحافة الوطنية ان للاسلمى كانت من الطالبات اللواتي كن يتميزن بالبساطة، والنضج والقدرة على التواصل.
وصارت الصحافة المغربية كما هو حال صحف بريطانيا الشعبية اذ نقلت أبسط خصوصيات الأميرة ومن بين أطرفها كون للاسلمى لم تتغيب طيلة مسيرتها الدراسية، إلا نصف يوم، بترخيص من طبيب.
لقد عرف المغاربة كيف ان عقيلة ملكهم محمد السادس، كانت تعيش في شقة بسيطة بإحدى عمارات الرباط، لمدة 20 عاما، أي منذ كان عمرها 4 سنوات، في كنف جدتها، وكيف أن سلوكها لم يتغير على الرغم من انتقالها للعمل في "أومنيوم شمال المغرب" بأجر شهري يبلغ 1400 دولار وهي واحدة من اكبر المؤسسات العمومية في البلاد.
العرس أيضا لم يكن يشبه كل الأعراس في المغرب بل كان استثنائيا، بكل المقاييس، بالنظر إلى الحضور المكثف، للمدعوين ووسائل الإعلام، حيث تكفلت 13 قناة تلفزية، بنقل وقائعه، علاوة على مئات الصحفيين، الذي يمثلون أكبر الأجهزة الإعلامية، جاؤوا خصيصا، لتغطية أطواره في العاصمة الرباط.
لقد عكس زفاف الملك بقرينته للاسلمى زواجا شعبيا في جانب كبير منه جعل المغاربة يستشعرون موجة التغيير والتجديد في نظامهم السياسي ومنهج الحكم أكثر مما يمكن للخطب الرنانة أن تقوم به في هذا المجال، فيكفي أن تعنون صحيفة مغربية باذخة في المعارضة السياسية لنظام الملك الراحل الحسن الثاني (صحيفة الاتحاد الاشتراكي) صدر صفحة كاملة بالألوان بصورة محمد السادس وقرينته وفوقها عنوان بالبنط العريض : "بنت الشعب مع ملك الشعب".