لوتوكيه (فرنسا)- قبيل انعقاد القمة بين الرئيس الفرنسي جاك شيراك ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير وسط خلافات عميقة بين الجانبين بشأن العراق، اكدت تركيا ان مصالحها الاقليمية لا تسمح لها بالبقاء خارج النزاع في حال اندلاعه في العراق بينما رأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان العراق يتحمل "الجزء الاكبر" من مسؤولية الازمة.
من جهته، دعا الرئيس العراقي صدام حسين بريطانيا الى تقديم نصيحة للولايات المتحدة بعدم مهاجمة العراق، مؤكدا ان العراقيين استطاعوا في عشرينات القرن الماضي وباستخدام ادوات القتال البسيطة "اجبار الجيش البريطاني المحتل على ان ينصاع لمطالب العراقيين".
وسيحاول بلير اقناع شيراك بدعم اقتراحه استصدار قرار ثان في مجلس الامن الدولي يسمح بعمل عسكري ضد العراق بينما يشير الخلاف العلني حول العراق الذي ازداد وضوحا بوجود معسكرين اوروبيين الاول مع اعتماد الحزم والاخر ضده، الى ان اللقاء سيكون صعبا في لوتوكيه (شمال فرنسا).
ويأتي اللقاء عشية تقديم وزير الخارجية الاميركي كولن باول الى الامم المتحدة "ادلة" تقول واشنطن انها تملكها حول وجود اسلحة للدمار الشامل في العراق. وكان بلير اقرب حلفاء الولايات المتحدة، اجرى الاثنين في اطار تحركه الدبلوماسيفي اطار الازمة العراقية، اتصالات مع قادة كل من روسيا وفرنسا والمانيا وايطاليا واسبانيا واليونان لاطلاعهم على نتائج محادثاته الاخيرة مع الرئيس الاميركي جورج بوش.
وفي كلمة امام مجلس العموم البريطاني، قال بلير ان "الادلة على عدم تعاون العراق قاطعة" وتؤكد ان بغداد قامت "بانتهاك واضح" للقرار 1441 الذي اصدره مجلس الامن الدولي. وباتت لندن تصر على صدور قرار ثان لحسم مسألة مصير صدام حسين.
لكن باريس تريد اعطاء المفتشين مزيدا من الوقت "ولا تتوقع كشف نقاط يمكن ان تدفعها الى تغيير موقفها" هذا الاسبوع على حد تعبير مصدر فرنسي قريب من الملف. ورسميا، عبرت فرنسا بلسان وزير خارجيتها دومينيك دو فيلبان عن "سرورها" باجتماع مجلس الامن في الخامس من شباط/فبراير لابراز الادلة على امتلاك العراق اسلحة للدمار الشامل.
من جهته، قال زعيم الحزب الحاكم في تركيا رجب طيب اردوغان اليوم الثلاثاء في كلمة امام كتلة حزبه النيابية ان مصالح تركيا الاقليمية لا تسمح لها الا بالمشاركة في حرب محتملة على العراق بقيادة الولايات المتحدة. وقال "اذا بقينا خارج المعادلة في بداية العملية لن نتمكن من السيطرة على تطوراتها في النهاية".
اما الرئيس الروسي فقد رأى في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني الذي استقبله في المقر الرئاسي في زافيدوفو (80 كلم شمال غرب موسكو) ان بغداد تتحمل "القسم الاكبر" من مسؤولية الازمة العراقية، مشيرا الى ضرورة ان يواصل المفتشون الدوليون مهمتهم في العراق.
والى جانب هذا اللقاء، شهد الاثنين تحركات دبلوماسية وداخلية في اطار الازمة العراقية، من بينها كلمة القاها رئيس الوزراء الاسترالي جون هاورد امام البرلمان مؤكدا ان عجز المجتمع الدولي على التحرك لنزع اسلحة العراق يقضي على سلطة الامم المتحدة وجهودها لمنع انتشار اسلحة الدمار الشامل.
وتثير مواقف كانبيرا المؤيدة للولايات المتحدة وبريطانيا استياء العراق الذي حذرها اليوم الثلاثاء من انها قد تدفع ثمنا باهظا جدا في حال مشاركتها في نزاع محتمل. وقبل اعلان باول، بقي مجلس الامن الدولي الاثنين منقسما بعمق حول الملف العراقي.
وقال مندوب المانيا في الامم المتحدة غونتر بلويغر ان احد عشر وزيرا ونائب وزير واحد سيحضرون الجلسة العلنية التي من المقرر ان تبدأ عند الساعة 30،10 بالتوقيت المحلي (30،15 تغ) وتبدو انها ستكون حدثا بالغ الاهمية.
ولا تبدو مهمة باول سهلة. فاذا كانت واشنطن التي تؤكد ان وقت التحرك الدبلوماسي اشرف على نهايته، تلقى تأييد بريطانيا واسبانيا وبلغاريا فان الدول ال11 الاخرى الاعضاء في المجلس (فرنسا وروسيا والصين والكاميرون وانغولا وغينيا والمانيا والمكسيك وتشيلي وباكستان وسوريا) غير مقتنعة.
وما زالت هذه الاكثرية غير مستعدة للتصويت على قرار يمهد لعملية عسكرية. وقد اعلن باول ان الولايات المتحدة ستقدم الاربعاء الى الامم المتحدة معلومات مقنعة تدل على امتلاك العراق لاسلحة دمار شامل. واضاف "لن تكون هناك اثباتات اشبه بالجرم المشهود لكننا سنعطي ادلة تتعلق ببرامج تسلح العراق التي يحاول ان يخفيها باصرار".
في الجانب العراقي، دعا الرئيس صدام حسين بريطانيا الى تقديم نصيحة للولايات المتحدة بعدم مهاجمة العراق، مؤكدا ان العراقيين استطاعوا في عشرينيات القرن الماضي وباستخدام ادوات القتال البسيطة "اجبار الجيش البريطاني المحتل على ان ينصاع لمطالب العراقيين".
واكد ان "العراقيين دافعوا عن بلدهم واجبروا جيش الاحتلال على ان ينصاع الى مطالب العراقيين في الحكم الوطني". ورأى المستشار الرئاسي عامر السعدي "اذا كان بعض الاشخاص يؤكدون انهم يمتلكون براهين واننا نخفي شيئا ما او اننا نحاول (القيام) باشياء ممنوعة". واضاف "لسنا قلقين، اذا لم نقم باي شيئ من هذا القبيل فلماذا نقلق". وتابع "ستكون مفاجأة ان نرى الاميركيين يتمكنون من اقناع مجلس الامن الدولي بوجهة نظرهم".
ميدانيا اعلن ناطق عسكري عراقي في بغداد ان القوة الصاروخية والمقاومات الارضية العراقية تصدت الاثنين لطائرات اميركية وبريطانية حلقت فوق جنوب العراق وشماله و"اجبرتها على الفرار" الى قواعدها في الكويت وتركيا.
واعلنت متحدثة باسم البحرية الاميركية ان حاملة الطائرات الاميركية ابراهام لينكولن وصلت خلال نهاية الاسبوع الى بحر عمان مما يجعلها في موقع لشن هجوم محتمل على العراق. وتنتشر في المنطقة اضافة الى حاملة الطائرات هذه، حاملة الطائرات الاميركية "كونستيليشن" في الخليج وحاملة الطائرات "هاري ترومان" في شرق البحر المتوسط.
ومن المنتظر ان تبحر الى البحر الابيض المتوسط خلال هذا الاسبوع حاملة طائرات رابعة هي "تيودور روزفلت".
وفي اسرائيل اعلن الجيش ان صواريخ اميركية مضادة للصواريخ من طراز "باتريوت" ستطلق اليوم الثلاثاء في اطار مناورات "روتينية" مشتركة اسرائيلية اميركية في صحراء النقب في جنوب اسرائيل.
وخلال حرب الخليح العام 1991 اطلق العراق 39 صاروخ سكود برؤوس تقليدية على اسرائيل اسفرت عن سقوط قتيلين واكثر من مئة جريح.
واخيرا، ذكرت هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) الثلاثاء ان ضباطا بريطانييين كبارا تلقوا تعليمات بالاستعداد لاحتلال العراق لفترة قد تمتد ثلاث سنوات بعد حرب محتملة. ويعتبر الكثير من العسكريين البريطانيين ان الوضع في العراق بعد الحرب سيكون اكثر تعقيدا من الحرب بحد ذاتها، على ما افادت الاذاعة.