عمان- يقدم قرار الحكومة الاردنية الغاء مواد قانونية تشدد القيود على العمل الصحافي فسحة جديدة من الحرية للصحف الاردنية غير ان حرية التعبير الفعلية لا تزال تعترضها الكثير من العوائق كما يرى مسؤولو كبرى الصحف الاردنية.&وتأتي هذه "الهدية" الى الصحافة الاردنية والتي اعتبرها نقيب الصحافيين طارق مؤمني "بداية لعهد جديد" في العمل الصحافي، في وقت تستعد فيه البلاد لخوض اول انتخابات تشريعية في البلاد ينتظرها الاردنيون بفارغ الصبر منذ حوالى العامين.
ولاقى الغاء هذه المواد القانونية التي كانت مثار جدل واسع بين الحكومة والجسم الصحافي ارتياحا كبيرا في اوساط الصحافيين "وكأن سيفا كان مصلتا فوق رؤوسنا ورفع" كما يصفه رئيس تحرير صحيفة "الدستور" نبيل الشريف.&
وكان مجلس الوزراء الاردني اقر الغاء تعديلات ادخلها في تشرين الاول/اكتوبر 2001 على المادة 150 من قانون العقوبات تنص على تشديد القيود على العمل الصحافي في اطار مجموعة من القوانين المؤقتة لمكافحة الارهاب بعيد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر.
واتاحت هذه التعديلات امكان "الاغلاق الموقت او الدائم وفقا لما تقرره المحكمة" للمطبوعة او الصحيفة في حال نشرها مواد تسيء الى الوحدة الوطنية.&كما تنص على معاقبة رئيس تحرير الصحيفة ومالكها بالحبس لمدة تتراوح بين ثلاثة وستة اشهر بعد احالتهم امام محكمة امن الدولة.
ويؤشر قرار الغاء المواد القانونية الذين يتزامن مع تاكيد الحكومة الاردنية اجراء الانتخابات في موعددها المقرر في 17 حزيران/يونيو، الى مرحلة جديدة من الانفتاح تتلاءم مع المعطيات الجديدة في المنطقة، كما يرى رئيس تحرير صحيفة "الرأي" جورج حواتمة.
ويقول حواتمة لفرانس برس "الحكومة تريد تحسين صورتها لدى الراي العام وازالة اثار قضية مثيرة للجدل سببت الكثير من الاحراج لها" معتبرا ان القرار من شأنه ان "يعزز من صدقية الانتخابات" المقبلة.
غير ان التعديل على قانون العقوبات لا يحدث تغييرا جذريا في حال الصحافة الاردنية بل يعيد الوضع السابق قبل اقرار التعديلات حيث كانت امكانية حبس الصحافيين واردة.&وهذا ما يشير اليه الشريف في حديثه عن "التحدي الاساسي المتثمل بالدفع باتجاه حرية صحافية حقيقية تستند الى مقومات واضحة لا تختلف حسب الامزجة الرسمية".
ويشير الى قيود الملكية الصحافية اذ ان "الحكومة تساهم بنسب عالية في الصحف الاردنية من خلال الصناديق الحكومية المختلفة وهذا يشكل قيدا بحد ذاته".&كذلك، يلفت طاهر العدوان رئيس تحرير صحيفة "العرب اليوم" الى "الرقابة غير المباشرة" على الصحافة شارحا ان "المناخ العام لا يزال يضع قيودا على حرية الصحافة الاردنية تحت عناوين مختلفة كالوضع العام ومصالح البلد وغيره".
ويتوقف عند الرقابة الذاتية التي يمارسها الصحافيون خوفا من الملاحقة متمنيا ان "تتراجع الان هذه الممارسة بعد ان بات الصحافيون يعملون الان في اجواء افضل".&صحيفة "الهلال" الاسبوعية كانت الوحيدة التي حوكمت بموجب هذه التعديلات اذ امر مدعي عام محكمة امن الدولة في كانون الثاني/يناير الماضي بحبس رئيس تحرير الصحيفة ومدير تحريرها وصحافي فضلا عن تعليق صدور الصحيفة بسبب نشرها مقالا تضمن "اساءة الى الاسلام".
وقال رئيس تحرير الصحيفة ناصر قمش "خسرنا الاف الدنانير بسبب تعليق صدور الصحيفة شهرين وسجنا اكثر من شهر ولنا زميل لا يزال في السجن منذ اكثر من ثلاثة اشهر" لافتا الى ان الغاء التعديلات لم يستتبع حتى الان تعليق العقوبة في حقه.&ويتزامن الغاء هذه المواد مع اعتماد تعديلات في قانون المطبوعات تنص على تسريع اجراءات مقاضاة الصحافيين امام قضاة متخصصين فضلا عن اقرار نقابة الصحافيين ميثاق شرف يفترض ان يوجه العمل الصحافي.
ويقول رئيس المجلس الاعلى للاعلام ابراهيم عز الدين "نريد ان تخرج الحكومة تدريجيا من مسالة تنظيم العمل الصحافي لتنتقل هذه المسؤولية الى النقابة".&ويفترض ان يؤدي المجلس الاعلى للاعلام في المرحلة المقبلة دور الوسيط بين الصحافة والمتضررين بحيث يتلقى الشكاوى من المواطنين والحكومة على حد سواء.
ولكن هل يمكن ان تنجح هذه التجرية الحديثة جدا والمناقضة تماما لواقع الصحافة الاردنية؟ يجيب عز الدين "انها عملية تدريجية" مؤكدا انها "تجربة جديدة للجميع".
التعليقات