الدار البيضاء - اتجهت الأنظار بعيد مباشرة الضربات الإرهابية التي شملت مدينة الدار البيضاء يوم 16 مايو إلى معرفة ما إذ كانت هذه الضربات قد شملت مصالح أميركية، خاصة أن اسم القاعدة، المنظمة الإرهابية، قدمت كمتهم رئيسي في هذه العملية، بيد أن الضربات الخمس لم تشمل المصالح الأميركية.
فيكف تعيش هذه المصالح بعد أكثر من عشرة أيام عن الحادث الإرهابي؟
مثل كل المطاعم وعدد كبير من المقاهي وكل الفنادق المصنفة يخضع زبائن مطاعم ماكدونالدز بالدار البيضاء وغيرها من المدن لتفتيش، التفتيش يشمل حاملي الحقائب من النساء والرجال، هذه المطاعم ظلت تستضيف زبائن مغاربة وأجانب. "الضربات الإرهابية التي ضربت الدار البيضاء مست، في الأيام الأولى المطاعم والفنادق، وهذا شيء عادي، وشيئا فشيئا بدأ&رواد مطاعم ماكدونالدز يترددون عليها" يقول أحد العاملين بمطعم بشارع محمد الخامس بالدار البيضاء.
وعلى مستوى الاحتياطات الأمنية، يوجد بالقريب من هذه المطاعم بعض رجال الأمن، غير أن هؤلاء والذين كانوا يتكلفون بالمطعم وحده أصبحوا يهتمون بأمن الأماكن المجاورة.
غير أن أكثر الإجراءات الأمنية كانت قد اتخذت بشارع مولاي يوسف بالدار البيضاء، حيث مقر قنصلية الولايات المتحدة الأميركية، فقد أقدمت السلطات الأمنية المغربية على إغلاق جزء من الشارع المواجه للقنصلية، ولم يعد مسموحا للسيارات ولا حتى المواطنين من الاقتراب من القنصلية، الإجراءات نفسها وإن بحدة أقل كانت في الواجهة الخلفية للقنصلية. ومع هذه الإجراءات مازالت مصالحها تشتغل.
الشأن نفسه ينطبق على المؤسسة الثقافية "دار أميركا"، التي اتخذت زقاقا غير بعيد عن القنصلية مقرا لها، قبل فترة قصيرة كان أمام الدار ساحة يلعب فيها الأطفال، غير أن الوضع الجديد بعد بداية تعرض المصالح الأميركية لهجومات إرهابية حولت الساحة إلى شبه حديقة، حواجز إسمنتية وضعت فيها نباتات وأحيطت بأشجار كي تخفي إلى حد ما الاحتياطات الأمنية، قبل بلوغ الدار تمر الزائر عبر حاجز أمني ومخفر شرطة صغير يقيم به شرطيان، بعد التحقق من هوية المتجهين إلى الدار الثقافية يمر الزائر بحاجز أكثر حراسة، ففي باب الدار لا يسمح لأي شخص من الدخول إلا بعد الاطلاع على بطاقته إن كان منخرطا وعلى بطاقة هويته والجهة التي يريدها إن كان زائرا عابرا، ويتكلف رجلي أمن خاصين بعملية التفتيش الدقيق لكل الحقائب والمحفظات، خلف الرجلين كتبت عبارة تطلب من الزوار تفهم هذه الإجراءات.
المكتبة خلال هذه الفترة تخضع لعملية صيانة ويعمل عمال على صباغة كل أركانها.
وأوضح بوبكر مازوز أخصائي في العلاقات العامة مكلف بالإعلام في الدار أن عملية الصيانة جاءت بعد انطلاق الامتحانات في الجامعات، وأن الدار ظلت تعمل بصورة عادية.
ويضيف مازوز أن عدد الطلبة المسجلين، بالإضافة إلى بعض الأساتذة يبلغ حاليا قرابة 7500 منخرط، وهو عدد يزداد سنويا.
لتنشيط الفضاء الثقافي تنظم الدار لقاء مع المنخرطين مرة في الأسبوع، يتم الحديث عن موضوع معين، كالسياسة الخارجية الأميركية والعلاقات الدولية والعلاقات المغربية الأميركية وقضايا آنية، يتم نقاش هذه القضايا، حسب مازوز، بكل حرية وتقدم للطلبة الموقف الرسمي للحكومة الأميركية، هذه اللقاءات تتم باللغة الإنجليزية.
بالإضافة إلى هذا اللقاء المفتوح يتم تنظيم لقاءات ثقافية أو تجارية أو غيرها بصفة منتظمة، يؤكد أنه لا إسقاط نظام صدام ولا الضربات الإرهابية التي ضربت الدار البيضاء غيرت من برمجة الدار، وتستعد هذه الأيام لاستقبال مسؤولين حكوميين ورجال أعمال أميركيين، يتكون الوفد من 13 شخاص، كما تضع الدار الثقافية اللمسات الأخير لاستقبال وفد أميركي بمدينة طنجة لمناقشة اتفاقية التبادل الحر مع وفد مغربي.
خلال هذا الصيف تستعد الدار لبدء المعهد الصيفي لتعليم اللغة الإنجليزية، وهو معهد مفتوح لأساتذة اللغة الإنجليزية في الدول النامية.
للفن حضوره في برنامج الدار، حيث تبرمج حصة للفن السابع مرة في الأسبوع وتقوم باستضافة فنانين أميركيين ليشاركوا في مهرجانات ثقافية مغربية، وتنظم الدار زيارات سنوية للصحافيين والجامعيين والبرلمانيين والأخصائيين في إطار برنامج يطلق عليه "الزائر الدولي".
كل هذه البرامج الثقافية وغيرها لم تتأثر بالأحداث الأخيرة حسب مازوز، بل هناك مشاريع جديدة بدأ العمل فيها، منها برامج مع الكليات والثانويات المغربية من خلال لقاءات لتفسير السياسة الأميركية.
دور الدار لا يقتصر على ذلك بل يمتد إلى إعداد تقارير صحفية عن مظاهرات شعبية أو ما شابهها للأميركيين، كما حدث في مظاهرة الأحد الماضي ضد الإرهاب. مديرة دار أميركا، أيمي تاتشكو، المعينة أخيرا والتي جاءت لإدارة الدار بعد مهمة بباكستان أعلنت أنها ستحرص على خلق وشائج مع الشعب الأميركي، وأن الدار حريصة على شرح وجهة نظر أميركا في كافة المجالات.
وأكدت أيمي أن جنسيتها الأميركية لم تخلق لها مشاكل، وأنها تحس بالأمان في المغرب. جاءت هذه الشابة الأميركية كي تدير دار أمريكا وتضيف إلى برامجها الثقافية وسواها برامج جديدة. أما مقر الدار فيعرف عملية صيانة كي يستقبل عددا أكثر من المنخرطين المغاربة في الموسم المقبل.