إيلاف الدار البيضاء: نال فيلم "ألف شهر" التقدير والاحترام في جل المهرجانات التي شارك فيها، فباستثناء مهرجان الفيلم الوطني للفيلم بالمغرب، والذي عرف مشاركة أفلام مغربية فقط، استطاع "ألف شهر" أن يحصل في كل مهرجان جائزة.
يحكي فيلم قصة طفل يعيش مع أمه وجده في قرية، يفقد هذا الطفل وعبر تطور الحكي في الفيلم أصدقاءه وأشياءه، الكرسي، ومن خلاله يطلعنا المخرج على مغرب الثمانينات بكل تشجنه السياسي والاجتماعي. كما يقدم الفيلم قصصا موازية لأبطال شكسبريين، قصص غير مكتملة مثل الزمن المغربي.
استطاع الفيلم أن يصور هذا الزمن بقوة وذكاء قل مثيلهما في السينما المغربية الباحثة عن وجودها.
في هذا الحوار الذي خصه لـ"إيلاف" يتحدث فوزي بنسعيدي عن بعض اختياراته الفنية المعتمدة في الفيلم.
&
- كانت الشخصية النسائية الوحيدة المتمردة على قيم المجتمع في فيلم "ألف شهر" هي بنت القائد، غير أنها قتلت في حادثة سير مع بداية الفيلم، ككاتب للسيناريو لماذا عمدت إلى قتل هذه الشخصية المتمردة؟
- كان اختيار شخصية مليكة بشكل مبيت مني، فالفيلم اتخذ مسارات مختلفة ولم يعمد إلى اتباع خطية في السرد. فأسلوب الحكي وبنيته تتغير داخل الفيلم في العديد من المرات، وموت مليكة نوذج لهذا التغير، فهي تظهر كشخصية رئيسية في الأول، كما أن موتها يدفع في اتجاه آخر، شخصية الطفل مهدي، إلى طرح تساؤلات أخرى ويخلق له مخاوف أخرى.
&
- الموت جاء أساسا لخدمة شخصية الطفل مهدي؟
- الأفكار التي اعتمدتها في كتابة السينايو كانت نتيجة أفكار واختيارات أخرى، كالتفكير في أن مهدي سيواجه مجموعة من الفراقات في الفيلم، فراق الأب وفراق المدينة وفراق مليكة وفراق الأصدقاء...ثم في الأخير فراق الكرسي.
&
- لتصوير تطور شخصية "مهدي" والأجواء العامة المحيطة به اعتمدت كاميرا ثابتة هل كانت ذلك رغبة منك في الاهتمام أكثر بالفضاء؟
- داخل هذه الفضاءات يحكي الفيلم شخصياته عن قرب وبحميمية. يعجبني الاشتغال أثناء التصوير فيما يوجد خارج إطار الصورة. فقوة السينما أنها موحية خارج الصورة (الإطار). فمجموعة من مشاهد الفيلم كانت قوتها خارج الإطار. إنني لم أبالغ في استعمال اللقطات المكبرة لأنني بحثت عن التقاط أحاسيس الشخصيات بطريقة مختلفة، كما أن توظيفي للقطات عرضية منح الفيلم أسلوبه الخاص.
&
- للفيلم قوته الكامنة في تطور مسارات شخصيته، وكان من الممكن أن يكون منفتحا على قراءات مختلفة لو لم تعمد إلى تحديده في فترة تاريخية محددة وهي 1981، وهذا يؤثر على القراءة المقدمة له؟
- بصراحة وضعت الفيلم في وقت محدد وقلت ذلك، لم أكن أريد التركيز على هذه الحقبة بكل حمولتها، بقدر ما كنت أرغب في التعامل سينمائيا. إنها قصة لفترة تاريخية اخترتها لأسباب شخصية.
&
- غير أن التفسيرات المقدمة ذهبت إلى اعتباره فيلم عن سنوات الرصاص والاحتقان بين السلطة والمواطن؟
- إنه فيلم منفتح على عدة قراءات.
&
- الكرسي الذي تحدثت عنه في الفيلم احتل حيزا مهما في الفيلم، ما هي رمزيته؟
- بصراحة عندما وضعت الكرسي كنت أفكر في تلك الآلة المكونة من خشب ومسمار، لم أقدمه عل أنه "رمز"، فأنا لا أحب الرموز.
&
- غير أن قراءة الفيلم تذهب عكس ما تحب، ويضحي الكرسي رمزا للسلطة، ففي مشهد في القسم، وبعد اختفاء الكرسي يقول المعلم أنه لا يمكنه الاشتغال بدون كرسي؟
- عندما كتبت الفيلم كان الكرسي مجرد كرسي، إنه شخصية رئيسية في الفيلم، وكان هذا تحدي خاص واجهته، تلاحظ أنه في كل أفلامي هناك بطل رئيسي غير آدمي، "الحائط" و"الحافة"، وأحب إقحام هذه الأشياء والآلات في أفلامي، ولهذا علاقة بالكوريغرافيا والتشكيل.
&
- في علاقة بذلك لم تلجأ إلى الموسيقى في "ألف شهر"؟
- حاولت جاهدا أن أجعل الصوت موسيقى محل الموسيقى، كما قررت أن تكون الموسيقى الموجودة في الفيلم حقيقية وحية. إن الصوت كان محل الموسيقى، كمشهد الطائرة، هذا بالإضافة إلى الاشتغال على الصورة.