د. احمد النعمان


&
&
مالي اودع كل يوم صاحبا&&&&& اذ لا تلاقي بعد طول فراق
&

لم اصح بعد من ذهول صدمة المصيبة! الصديق شاعر اللقالق المهاجرة رسول حمزاتوف هاجر هو الآخر. ولكن اذا ما عادت اللقالق الى اعشاشها الوطن، فان رسول المحبة لن يعود فلا تنتظروه اصدقائي الاعزاء فهو في العالم الآخر الذي ما عاد ولن يعود احد منه قط، مهما طال الانتظار.
رسول حمزاتوف والدكتور احمد النعمان
غير اني ها انذا افيق من الذهول مع الايام، لاعلن هزيمتي من جديد استسلاما لقدر جديد،& برحيلِ آخرْ لشاعر آخر يقطع بعض ما تبقى من نياط القلب المدمن على حزن رحيل الشعراء، وليسوا وحدهم وا أسفاه!
فهل هذا زمان الرحيل حقا؟! أهذا زمان افول النجوم دون ولادتها من جديد؟! زمان الهجرة السرمدية! ما اقساك إذن يا هذا الزمان، ما اقساك! الا شلت يد المنون تختطف الحي وتبقي الميت! تقتل الشعراء وتبقي "المشعرين" بداء امتداح السلطان، والمسعورين على موائد الطغاة!
نقرأ ان العقد الاخير من عمرنا حققت فيه البشرية من التقدم العلمي، ما لم تستطع تحقيقه& منذ الخليقة وحتى العقد الاخير من السنين. غير ان فاجعة البشرية بحضارتها الانسانية كانت الافدح برحيل كوكبة من الشعراء لا يعوضها الزمان الآتي الا بمعجزة تغيير الارادة الالهية بالهية اخرى& في زمن غياب المعجزات.
الجواهري رحل دون ان يودع النجف الاشرف والعراق الامجد الاعظم، ودجلة الخير وحتى ذاك الكفن الرخص، والشراع!.
البياتي مات وحيدا على كرسيه في دار الغربة وقد بح صوته النشيج وهو على كرسي الاعتراف: (بغداد برحنا الهوى لكن حراس الحدود قيام) وبرحنا الهوى ايضا آنذاك، اذ نطق البياتي باسمنا جميعا نحن المهاجرين والمهجرين.
بلند الحيدري يدفن تحت الضباب بعيدا عن ذرى كردستان العراق الجميلة. ويتنبأ بذلك اذ يقول: (. . . فأرتمي بين يديه ميتاً
من دونما قبر ولا كفنْ
ويرتمي الوطنْ
خارطة اخرى بلا ارضٍ ولا زمنْ.)
&
نزار قباني ترك جراح عشاقه& مفتوحة لما تلتئم بعد!:
لو اني اعرفُ
ان البحرَ عميق جدا. . ما ابحرتْ
لو اني اعرفُ خاتمتيْ . .
ما كنتُ بدأتْ . .
&
&&&& الاسماء كثيرة - نجوم افلت واحدة تلو الاخرى كان آخرها رسول حمزاتوف الداغستاني الرائع مغني اللقالق المهاجرة البيضاء:
(جنود بلادنا من لم يؤوبوا راجعينا
الينا من ميادين القتال الداميات
يخيل لي احيانا
بأن اؤلئك الغياب ما اجتدثوا أراضينا
ولكن اصبحوا طيرا، لقالق هائمات)*
&
ولد رسول حمزاتوف في الثامن من سبتمبر ايلول عام 1923 ومن يدري فلعل للكون قوانينه غير المفهومة، ولكنها حتمية الوقوع بغض النظر عن ارادة الانسان. اذ ولدت بعده في اليوم التالي، في التاسع من سبتمبر لاكون صديقا - تلميذا له بعد عقود من السنين وآلاف الاميال من الجغرافيا والتاريخ واللغة والالوان! ولد الرسول الجديد في قرية داغستانية. ويردد حمزاتوف دائما: (انا انسان من الجبال المولود في قرية تسادا النائية.)
وبعد ستة عشر سنة بدأت القرية لاول مرة ترسم على خريطة بلاده الصغيرة داغستان، وثم الاتحاد السوفيتي سدس الكرة الارضية، واخيرا العالم بارجائه المترامية.& بل الكون كله بشموسه البعيدات المتلألئآت وفجواته المظلمات!& لنستمع معا يا عشاق الشعر يا مرهفي الشعور في العالم! لنستمع الى الرسول الجديد يترنم بانشودة الخليقة الجديدة في معبد كون الجمال:
(من ترى يعلم اني ربما
سأكون نجمة يوما ما
آنئذ ساحدق باشعار آخر
نجمة تحيط الارض
ضميرا متوهجا لاؤلئك الذين عاصروني)
إذن هو ضميرنا المتوهج نحن الذين عاصرناه. وهذه معجزته العظمى ان يأتينا صوته من وراء القبور!. . .& يذكرنا بالضمير ان بات في سبات! او ضاع! فكم نحن محظوظون وكم نحن مفجوعون بك ايها الرسول!
&
عمل رسول معلما في شبابه. عام 1950 تخرج في معهد غوركي للآداب، المعهد الذي تخرج فيه حسب الشيخ جعفر وعراقيون وعرب آخرون. صدر له اول ديوان عام حيث كانت بلاده تخوض حرب تحرير عالمية لتطهير الارض من الفاشية عام1943. نعم كانت الحرب مشتعلة الأوار ضد المانيا الهتلرية كما هي الآن مشتعلة مع الحلفاء ضد عراق البعثفاشية. كما نشر ملحمتين: (حوار مع ابي 1953) و(بنت الجبال 1958) وله دواوين وكتب اخرى ناهزت الاربعين كتابا وديوانا اهمها عدا ما ذكرته آنفا: ديوان: (عام ولادتي 1950) و(النجوم العالية 1962) و (كتابات 1963) و(نجم يهمس لنجم 1964) و(السمراء 1966) وكذلك (قلادة السنين 1973 ) غير ان قصته الشعرية المنضومة بعنوان (داغستان وطني) كانت الاكثر شهرة في بلاده والخارج حيث حول الشاعر الموهوب عواطفه الوجدانية الى كلمات تصدح كالموسيقى وترى كالالوان وتذوب عشقا لوطنه داغستان وتثير ذات العشق لدى أي قارئ لوطنه الخاص. كما لا ننسى ديوانه الطافح بحب الارض الداغستانية (قلبي في الجبال) و(أنا والجبال) وغيرهما. وصدرت مؤلفات الشاعر حمزاتوف كاملة ب 18 مجلدا ضمت اربعين مؤلفا هي نصف عدد سنوات عمره باللغة الام الآفارية و8 مجلدات باللغة الروسية.
ايذبل من داهم المشيب هامته
وتغادره الايام والليالي
ويخسر خلا وفيا صداقته
ظل يكسبها& كنزا مستحيل المنال
جوادك لن يكبو لنزيف الجراح**
&
لا جواده ما كبى ولن يكبو لكن فارسه اختار التجل ثم الغياب بلا جواد!!

خلال تقاسم الحزن بفقدان الشاعر حدثني ضياء الحافظ قال: قال الشاعر الحكيم حمزاتوف: (إذا شد صديق طيب على يدك فان يدك لا تذوب في يده، بل تصبح اكثر دفئاً وقوة) فلنشد ايدينا معا ايها العاشقون!& فالسيد المسيح قبله قال: (اذا تشابكت الايدي فاي يد ستقطعون؟!& واذا تعانقت القلوب فاي قلب ستوقفون)!!
كنت في ضيافة الصديق رسول حمزاتوف آخر مرة في نهايات الثمانينات، في بيته في مخاج كالا او (محج قلعة) كما يلفضها العرب او المستعربون. وعلى طريق اهل جبال القفقاس كانت زوجته الهادئة الرائعة باتيمات قد عمرت المائدة بما لذ وطاب: (خروف محشي) ورز بالكركم واللوز وكبدة الدجاج. انواع من السلطات والخضار والخضرة: ريحان وبصل اخضر وبقدونس. وخبز حار يشبه خبز (باب الاغا) و(لبن روبة كلبن حوريات الناصرية او العمارة) وشرائح من السمك الاحمر (السلمون) وزيتون وجبن جبلي وغير ذلك. ولما ذهبت باتيمات الى المطبخ لتأتي بشيء جديد،& تلفت رسول يمنة ويسرى وهمس في اذني كمن يريد ان يسرق شيئأً:
&(دركوي اخمد) عزيزي احمد، اذا ما سألتك بات (هكذا يدللها):& هل تريد ان تشرب شيئا؟ قل لها نعم. فانها لا تسمح لي ان اشرب!. . هذه فرصتي!
& ولكن يا صديقي العزيز انت مريض.& وماذا لو خنتك وقلت لا؟!
& لا صحتي جيدة الآن وقد سمح لي الطبيب منه بالقليل. وقلبي هو الذي خان فلا تخون.
&.& .& . سكت فالنصيحة تناسبني.
& الكونياك يوسع الشرايين.
& هذه حجة الندامى في كل مكان وحين.
&إششششش.. ها هي تعود. وأضاف بابتسامة وصدر منشرح ليموه قائلا:& نتحدث يا بات عن الحرب الايرانية العراقية، لماذا يحارب الناس هناك!! البلدان غنيان. ألتوسيع الاراضي؟
& طبعا لا لتوسيع الشرايين، اليس كذلك يا رسول؟
& هذا احمد يذكرك يا بات بشيئ& لتوسيع شرايينه. قال ذلك وابتسم. اما هي فقالت بابتسامتها الرقيقة:
-&اتريد حقا ان تشرب شيئاً؟ قلت بشيئ من التردد المصطنع:
-& ها؟ . . عاشت الايدي الذهبية التي اعدت هذه المائدة، ولكنها تضيع دون الكونياك الداغستاني، فما قيمة الطعام بلا شراب!.
وضعت باتيمات قنينة الكونياك على المائدة واتت بكأسين& وشرائح الليمون. وغادرت الى المطبخ. ففرك رسول راحتيه ببعضهما كمن حصل على (كنز مستحيل المنال) وملأ الكاسين حتى "الشفاه" و:
(جذب الزق اليه واتكا
وسقاني اربعا في اربع.)
اخرجت قلما ودفتر السكيتشات من محفظتي وبدأت بتخطيط سريع للشاعر. وبين كأس واخرى (اتمزمز) برسمه للغوص الى عالمه الداخلي. كانت زوجته بات تنظر الى السكيتش والى وجه رسول وتبتسم. لربما تفكر :(يشبه؟! لا يشبه)!! وبعد خمس دقائق او ما يقاربها اريته التخطيط قال: أبهذه السرعة! هذا انا حتى داخلي و بدقائق معدودات! حكيت له. رسم بابلو بيكاسو الكاتب الروسي ايليا ايرنبورغ بسرعة! فتعجب الكاتب وقال أبخمس دقائق؟! رد بيكاسو: ولكني اعرفك لخمسين سنة.
&
&
من ذكريات الشاعر حمزاتوف& الطريفة حكى لي:

&في احد مؤتمرات شعراء "العالم الثالث" عقد في طشقند، شهد بوشكين العراق محمد مهدي الجواهري محمود درويش يتمشى مع شابة كزهرة& جبلية بارعة الجمال، فعدل من جلسته وقال:
&ومن هذه؟ وأشار بسبابته الطويلة الى الفتاة.
&قلت انها مترجمته الروسية. قال منزعجا وهازا يده باستنكار:
& هيييييي . . هي ولماذا مترجمي رجل، وقبيح فيما هي معه؟ هذه قسمة ضيزى!
& فرد عبد الوهاب البياتي بابتسامة شماتة ملاطفا: نحن في بلد شيوعي ابا فرات (من كل حسب عمله ولكل حسب حاجته.)
&قال الجواهري (حتى انت يا بروتس)؟! ماذا تقصد؟ أهذا حسب عمله؟!!. . . وحاجتي؟! (وهنا يتدخل حمزاتوف):
& ابو فرات انت شاعر كبير وخصصوا لك واحدا من خيرة المترجمين فيما هي مبتدئة في الترجمة. قال الجواهري:
& هذا قدري.
لا سمر مع رسول حمزاتوف دون كأس وشعر وغناء وحديث عن الجميلات. اخرجت من محفضتي كتاب: (مختارات من الشعر السوفيتي) بترجمة الراحل عبد الرحمن الخميسي وآخرين. وقلت لرسول اسمع لمن هذا الشعر؟:
كان فتى من اهل قريتنا
زوجته فاحمة الضفائر
وحين بلغا العشرين من عمريهما
فرقت الحرب بينهما
تجلس زوج ذاك الذي استشهد في العشرين
امام بيتها ورأسها شيبه كي السنين
وابن لها يحمل اسم ابيه يمنيه
ابن لها اكبر عمرا من ابيه. .!
قال رسول حمزاتوف: انا لا اعرف العربية بشكل جيد، ولكنها قصيدتي (ثمانيات).
قلت وكيف عرفت؟
قال: لا لست ذكيا لهذا الحد ولكني اتذكر ان المترجم& سألني بعض المفردات اثناء الترجمة، واذكر اسم الطفل والضفائر الفاحمة.
قالها بالعربية. وقرأ بالآفارية المقطع الذي تلا& ما قرأته:
يا نساء الارض اسرعن الى الغوث جميعا
قبل ان تشهر قارات الدنا اسيافها حقدا نقيعا
&يا نساء الارض اسرعن والقين المناديل شفيعا
وهي تهمي تحت اقدام الرجالات دموعا!
& هذا المقطع يشير الى تقليد داغستاني جبلي: انه كلما نشب قتال بين ابناء الجبال، هرعت نساء القرية الى رمي المناديل تحت اقدام المحاربين فتعود السيوف والخناجر الى اغمادها ويحل السلام والوئام.
&&& وهنا قلت لرسول وانا اتطلع الى الحائط المزين ببعض السيوف والخناجر: انطوان تشيخوف قال: (اذا ما علقت بندقية على الحائط في الفصل الاول من اية مسرحية فلا شك انها ستطلق النار في فصل قادم) فهل ستخرج سيوف رسول حمزاتوف من اغمادها& في فصل ما من الحياة لتزرع الموت؟!
قال الرسول: لا ابدا أنسيت مناديل النساء؟!
&&&
&&& كان الخنجر اليماني القديم المطرز بالتعشيق العربي (أرابسك) ضمن تلك الاسلحة التي تنكرت لحرفتها القاتلة لتعود الى وظيفتها الجمالية - الاصل. كان معلقا على الحائط ايضا اذ كنت اهديته لرسول بعد ان اشتريته في الفقراء - سوق الجمعة للأشياء المستعملة بثلاث دنانير كويتية هناك.& ومسبحة من الصاج المطرز بالفضة وهي من عمل فنان نجفي كما عرفت فيما بعد اشتريتها بخمسة دنانير ورممتها وثقفتها بيد اختصاصي في الكويت من اصل عراقي يبيع السبح. وما زالت لدي رغم اني اكره السبح علامة التقوى الكاذبة او الكسل.
الحديث عن شاعر اخفاق حتمي& ولكنه نسبي. بقدر معرفة المتحدث. ان ذلك مثل ترجمة الشعر! ضرب من خيال او شعر آخر، مهما كان المترجم يمتلك ناصية اللغتين، وبالتالي هو شاعر ايضا. ان ترجمة الشعر كوصف سيمفونية موسيقية او محاولة وصف الوان لوحة لفنان تشكيلي مرهف الحس بالالوان!
حدثني ايضا عبد الاله الصائغ في تقاسم الم رحيل حمزاتوف كما& ضياء الحافظ، عن ليلة من ليالي بغداد وكان حمزاتوف في ضيافة نادي اتحاد الادباء وكان الصائغ في صحبته مع ندامى آخرين وشعراء. قال صائغ القباب الذهبية: (فاضل الربيعي قرأ لرسول قصيدة منشورة في (طريق الشعب) وهو يترنم!! فسأله رسول منزعجا: لمن هذه القصيدة السيئة؟ فخجل فاضل ان يقول له: انها قصيدتك ترجمها فلان الى العربية. ففطن رسول وقدحت عيناه... وقال: (اذا كانت هذه قصيدتي فانا إذن شاعر سيئ!!)
كان رسول عاشقا طوال حياته، اذكر الجواهري اجاب عن سؤآل حول عمره: (وما قيمة السنين للدلالة على الحياة؟!) حقا ما قيمة السنين ان كنت عاشقا! فكل العشاق بعمر واحد وكلهم مراهقون لا يكبرون! غير ان العاشق رسول& حمزاتوف رأى وجه امه انقى صفاء من عيون جبال داغستان واكثر ربيعا من ربوع تلك البلاد. كانت امه وقد شارف الثمانين،& لحنا لا يفارقه رغم رحيلها منذ سنين:
وغدونا وحدنا في البيت. . انت& وانا
لا اواري عنك ما يضرم قلبي شجنا
&راكعا بين يديك
ينحني رأسي الذي شيبه العمر لديك.

================

تومض النجمة في صدر السماء
ثم يطوي رحلة العودة ذياك الضياء
هكذا بين يديك. . .
يرتمي رأسي الذي شيبه العمر لديك.
يذكرني شعر الرسول هذا ما كتبته لامي بعد خروجي من المعتقل وهجرتي الثانية هذه المرة الى السعودية: (يخطئ من يقول بان الطفل يحتاج الى امه اكثر من الكبار! لست ادري انا الطفل الكبير كم انا بحاجة اليك يا امي! ولكني ادري بانك سمفونية رائعة اسمعها من بعيد في بلاد لا تمتلك آذان سماع السمفونيات!)
نجم آخر أفل..! انه حقا زمان رحيل الشعراء. . زمان الخسارات الوجدانية القاتلة. زمان ضياع شرف الكلمات. زمان الخيانات العظمى. زمان ان يخون الانسان بلاده وحتى ذاته! وهذا كله يعني اننا ضيعنا الله! بعد ان اوجدنا واوحى لنا بوجوده!& ورغم كل هذه الخسارات والمحبطات يبقى الشعر رحم الاغنيات، وآخر قلاع الحالمين ملاذا للعاشقين. إذن:
اعطني الناي وغني&&&& فالغنا& عزم& النفوس
وانين& الناي&& يبقى&&&& بعد ان تفنى الشموس***
&
رسول حمزاتوف يقول قبل موته:
يا عشاق العالم اتحدوا
إملأوا كؤوسكم ايها الاصدقاء
دعونا نشرب بصحة الملائكة
اما انا فهذه كأسي الاخيرة
صدقوني حتى هذه الكأس
&بدأت تهرب مني.
اذا ما حاول& كارل ماركس ان يوقف مثالية هيغل على قدميها: (يا عمال العالم اتحدوا) فقد كان هو الآخر طوباويا، إذ لم يتحدوا. غير اني واثق تماما بان رسول حمزاتوف قد اوقف صوفية ابن الفارض على قدميها بقوله: (يا عشاق العالم اتحدوا) وكان اكثر واقعية من الحالم الطيب ماركس.، والرومانتيكي المنصهر بالله ابن الفارض.****
ندائي الى كل من لم تهرب الصلاة او الكأس منه بعد على حد سواء: تيمموا بقراءة الرسول حمزاتوف،& فانه رسولنا جميعا بعد خاتم النبيين. فمحمدنا الامين قال: (انا خاتم النبيين) ولم يقل خاتم الرسل. هذا هو عزائي الوحيد لكل من يحفظ الله في قلبه عشقا، وليس في الكتب الصفراء، وتحت عمامات الدجالين خوفا او طمعا بحوريات الجنة.
&
ودعوني اقول: ايها الشعراء! اكتبوا ولو بيتا واحدا وان لا تنشروه، لأب العشاق رسول حمزاتوف، فقد كتب عنا جميعا الكثير.
&
هوامش:
*& اجتدثوا: اتخذوا جدثا وهو القبر
**& مع احترامي للصديق الراحل الخميسي عبد الرحمن الذي اعتز باني تعرفت عليه في موسكو،الا ان الترجمة كانت من اللغة الروسية والتي بدورها ترجمت حمزاتوف من لغته الآفارية فضاع جرس الكلمات والموسيقى الداخلية وحتى الكثير من جمالية المضمون. ولكن ما العمل؟!
***& جبران خليل جبران
****& اشارة الى التائية الكبرى للشعر الصوفي ابن الفارض.
&
&