عضوان بن محمد الأحمري
&
&
&
&
أدخلناهم في مستنقع لن يخرجوا منه أبداً..الجملة الوحيدة التي لا زلت أتذكرها حتى الآن والتي كان ينطق بها وزير الإعلام العراقي الأسبق محمد سعيد الصحاف أثناء الحملة الأمريكية الظالمة على العراق بالرغم من أنني لست مصدقاً بأنه (صحاف) كما ورد على ألسنة الببغاوات العربية، فقد كانت خيوط المؤامرة تُحاك في الخفاء وكان هو في الواجهة.. كان على نيته الصافية وأساليبه الإستفزازية الثورية، والتي كنا نفرح بها فقد كان يصنع لنا انتصارات وهمية أحياناً وأحياناً معارك داميةٍ خيالية.
العراق.. شعب ثوري لا يحكمه سوى حاكم ظالم جبار طاغية، وعلى مر العصور السابقة كان العراق في هدوء وفي أمن وسكينة حينما يكون الحاكم طاغية يضرب بيد من حديد، وكأنها علاقة ثابتة تميل إلى الطردية،& ولعلكم تذكرون الحجاج بن يوسف رحمه الله.. كان صدام نسخة منه في قوته وجبروته.. صدام مُتَّهم بالعمالة، أما الحجاج فقد كان قائداً لانقلاب.
كان الإعلام العربي يتسارع ليثبت جرم صدام حسين للعالمين فكان يلتقط الصور للمجازر الجماعية التي كان يزعمها ويتزعمها الإعلام ( الصحاف) والتي كان أكثرها عبارة عن مقابر منذ أيام الحرب العراقية الإيرانية أو حرب الخليج الأولى ويخرجها لنا الإعلام على الشاشة مفبركة ليقول بأنها مجزرة يتوقع أنها وقعت قبل مدة وتبقى هذه المدة ضمير غائب خفي لا يمكن لنا معرفته أو السؤال عنه،& وينسبها لصدام وجنوده أو ل"الكيماوي" ومن كانوا تحت إمرته،، وكالمعتاد يصدقون عوام العرب ويبهللون دون معرفة أو تحقق فليس لديهم سوى إعلام ديكتاتوري، يكذب ثم يجبرنا على تصديق كذبته،& بل لا أعلم كيف تجرأ ذلك الإعلام على دخول (حمامات) صدام ليرينا الزخرفة والذهب!!.
وكان في الجهة المقابلة الصحاف يحاول إبقاء صمود الشعب كما هو، وكان يحاول أيضاً بأن يكذب رغماً عن أنفه،& فلا ضير في ذلك فهو أخف من الإكراه في الدين.. هنا وهناك يوجد أكثر من (صحاف) قليل مُخَيَّرْ وكثير منهم مُسير.. كان يخرج ببدلته العسكرية وملامح وجهه تميل إلى العنجهية،& تحس فعلاً بأنه إعلامي ناجح يستطيع أن يروج مالديه من بضاعة سواء كانت خطابية أو كتابية.. لم تكن (كرشته) تتدلى كثيراً فقد كان يستطيع الهروب أثناء الأزمات.. ومع ذلك يقولون عنه (صحاف)،& على الأقل أننا نستمتع بكلامه.. أتحدى وزراء الإعلام من المحيط إلى الخليج أن يقوموا بنفس الواجب البطولي الذي قام به (بن سعيد) محمد من على منبر خشبي بسيط أما (هُم) فيحتاجون إلى منبر من الزان أو السنديان الفاخر مُطَعَّمٌ بأحجار كريمة.لن يستطيعوا التحدث والظهور في مثل تلك المحنة وذلك الموقف الرهيب،& فهناك عدة موانع.. كرشة متدلية تمنعهم أو تسبب لهم الحرج حين ارتداء بدلة عسكرية.. لغة ركيكة نائمون على حرير لم يسمعوا يوماً دوي انفجار أو حتى فرقعة،&&& ومع ذلك يقولون عن (بن سعيد ) بأنه صحاف!!.
امتلأت صفحات صُحُفِـ(هم) بـ(صَحَفات) متعددة على عدة ألسنة، و(هُم) لم يعلمون أننا لم نكن نصدق سوى (بن سعيد) و صُوَرِ(هم) من الوكالات.
وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر تقريباً على سقوط بغداد المؤلم ومؤامرة العراق المُرّة،& ثبت أن (بن سعيد) لم يكن صحافاً وأن معالي وزراء إعلام العرب قد (صَحَفُوا)،&فهانحن نرى يومياً قتل وتدمير للقوات الأمريكية في العراق،&بل لم يمر يوم أو يومين إلا ونسمع بقتل جندي على الأقل من قوات (الشفط).. إنه المستنقع الذي أخبرنا عنه (الصحاف بن سعيد محمد ) قبل سبعة أشهر تقريباً.
فعلاً.. صدق الصحاف وإن كذبوا.
( بن سعيد) اسم خاص بي أُطلقه على وزير الإعلام العراقي الأسبق وذلك لأن الإعلام الديكتاتوري قد شوه صورة اللقب حتى جعله مرتبطاً بالكذب.

صحفي سعودي
[email protected]