&عادل حزين
&
&

&
رجل الأقدار... عمرو بن العاص"لمن لا يعرف هو مسلسل تلفزيونى دينى يجرى بثه على"
شاشة التليفزيون المصرى خلال الشهر الكريم الذى أوشك على الانقضاء، ولما كانت شخصية عمرو بن العاص من الشخصيات التى حيرتنى وحيرت الكثيرين لما عرف عنه من دهاء حتى لقب بداهية العرب، ولما كانت معلوماتى عن شخصيته تنحصر فيما هو متداول فى شأنه، وبالاخص من خلال واقعتين تاريخيتين، الاولى عندما تولى مع أبو موسى الاشعرى التحكيم فيما شجر من خلاف على الخلافة بين الامام على ومعاوية ابن ابى سفيان، واتفق الحكمان على أن يخلعا سويا الامام على ومعاوية عن الخلافة، ثم أدى أبو موسى دوره فى خلع على ولكن قام عمرو بخدعته إذ ثبت معاوية على خلاف ما كان متفق عليه.
والثانية أنه كان أحد قواد المسلمين فى فتح مصر، ثم واليها لعمر مديد. وقد أعمل المسلسل التلفزيونى جهده فى أن ينقل لنا عمرو بن العاص فى صورة مثالية شديدة التدين، وهى صورة تخالف ما علمنا عنه على ضوء ما سبق من نكثه لما اتفق عليه مع ابىموسى، ورأينا أن نعمل محرك البحث الانترنتى لاستبيان مدى صدق ما حاول المسلسل المذكور أن يوثقه عن شخصية عمرو بن العاص.
وأصبحت المشكلة ليس فى البحث عن المعلومات بل فى تنقيتها والاخذ بالاحوط منها، لتفادى مواقع الاخوة الشيعة لما يشوب الرأى فيها من مظنة الهوى، مع محاولة استبيان ما بين السطور فى كتابات السنة لذات المظنة، فماذا يقول البحث عمن أطلق عليه المسلسل رجل الاقدار؟
المستفاد على أقرب وجه من اليقين- حسب رأينا- أن والدته كانت سبيا ليس لها من زوج حين ولدته، وقد تنازعه العاص بن وائل وأبو سفيان ابن حرب كل منهما يدعوه لنفسه وترك القرار لامه فالحقته بالعاص، لانه كان يتولى معيشة بناتها وكان فيما نسب اليها أكرم عطاءا من ابى سفيان.(1)؟
مما يذكر عنه-أيضا- أنه "ما حدث عقب مقتل عمر ابن الخطاب، حين انطلق ابنه عبيد الله ابن عمر، و قتل ثلاثة ظن فيهم التآمر على مقتل والده، ولم يثبت ذلك في حق أحد منهم، وكان أحدهم الهرمزان، الذي أسلم وصح إسلامه، وقد واجه عثمان هذا الموقف في بدء ولايته وكان رأي الدين فيه واضحاً، أعلنه علي كرم الله وجهه وأصر عليه، وهو أن يقتل عبيد الله بدم من قتل.ويقال أن عمرو بن العاصي أفتى بفتوى بالغة الذكاء والمهارة عندما تولى عثمان، وسأل عمرو أن يخرجه من المأزق الصعب، فسأله عمرو: هل قتل الهرمزان في ولاية عمر؟ فأجابه عثمان: لا كان عمر قد قتل، فسأله ثانية: وهل قتل في ولايتك؟ فأجابه عثمان: لا، لم أكن قد توليت بعد، فقال عمرو: إذن يتولاه الله.."
قد يرى البعض هذا دهاء، ولكنى لا أراه إلا تلاعبا لعلنا ألفناه هذه الايام مع فقهاء كل شىء وضده فى ذات الشأن.
الأمر الاخير فى هذه العجالة وحتى لا أشق على القارىء قتله لمحمد ابن أبا بكر رضى الله عنه بطريقة أقل ما يطلق عليها أنها بشعة وعلى من يريد أن يعرفها أن يرجع الى كتب التاريخ.
لا بأس أن تخلد سيرة عمرو بن العاص وأن تنشر بوسيلة اعلامية كالتلفزيون فشخصيته تستحق أن يلقى عليها الضوء، ولكن أليس من واجب كاتب المسلسل ومخرجه أن ينشر ولو قليل من الحقيقة حتى نتخلص من تلك العادة الذميمة بتنزيه الاشخاص عن الخطأ وكأنهم أنبياء مرسلون؟ وهل ياترى هذا هو مايؤدى بشعوبنا الى ما يقرب من تأليه حكامنا؟
ألم يقرأ القائمون على أعلام مصر المحروسة قوله تعالى" ياأيها الذين آمنوا لا يغرنكم شنآن قوم ألا تعدلوا، أعدلوا هو أقرب للتقوى"
ولله الامر من قبل ومن بعد.
(1) وإلى هنا ذكره سبط ابن الجوزي في تذكرته ص 117 عن المثالب
&في العقد الفريد، وروض المناظر: خمسة.
&بلاغات النساء ص 27، العقد الفريد 1 ص 164، روض المناظر 8 ص 4، ثمرات الأوراق 1 ص 132، دايرة المعارف لفريد وجدي 1 ص 215، جمهرة الخطب 2 ص 363.

نيويورك