على متن الطائرة الرئاسية الاميركية: صرح الرئيس الاميركي جورج بوش للصحافيين الذين رافقوه في رحلة عودته الى الولايات المتحدة على متن الطائرة الرئاسية "ايرفورس وان" انه كان مستعدا لالغاء زيارته المفاجئة الى العراق لو تطلبت الظروف الامنية ذلك.
وقال بوش خلال فترة استراحة على متن الطائرة في رحلة تستغرق 13 ساعة "كنت مستعدا للتراجع عن الرحلة".&واحيطت زيارة بوش التي جرت الاستعدادت لها منذ اكثر من شهر بسرية تامة بينما كان البيت الابيض مستعدا للتراجع عنها في حال اي تسريب للمعلومات، وهذا ما كاد يحدث عندما اكتشف طيار في شركة الطيران البريطانية "بريتيش ايرويز" وجود الطائرة الرئاسية الاميركية تحلق في الاجواء.
وتلقى ملاح الطائرة الرئاسية الاميركية رسالة باللاسلكي من الطيار البريطاني الذي قال "هل ما رأيته هو فعلا 'اير فورس وان'؟". ولم يصدر الطيار الاميركي الكولونيل مارك تيلمان اي رد اولا، ثم اجاب انها "غالف ستريم فايف" وهي طائرة اصغر حجما يستقلها الرئيس الاميركي احيانا.
وقال بوش للصحافيين ان الامين العام للبيت الابيض اندرو كارد اقترح في منتصف تشرين الاول(اكتوبر) فكرة هذه الزيارة. وشكل امن الطائرة والقوات في بغداد محور اهتمام بوش في الاسابيع التي تلت ذلك وشهدت الاستعدادات للرحلة.&واضاف الرئيس الاميركي انه عبر عندما عرضت الفكرة، عن استعداده للقيام بهذه الزيارة "شرط الا تؤدي الى تعريض اي شخص للخطر".
واوضح ان الهدف الاساسي من الزيارة هو ان يبرهن لحوالى 130 الف عسكري اميركي في العراق ولاسرهم انهم "يلقون كل الاهتمام واننا ندعمهم بقوة".&وقال "كنت ادرك مدى الخطر لكن على مر الوقت اكد لي مخططو الزيارة وخصوصا العسكريون وقائد الطائرة ان الخطر يمكن ان يتقلص الى الحد الادنى اذا ابقيت الزيارة محاطة بسرية تامة".
وردا على سؤال لصحافي عن ما اذا كان يعتقد ان الزيارة كان يمكن ان تلغى، قال بوش "نعم وكنت اكثر المشككين" في امكانية حصولها.
ولم يكن على علم بهذه الزيارة سوى عدد قليل جدا من المسؤولين بينهم قائد القيادة الاميركية الوسطى الجنرال جون ابي زيد المسؤول بصفته هذه عن العمليات في العراق، والحاكم الاميركي بول بريمر واكبر مسؤول عسكري في العراق الجنرال ريكاردو سانشيز.&وتابع بوش ان هؤلاء المسؤولين "كانوا يشعرون بالارتياح منذ البداية"، بينما كان الرئيس الاميركي مستعدا للتخلي عن الزيارة حتى اثناء الرحلة الى بغداد.
واضاف "بعد ثلاث ساعات من بداية الرحلة درست الوضع مع رجال الامن الذين بحثوا في الوضع الميداني"، موضحا ان المسؤولين الاميركيين في بغداد "واصلوا طمأنتهم لنا".
واثناء هبوط الطائرة الرئاسية في بغداد حيث اطفئت كل انوار الطائرة، جلس بوش في قمرة القيادة ليتابع عمل الكولونيل تيلمان. وقال "لو كانت هناك مشكلة امنية لتعرضنا لاكبر خطر في تلك اللحظة".
وقال الرئيس الاميركي ان لحظة ظهوره امام العسكريين الاميركيين الذين كانوا يتوقعون مشاهدة عرض للمغنية شانايا توين "كانت مؤثرة". واضاف ان الجنود "كانوا ينظرون الي بدهشة كبيرة ثم بامتنان كبير".
واوضح انه ابلغ زوجته لورا وابنتيه جينا وبربارا بانه لن يحضر عشاء عيد الشكر، مشيرا الى ان زوجته كانت على علم بامر هذه الزيارة منذ شهر.&وتابع انه غادر مزرعته في كروفورد مساء الاربعاء بسيارة عادية مع مستشارته لشؤون الامن القومي كوندوليزا رايس.
من جهة اخرى، ذكر مسؤولون ان بوش لم يبلغ والديه برحلته الى بغداد قبل امس الخميس. وقد ابلغ الرئيس الاسبق جورج بوش وزوجته بربارا عند وصولهما الى المزرعة في كروفورد بان نجلهما سيتناول العشاء مع الجنود الاميركيين في العراق.&واضاف هؤلاء المسؤولون ان الحراس الشخصيين لبوش الذين رافقوه الى مطار واكو (تكساس) لم يكونوا على علم بانه متوجه الى بغداد.
وتابعوا ان زوجة بوش كانت على علم بامر الزيارة منذ شهر لكن "القرار النهائي" اتخذ في اللحظات الاخيرة التي سبقت الرحلة.&وذكرت المتحدثة باسم البيت الابيض كلير بوكان ان المسؤولين في البيت الابيض الذين كانوا على علم بالزيارة "لا يتجاوزون عدد اصابع اليد".
اما الصحافيون المعتمدون في البيت الابيض فقد كانوا يستعدون لقضاء عيد الشكر وعطلة نهاية الاسبوع عندما طلب منهم الاستعداد لرحلة فورية.&واستقل بوش الطائرة التي اقلته الى واشنطن بسرية كبيرة.
وعند وصوله الى قاعدة اندروز الجوية قرب واشنطن غير الطائرة في مرآب حرصا على السرية التامة. وعند سلم الطائرة، امر بنفسه الصحافيين بالتزام الصمت وطلب منهم عدم اجراء اي اتصالات هاتفية.
وخلال الرحلة الى بغداد، حذر مدير الاتصالات في البيت الابيض دان بارتليت من ان تسرب اي خبر عن الرحلة قبل وصول الرئيس الاميركي الى العراق سيؤدي الى الغاء الرحلة وعودة الطائرة ادراجها.
واكد بوش للجنود "اشكركم على هذا العشاء (...) واشكر النساء والرجال في القوات الاميركية الذين يدافعون عنا على شجاعتهم وتضحيتهم (...) اميركا كلها تقف معكم".&واضاف وسط هتافات العسكريين الاميركيين "انتم تدافعون عن الشعب الاميركي من الخطر ونحن ممتنون لكم. لقد قام الجيش الاميركي بعمل رائع (...) انكم تدحرون الارهابيين".&وتابع "لم نقطع آلاف الكيلومترات ولا ندفع غاليا ثمن الخسائر التي نتكبدها ولم نهزم ديكتاتورا فظا ونحرر 25 مليون شخص لننسحب امام عصابة من اللصوص والمجرمين".
وبحضور اربعة من اعضاء مجلس الحكم الانتقالي في العراق، قال بوش "احمل رسالة الى الشعب العراقي. لديكم فرصة لاعادة اعمار بلادكم فانتهزوها. لقد رحل نظام صدام حسين الى الابد".
وكان 600 جندي من الفرقة المدرعة الاولى في قاعدة كبيرة في مطار بغداد يتوقعون عشاء مع بريمر والجنرال سانشيز وقد بدا على الجنود الدهشة عندما رأوا الرئيس الاميركي بينهم، حسبما ذكر صحافيون رافقوا بوش في رحلته.&وعندما تسرب نبأ زيارة بوش الى بغداد، كان الرئيس الاميركي في طريق عودته الى واشنطن.
نص خطاب&بوش امام العسكريين الاميركيين في بغداد
في ما يلي نص الخطاب الذي القاه الرئيس الاميركي جورج بوش امام حوالى 600 جندي اميركي خلال زيارته القصيرة والمفاجئة الى بغداد بمناسبة عيد الشكر:
"كنت ابحث عن وجبة ساخنة في مكان ما واشكركم على دعوتكم لي. اشكر الجنرال شانسيز على دعوته الكريمة وقيادته الحازمة واشكر السفير بول بريمر على قناعته الراسخة في السلام والحرية واشكر اعضاء مجلس الحكم الانتقالي الحاضرين. اشكر لكم مشاركتنا اكبر عيد وطني يمنحنا فرصة التعبير عن حمد الله لما ينعم به علينا.
"اشعر بالفخر لوجودي معكم، مع جنود الفوج الثاني والثمانين للمظليين في الفرقة المدرعة الاولى وما كنت اتصور وجود مجموعة افضل من الاشخاص لتقاسم عشاء عيد الشكر. نحن فخورون بكم والاميركيون يجتمعون اليوم عائلات للتعبير عن شكرهم لله لما يسبغه عليهم من نعم. وهذا العام نحن ممتنون لشجاعة وتضحية الذين يدافعون عنا اي الرجال والنساء في القوات الاميركية.
"انقل لكم رسالة من الولايات المتحدة تقول انها تشكركم على خدماتكم. نحن فخورون بكم واميركا تقف الى جانبكم.
"لقد وعدنا رسميا معا، انتم وانا، بالدفاع عن بلدنا واحترمنا وعدنا. الجيش الاميركي يقوم بعمل رائع. انتم تقومون، هنا في العراق، بدحر الارهابيين حتى لا نضطر لمواجهتهم على ارض وطننا. انتم تقومون بدحر ارهابيي صدام حسين ليتمكن العراقيون من العيش بسلام وحرية.
"بمساعدة العراقيين على ان يصبحوا احرارا تساعدون على تغيير هذه المنطقة الخطيرة في العالم. بمساعدتكم في بناء بلد سلمي وديموقراطي في وسط الشرق الاوسط، تدافعون عن الشعب الاميركي من الاخطار ونحن ممتنون لكم.
"انتم هنا في مهمة صعبة. الذين يهاجمون قوات التحالف ويقتلون عراقيين ابرياء يتحدوننا. انهم يأملون في رؤيتكم تنسحبون لكننا لم نقطع مئات الكيلومترات حتى قلب العراق ولم ندفع الثمن الباهظ للخسائر التي تكبدناها ولم نهزم ديكتاتورا فظا ولم نحرر 25 مليون شخص لننسحب امام عصابة من اللصوص والقتلة.
"سننتصر. سنربح لان قضيتنا عادلة. سنربح لاننا سنبقى مندفعين. سنربح لانكم جزء من افضل جيش تم بناؤه حتى الآن وسنربح لان العراقيين يريدون الحرية.
"في كل يوم وانتم شهود على ذلك، ترون التضحيات التي يقدمها الشعب العراقي من اجل الحصول على الحرية. احمل رسالة واضحة الى الشعب العراقي: لديكم فرصة لاعادة اعمار بلادكم على اساس الكرامة والحرية ونظام صدام حسين رحل الى الابد.
"ستساعدكم الولايات المتحدة والتحالف على اعادة بناء بلد ينعم بالسلام لتأمين مستقبل مشرق لاطفالكم. سنساعدكم في العثور على الاشخاص الذين قاموا بترهيبكم سنوات ويقتلون حتى الآن عراقين ابرياء، وعلى معاقبتهم. سنبقى حتى انجاز هذا العمل. انني واثق من اننا سننجح لانكم، انتم الشعب العراقي، تبرهنون للعالم على شجاعتكم وعلى قدرتكم على حكم انفسكم بانفسكم بحكمة وموضوعية.
"في عيد الشكر هذا، تذكر الامة عسكريينا من رجال ونساء، اصدقاءكم ورفاقكم الذين دفعوا ثمن امننا وحريتنا وندعو الله الى مباركة اسرهم واقربائهم واصدقائهم. ندعو ان تبقوا حازمين وان تتمكنوا من مواصلة الدفاع عن اميركا وعن نشر الحرية. لقد قبل كل منكم بمهمة كبيرة بمشاركتكم في لحظة تاريخية من تاريخ العالم.
"انكم ملتزمون بميثاق شرف في خدمتكم لامتكم ولضمان امن مواطنيكم. جيشنا يضم افضل العناصر في العالم. انني فخور بقيادتكم. انقل لكم تهاني اميركا. بارككم الله".

الرؤساء الاميركيون الذين زاروا ساحات حرب
زيارة بوشالى بغداد هي الاولى لرئيس اميركي الى مسرح عمليات عسكرية منذ ان قام والده الرئيس السابق جورج بوش بزيارة الصومال في 1993. وفي ما يلي لمحة عن الزيارات السابقة لرؤساء اميركيين الى ساحات حرب منذ الستينات:
- ليندون جونسون قام بزيارة خاطفة استغرقت ساعتين ونصف الساعة الى الاراضي الفيتنامية في 26 تشرين الاول/اكتوبر 1966 في اطار جولة اسيوية. وقد زار قاعدة كام ران التي كانت تتمتع باكبر حماية للقاء العسكريين الاميركيين وتقديم الدعم لهم. واستعرض القوات الاميركية وقلد اوسمة للعديد من الجنود.
- ريتشارد نيكسون قام ايضا بزيارة الى فيتنام في 30 تموز/يوليو 1969 استغرقت خمس ساعات. وزار قاعدة دي-آن في شمال سايغون بعد مروره في عاصمة جنوب فيتنام. وادرجت هذه الزيارة في اطار جولة اسيوية للرئيس الاميركي.
- جورج بوش الاب قام في 22 كانون الاول/ديسمبر 1990 بزيارة استغرقت سبع ساعات الى الصحراء السعودية للقاء الجنود الاميركيين المنتشرين في السعودية قبل اجتياح العراق في حرب الخليج.
- جورج بوش الاب قام بزيارة الى الصومال في الاول من كانون الثاني/يناير 1993 للقاء الجنود الاميركيين والاجانب المشاركين في عملية "اعادة الامل" الدولية. وشارك الرئيس في غداء رأس السنة والقى خطابا في مطار مقديشو.
- الرئيس الحالي جورج بوش تفقد في الخامس من حزيران/يونيو 2003 القوات الاميركية المتمركزة في قاعدة العديد في قطر.
من جهة اخرى قام الرئيس السابق بيل كلينتون بتفقد القوات الاميركية المشاركة في عمليات حفظ السلام في البوسنة التي انتهت الحرب فيها في 1995، في كانون الثاني/يناير 1996 وكانون الاول/ديسمبر 1997.
التسلسل الزمني لرحلة بوش
تشكل زيارة الرئيس الاميركي جورج بوش التي استغرقت ساعتين ونصف الساعة الى بغداد الخميس واحدة من العمليات الرئاسية الاميركية التي احيطت بسرية تامة بدون حصول اي تسريب. في ما يلي تسلل زمني للزيارة الخاطفة اعد استنادا الى معلومات مجموعة صحافيين والاجهزة الرئاسية في كروفرود (تكساس، جنوب) حيث كانت عائلة الرئيس مجتمعة في عطلة عيد الشكر.
الاربعاء 26 تشرين الثاني(نوفمبر):
- حوالى الساعة 19 بالتوقيت المحلي (الخميس 1 تغ) غادر الرئيس مزرعته التي تحمل اسم "برايري تشابل" ليلا على متن سيارة عادة داكنة الزجاج.
- 19:27 (الخميس 1:27 ت.غ.): الطائرة الرئاسية "اير فورس وان" تغادر واكو (تكساس) متوجهة الى واشنطن.
- 22:31 (الخميس 4:31 تغ) الرئيس بوش يصل الى واشنطن ويغير الطائرة.
- 23:06 (الخميس 5:06 تغ) اقلاع الطائرة متوجهة الى بغداد.
- 23:19 (الخميس 5:19 تغ) الرئيس يخلد الى النوم.
الخميس 27 تشرين الثاني(نوفمبر):
- 17:31 بتوقيت بغداد (14:31 تغ): الطائرة الرئاسية تهبط وقد اطفئت كل انوارها في بغداد. وبعد قليل من الوقت بوش يتوجه بكلمة الى حوالى 600 عسكري اميركي تجمعوا لتناول وجبة عيد الشكر في قاعة بوب هوب.
- 18:58 (15:58 تغ): بوش يغادر القاعة لزيارة مجلس الحكم الانتقالي العراقي. ويلتقي لاحقا ضباطا اميركيين ورئيس بلدية بغداد بحكم الامر الواقع واعضاء المجلس البلدي.
- 20:03 (17:03 تغ): الرئيس بوش يغادر العراق.
وبحث&ولي العهد السعودي والرئيس الأميركي&في اتصال هاتفي الوضع في الشرق الاوسط والعراق.
على الأرض، اعلن التحالف الاميركي البريطاني في العراق في بيان ان&جنديا اميركيا قتل بالرصاص في ثكنته في الرمادي العراقية، 100 كلم الى غرب بغداد، ولكنه لم يوضح ما اذا كان الامر يتعلق بهجوم.