"إيلاف" من القاهرة: في غمرة أحداث مثيرة عن حفلة القتل التي باشرها أحد "أثرياء الغفلة" بحق زوجته الفنانة "ذكرى" وآخرين، فقد أعاد نائب في البرلمان المصري قضية اختفاء الصحافي رضا هلال مساعد رئيس تحرير صحيفة (الاهرام) المصرية، إلى واجهة الأحداث حين تقدم النائب بطلب إحاطة للدكتور عاطف عبيد رئيس الحكومة المصرية، حول ملابسات اختفاء هلال، وطلب تقديم تقرير الى البرلمان، أو القاء بيان أمام لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان حول الحادث، واستعراض الجهود الأمنية المبذولة لكشف غموض اختفاء الصحافي الذي غاب عن منزله منذ عصر يوم 11 آب (أغسطس) الماضي وحتى الآن.
وقال النائب سيف الدين محمود، في طلب الإحاطة الذي سلمه إلى رئيس البرلمان، إنه يطلب من الحكومة المصرية إحاطة البرلمان علماً بما لدى الحكومة من معلومات عن مصير هلال و"ما إذا كان مات أو خرج من البلاد في صندوق مغلق من أحد المطارات الخاصة الموجودة في بعض مناطق البلاد"، وألمح النائب إلى مطار خاص في قرية سياحية بمدينة الغردقة على ساحل البحر الأحمر، مشيرا إلى احتمال أن يكون هلال قد غادر البلاد من خلاله، كما تضمن طلب الإحاطة أن اختفاء هلال على هذا النحو يدل على خلل أمني"، بحسب ما ورد في طلب الإحاطة الذي قدمه النائب المصري.
ورغم ما بذلته أجهزة الأمن من جهود لحل لغز اختفاء رضا هلال إلا ان الغموض ما زال يحيط بالحادث، الأمر الذي يدعو الى السؤال عما انتهت اليه التحقيقات والتحريات، خاصة بعد الروايات المتناقضة التي ذكرتها الصحف حول الحادث وملابساته.
وكان حبيب العادلي وزير الداخلية المصري قد أكد لجلال عارف، نقيب الصحافيين خلال لقاء تم بينهما قبل مدة في مقر وزارة الداخلية أن أجهزة الأمن تواصل جهودها لحل لغز اختفاء هلال، "ولن تتوانى لحظة عن جمع خيوط الحادث، وكشف غموضه".
وقالت مصادر امنية ان فريقا من الانتربول الدولي قرر المشاركة في البحث عن هلال بعد أن أبدى عدد من أصدقائه والعاملين معه اعتقادهم أن كتاباته في عدد من القضايا ربما تكون قد أغضبت جهات خارجية، وخلفت له خصومات خارج مصر، خلال رحلاته الصحافية الخارجية، لكن أجهزة الأمن المصرية استبعدت وجود شبهة سياسية وراء اختفاء هلال، كما استبعدت مغادرته البلاد، استناداً إلى عدم وجود اسمه ضمن لوائح المغادرين منذ اختفائه وحتى الآن.
واختفى هلال (46 عاما) يوم 11 من آب (أغسطس) الماضي من منزله الكائن في شارع قصر العيني وسط القاهرة، بعد عودته من العمل، وبذلت أجهزة الأمن جهودا مضنية دون ان تتوصل الى أي نتيجة، رغم ان فرق البحث التي شكلتها وزارة الداخلية من كل قطاعاتها جابت عدة محافظات يحتمل تردده عليها الا انها لم تعثر على أي أثر له حتى الآن.
حملة تشهير
ورضا هلال المولود في العام 1957 في قرية "البسوع" بمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية في دلتا مصر، تحول غيابه الغامض إلى فرصة لشن حملة تشهير ضده، تدفع المرء للتساؤل عما إذا كانت ستسغل من قبل خصومه السياسيين، خاصة القوميين والإسلاميين، إذ خرجت بعض الصحف والأقلام التي تتبنى هذا التوجهات، مستبعدة "بلغة قاطعة" كل احتمالات تعرضه لحادث عنف سياسي، دون أي دليل ينفي ذلك أو يؤكده، حتى ذهب مراسل فضائية (الجزيرة) في القاهرة ـ وهو معروف بتوجهاته الناصرية ـ إلى القطع خلال الأيام الأولى لاختفائه بأن يكون الأمر راجعا إلى ما أسماه "أسباب شخصية وليست سياسية"، استناداً إلى ما وصفها بمصادر مصرية، من دون أن يوضح هوية هذه المصادر، مكتفياً بوصف هلال بأنه "من الصحافيين القلائل الذين اعتبرت كتاباتهم موالية للسياسة الأميركية أثناء الحرب التي شنتها القوات الأميركية والبريطانية على العراق"، يحدث هذا بينما لم يكن رضا هلال مرتشياً من النظم المستبدة، كما جرى مع مدير سابق للجزيرة، حين كشفت صحيفة "صنداي تايمز" في 11 آيار (مايو) الماضي، عن رشوة شخصية تلقاها المدير السابق للجزيرة من استخبارات صدام حسين، وأدى تعميم القصة إلى عزله، وراجع هذه الوصلة:
http://www.aljazeera.net/news/arabic/2003/8/8-17-11.htm
وهو السلوك المهني المعيب ذاته الذي تكرر على صفحات "القدس العربي" حين نشرت تقريراً موقعاً من لندن، قالت فيه بعددها الصادر بتاريخ 18 آب (أغسطس) الماضي: "تكهنات بمقتل الصحافي المؤيد لاميركا والتطبيع بعد اسبوع من اختفائه الغامض".
ورضا هلال المولود في العام 1957 في قرية "البسوع" بمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية في دلتا مصر، تحول غيابه الغامض إلى فرصة لشن حملة تشهير ضده، تدفع المرء للتساؤل عما إذا كانت ستسغل من قبل خصومه السياسيين، خاصة القوميين والإسلاميين، إذ خرجت بعض الصحف والأقلام التي تتبنى هذا التوجهات، مستبعدة "بلغة قاطعة" كل احتمالات تعرضه لحادث عنف سياسي، دون أي دليل ينفي ذلك أو يؤكده، حتى ذهب مراسل فضائية (الجزيرة) في القاهرة ـ وهو معروف بتوجهاته الناصرية ـ إلى القطع خلال الأيام الأولى لاختفائه بأن يكون الأمر راجعا إلى ما أسماه "أسباب شخصية وليست سياسية"، استناداً إلى ما وصفها بمصادر مصرية، من دون أن يوضح هوية هذه المصادر، مكتفياً بوصف هلال بأنه "من الصحافيين القلائل الذين اعتبرت كتاباتهم موالية للسياسة الأميركية أثناء الحرب التي شنتها القوات الأميركية والبريطانية على العراق"، يحدث هذا بينما لم يكن رضا هلال مرتشياً من النظم المستبدة، كما جرى مع مدير سابق للجزيرة، حين كشفت صحيفة "صنداي تايمز" في 11 آيار (مايو) الماضي، عن رشوة شخصية تلقاها المدير السابق للجزيرة من استخبارات صدام حسين، وأدى تعميم القصة إلى عزله، وراجع هذه الوصلة:
http://www.aljazeera.net/news/arabic/2003/8/8-17-11.htm
وهو السلوك المهني المعيب ذاته الذي تكرر على صفحات "القدس العربي" حين نشرت تقريراً موقعاً من لندن، قالت فيه بعددها الصادر بتاريخ 18 آب (أغسطس) الماضي: "تكهنات بمقتل الصحافي المؤيد لاميركا والتطبيع بعد اسبوع من اختفائه الغامض".
ولا يمكن ـ مهنياً ـ أن نستوعب كيف يوقع "محرر لندن" على خبر ينسبه إلى ما أسماه "مصادر مصرية أكدت أن المحققيين في قضية اختفاء الصحافي والكاتب رضا هلال يميلون الان الي الاعتقاد بأنه قتل وان التحريات بدأت تركز على محاولة ايجاد جثته".
ولن نعلق على هذه المعالجات، بل سنترك أمر تقويمها للقارئ، ليحكم بنفسه على هذا السلوك غير المهني وغير الأخلاقي، تجاه محنة زميل لم يعرف عنه أنه كان يحمل "كلاشينكوف"، بل قلماً، ولم يشارك في احتلال العراق ولا محاصرة عرفات، بل غاية ما فعله أنه طرح رؤية نقدية للسياسات والأفكار العربية التقليدية التي قادت الأمة من نكبة إلى أخرى، ولا سيما أن ظرفاً كهذا ليس هو الأنسب لتصفية الخصومات السياسية، ولن يعجب المرء إذا ما خرج علينا أحدهم بنظرية مفادها أن الموساد اختطف رضا هلال، حتى يسيئ إلى سمعة مصر، وكم من جرائم ارتكبت تحت هذه اللافتة.
حفظ القضية
أما على صعيد المتابعة الميدانية لتطورات القضية، فبعد مرور نحو 110 أيام على اختفاء هلال الغامض، فقد ألمح مصدر قضائي إلى أن النيابة العامة تعتزم حفظ القضية "مؤقتاً"، بعد أن انتهت من تحقيقاتها فيها، وتلقت تحريات أجهزة الأمن التي أشارت فيها الى انتفاء القصد الجنائي وراء الواقعة، وأنه لم تتوافر لديها أية أدلة أو قرائن على وجود شبهة جنائية في الأمر، لذا صنفت الاختفاء بأنه تم بما أسمته اسلوب "اليقين الإرادي"، ما يعني اختفاء هلال بمحض ارادته، مستندة في ذلك إلى بعض الشواهد منها وجود قفل علي باب شقة الصحافي للايحاء بأنه غير موجود بداخلها، وتعليق خط الهاتف وجهاز الفاكس، ورغم ذلك فقد أكدت أجهزة الأمن أنها ستواصل جهودها من خلال فريق البحث الذي شكلته لهذا الغرض، حتى تتضح الحقيقة.
أما على صعيد المتابعة الميدانية لتطورات القضية، فبعد مرور نحو 110 أيام على اختفاء هلال الغامض، فقد ألمح مصدر قضائي إلى أن النيابة العامة تعتزم حفظ القضية "مؤقتاً"، بعد أن انتهت من تحقيقاتها فيها، وتلقت تحريات أجهزة الأمن التي أشارت فيها الى انتفاء القصد الجنائي وراء الواقعة، وأنه لم تتوافر لديها أية أدلة أو قرائن على وجود شبهة جنائية في الأمر، لذا صنفت الاختفاء بأنه تم بما أسمته اسلوب "اليقين الإرادي"، ما يعني اختفاء هلال بمحض ارادته، مستندة في ذلك إلى بعض الشواهد منها وجود قفل علي باب شقة الصحافي للايحاء بأنه غير موجود بداخلها، وتعليق خط الهاتف وجهاز الفاكس، ورغم ذلك فقد أكدت أجهزة الأمن أنها ستواصل جهودها من خلال فريق البحث الذي شكلته لهذا الغرض، حتى تتضح الحقيقة.
وبعد انتفاء أي دليل على أي من الاحتمالات، تتبقى ثمة أمور ترقى إلى مرتبة الحقائق، وهي أن رضا اختفى، وأن اختفاءه لم يحدث في الصحراء الكبرى، ولا الربع الخالي، ولا جمهورية أرض الصومال، ولا مرتفعات "تورا بورا"، بل كان ذلك في قلب القاهرة، وان أحداً لم يتوصل إلى أي دليل أو قرينة أو معلومة واحدة تفسر الأمر، ومع ذلك فهناك من يرى أنه ربما يكون "الذئب أكله"، كما حدث في قصة يوسف وإخوته، الذين بدا واضحاً أن أيّاً منهم لا يريد مجرد تذكر الأمر، فضلاً عن تذكير الآخرين به.
التعليقات