د. شاكر النابلسي
&
&
هل رأيتم صورة هُبَل الأكبر بعد أن تم إلقاء القبض عليه؟
هل وجدتم أي فرق بين صورته بلحيته الرثة الطويلة القذرة، وبين صورة الشيطان الأكبر في الأساطير؟
هذه هي صورة الطاغية الحقيقية التي رأيتموها على شاشات التلفزيون اليوم.
انها صورة تجتمع فيها كل شرور الأرض.
لا صورة تصلح للشيطان الأسطوري، أفضل من هذه الصورة.
انها صورة جرذ أجرب من جرذان مجاري العراق، حيت تم القاء القبض على هُبَل.
ماذا يمكن أن نقول في يوم سقوط واحد من أكبر أصنام الجاهلية السياسية في العراق في هذا اليوم المبارك؟
ماذا يمكن أن نقول وقد أصبح الصنم الأعظم هُبَل الآن في قبضة الحرية.
ماذا يمكن أن نقول الآن بعد هذا المخاض الطويل للحرية المباركة.
لا يسع المرء إلا أن يقول للشعب العراقي مبروك.
مبروك هذا الانجاز العراقي، وهذا الانجاز الانساني الذي قضى اليوم على واحد من& أكبر رؤوس الجاهلية العربية السياسية في منطقة الشرق الأوسط.
الحرية كان يجب أن تنتصر يوماً.
وقد انتصرت هذا اليوم.
اليوم هو يوم نادر في تاريخ الأمة العربية الحديث.
أيامنا العربية كانت انهزامات، وحروب خاسرة، ودماء، وموت، وارهاب، وسرقة، وفساد، ولا أمل فيها.
اليوم دبَّ الأمل في عروق الأمة اليابسة.
اليوم تدفق دم الحرية في عروقنا من جديد.
هذا ما قلناه للشعب العراقي منذ التاسع من نيسان المجيد، يوم أن تم فتح بغداد العظيم.
وهذا ما قلناه للشعب العراقي منذ فتح بغداد، رغم مكابرة المكابرين، وكيد الكائدين وفساد المفسدين، وجهل الاعلاميين.
لا أحد في هذا اليوم يستحق التحية والمباركة غير الشعب العراقي الصابر الظافر الذي قُتل ابناؤه في المقابر الجماعية، وشردوا، وهاجروا بالملايين من أوطانهم.
لا أحد في هذا اليوم يستحق المباركة غير الشعب العراقي الذي ظل طيلة الأشهر الطويلة الماضية وهو يقبض على قلبه خوفاً من عودة هُبَل، كما كان الإعلام العربي يُبشّر بذلك، وكما كان المثقفون المزيفون المرتشون يقولون.
اليوم، واليوم فقط انحاز الاعلام العربي فجأة 160 درجة إلى جانب الشعب العراقي الذي ظل مهدداُ من قبل الاعلام العربي بعودة الطاغية الهارب.
ولكن (بعد إيه) أيها الزُناة؟!
كل ما يريده الشعب العراقي من العُربان اليوم أن يتركوه وحده ليحاسب بطريقته، وينتقم بطريقته، ويُشفي غليله بطريقته من الطاغية الأكبر.
الأصوات التي تنادي الآن بمحاكمة عادلة للطاغية، عليها أن تخرس تماماً وألا يُنصبّوا من أنفسهم اوصياء على الشعب العراقي، وعل كيفية محاسبة من حكمهم بالحديد والنار، طيلة أكثر من ثلاثين عاماً.
مهما فعل الشعب العراقي بالطاغية، فهذا من حقه، فآكل العُصي من الشعب العرقي، ليس كمن كان يعدها من العربان.
يجب أن يخرس العُربان الذين لم يعطوا للشعب العراقي طيلة هذه الشهور الماضية ومنذ التاسع من نيسان المجيد أية بارقة أو بصيص أمل في غد أفضل.
بل هم صوّروا العراق كيف أصبح بلداً مشاعاً للفوضى والسرقة والدمار واللصوص وهتك الأعراض، بعد أن زال حكم الطاغية في التاسع من نيسان المجيد.
مرة أخرى، وكما طالبنا في الماضي بأن يكفَّ العربان عن العراق، ويرفعوا ايديهم عن العراق، نطالب اليوم في هذا اليوم المجيد، أن يرفع العربان ايديهم وألا ينصبّوا أنفسهم اساتذة للشعب العراقي، وأوصياء ورحماء بالطاغية.
واليوم وبعد سقوط هُبَل الأكبر لنا أن نتعظ من أحكام التاريخ.
لنا أن نحسب حساباً ليوم مثل هذا اليوم!
ولنا أن نعلم أن يوم الحرية هو يوم القدر القادم، وإن طال!
&