طارق الحارس
&
&
&
أخاطبكم جميعا أيها البشر، أيها الناس، عادلين وظالمين، بسطاء ومثقفين وحكاما، متحسسين لآلامنا أو غير متحسسين، فرحين بهذا اليوم أو غير فرحين.
ربما تعرفون ما معنى أن يتم القاء القبض على الطاغية صدام وربما تفرحون أيضا، لكنكم، جميعكم لا تعرفون معنى أن يتم القاء القبض على الطاغية مثلما نعرف نحن
أبناءالعراق، أيضا فأن فرحتكم ليست مثل فرحتنا نحن أبناء العراق. فهل نزلت دموع أحدكم اليوم مثلما نزلت دموعي أنا مثلا وحتى ان نزلت فدموعي اليوم لاتشبه دموع أحد في العالم، لا تشبه الا دموع أبناء العراق. هل هام أحدكم في الشوارع مثلما همت أنا اليوم مثلا وحتى ان هام أحدكم فلن يكون بالوضع الذي كنت أنا عليه. هل صدقتم ما حصل اليوم.. أنا غير مصدق.. كلا، أنا مصدق.. هل وصل أمر أحدكم الى ما وصلت اليه اليوم أنا مثلا وحتى ان وصل أحدكم الى ما وصلت اليه فأنه لن يكون بالحال الذي أنا عليه اليوم مثلا.
أنا على يقين تام أن فرحتكم كبيرة وكبيرة جدا، لكنها لاتشبه فرحة أبناء العراق، ربما لديكم حاكم ديكتاتور وظالم، لكنكم لم تجربوا الدكتاتورية والظلم الذي عانى منه أبناء العراق.

لم تجربوا مآسي المقابر الجماعية، لم تجربوا أن يعدم أبناؤكم ويطالبكم الحاكم بثمن الطلقات التي أعدمه بها، لم تجربوا أن يغتصب ابن الحاكم بناتكم الصغيرات، لم تجربوا أن ينشف الحاكم أهواركم ويقطع نخيلكم، لم تجربوا أن يقتل الحاكم رموزكم، لم تجربوا أن يقصف الحاكم مدنكم بالكيماوي والصواريخ والراجمات، لم تجربوا أن ينصب الحاكم وزيرا للتربية لا يعرف القراءة والكتابة ووزيرا للصحة لم يدخل المستشفيات في حياته الا بعد مشاجرة قام فيها عندما كان يقود عصابته المتخصصة بالتسليب والقتل، ووزيرا للدفاع كان هاربا من اداء الخدمة الالزامية، لم تجربوا أن يجر الحاكم أبناءكم الى حروب رعناء لا هدف منها الا ارضاء لغروره وعنجهيته، لم تجربوا أن يحتل الحاكم دولة جارة لكم تربطكم بأبنائها روابط الاخوة والدين وروابط أخرى لاتعد ولاتحصى ويقتل حتى أسراهم، لم تجربوا أن يشن الحاكم حربا على دولة جارة لمدة ثمانية أعوام يذهب ضحيتها مئات الآلاف من أبناء البلد ومليارات الدولارات من ثرواته، لم تجربوا أن يعدم الحاكم أبناءكم ولا يسلم رفاتهم الى أمهاتهم لكي تدفنهم، بل ويمنعهن من اقامة مجلس العزاء، لم تجربوا أن يقودكم حاكم جبان هرب بعد أول طلقة وصلت الى عاصمته، هرب وقبع في جحر لا يصلح الا للجرذان والحشرات الضارة، لم تجربوا أن يمسك بحاكمك في هذا الجحر دون أن يرمي على عدوه طلقة واحدة وهو الذي كان يحمل رشاشته ويطلق منها على صدور أبناء الشعب بكل برودة دم.
انتهى اليوم هذا كله. انتهى صدام ونظامه المجرم، انتهى اليوم العهد الدموي. انتهى الحاكم الجبان. نقول الجبان لأنه لو كان رجلا شجاعا لكان فضل الانتحار على
الاعتقال، لو كان عسكريا حقيقيا لكان فضل الانتحار على الاعتقال، لو كان رجل مبادئ لفضل الانتحار على الاعتقال. هكذا أخبرنا التأريخ عن الشجعان والقادة الحقيقين لقد فضلوا الانتحار على ذل الاعتقال بأيدي أعدائهم.
لهذا كله نقول لن يفرح فرحتنا الا الشهداء الذين أعدمهم صدام من أبناء العراق. لن يفرح فرحتنا الا الشهداء وأمهاتهم من أبناء الكويت وايران. نعم، فهؤلاء قد عانوا ما
عانينا بعد أن وصل ظلم دكتاتور العراق الى رقابهم، هؤلاء فقط يعرفون ماذا يعني سقوط الطاغية المجرم صدام، هؤلاء فقط يفرحون مثل فرحتنا.
في الجانب الآخر يقف المرتزقة من أمثال مصطفى بكري وسيد نصار وعبدالباري عطوان غير مصدقين أن قائدهم ( البطل ) قد وجد جاثما كفأر مذعور في جحر مظلم.
لانريد أن نشغل أنفسنا بهم حتى لاتضيع فرحتنا، لكن بودنا أن نقول لهم: موتوا بغيضكم أيها المرتزقة فقد أعتقل ممول قلمكم، هذا القلم الذي لم يكتب يوما كلمة حق. اذهبوا الى الجحيم فقد تحرر العراق وقد ولى صدام ونظامه الى الأبد.
مبروك للعراق.. مبروك لشعب العراق.. مبروك لنخيل العراق.. مبروك لأهوار العراق.. مبروك لجبال العراق.. مبروك لشوارع العراق..

مبروك لشهداء العراق والكويت وايران فقد سقط الطاغية اليوم بيد العدالة.. لقد سقط وهذا ما كنتم تتاضلون من أجله.
كاتب عراقي مقيم في استراليا
[email protected]