محمد فاضل من&المنامة: أثار استسلام الرئيس العراقي السابق صدام حسين للجنود الاميركيين دون أدنى مقاومة تساؤلات ومشاعر مرارة حتى لدى أعتى خصومه، لكن صدام حسب اثنين من أصدقائه البحرينيين القدامى ليس من النوع الذي يقدم على الانتحار.&وشكل بث محطات التلفزة لقطات لصدام الذي ارتبط اسمه بالقوة والرعب يخضع للفحص الطبي من قبل طبيب اميركي وهو مستسلم، مشاعر مرارة عميقة في كثير من الاوساط دفعت لاطلاق تساؤلات عن السبب الذي منعه من ان ينتحر أو يقاوم الجنود الاميركيين.&لكن وزير التجارة البحريني علي صالح الصالح الذي ربطته صداقة بصدام في الستينات بالقاهرة أكد أن صدام "ليس من النوع الذي ينتحر لانه معتد بنفسه كثيرا".
وقال الصالح "انه من النوع الجسور والصدامي منذ شبابه، انه يعتبر الانتحار جبن (..) الانتحار لا ينسجم مع ما اعرفه عنه ولربما بدت المقاومة أيضا نوعا من الانتحار بالنسبة له".&وقال الصالح الذي عرف صدام للمرة الاولى طالبا في القاهرة بعد وصول الاخير اليها هاربا من العراق انه "لم يستغرب وقوع صدام في يد الاميركيين بعد اختفاء دام ثمانية شهور" مؤكدا انه "ظل شخصا مثيرا للجدل على الدوام، وشخص مثله يترك آثارا واضحة..لكن ما تعرض له العراق والامة يتجاوز مصير صدام (..) لقد سبب آلاما كثيرة لكنها مرحلة كان يجب ان تنتهي وعلينا ان نتعامل مع المستقبل بشكل عقلاني..(..) اكثر ما يهمني الان هو الشعب العراقي".
اما الفنان التشكيلي البحريني عبدالله المحرقي فاكد هو الاخر ان صدام "ليس من النوع الذي يقدم على الانتحار لانه شديد الاعتداد بنفسه منذ شبابه المبكر" مشيرا الى ان "مشاعر العظمة لديه قد تضخمت كثيرا" بسبب المحيطين به.&وقال "حسب ما اعرفه عنه، فهو ليس من النوع الذي ينتحر..(..) انه معتد بنفسه الى حد كبير لكنني اعتقد ان المحيطين به ضخموا فيه صورة البطل وخلقوا منه وحشا..(..) هؤلاء يجب ان يحاكموا ويقدموا للعدالة".& ورأى المحرقي وهو فنان تشكيلي مخضرم ورسام كاريكاتور في صحيفة بحرينية ان اللقطات التي بثتها محطات التلفزة لصدام وهو يخضع للفحص الطبي "ما كان يجب ان تبث".&وقال المحرقي "سجله حافل بالجرائم وهذا المصير صنعه لنفسه، لكن مشاهدة لقطات اعتقاله وخضوعه كان شيئا مؤلما لي (..) أنا متأكد ان الكثيرين تألموا ايضا من هذه اللقطات".
والتقى المحرقي ، بصدام للمرة الاولى في القاهرة عندما كان يدرس الفن التشكيلي وكان صدام قد وصل هاربا بعد محاولة الاغتيال الفاشلة للرئيس العراقي الاسبق عبد الكريم قاسم.&وقال المحرقي "كان الطلبة البحرينيون يقيمون معرضا فنيا شاركت فيه بلوحة عن العراق (..) جاء شخص ووقف امام اللوحة بصحبة طالب بحريني آخر (..) ابدى اعجابه باللوحة وقدمه الصديق البحريني على انه صدام التكريتي الذي حاول اغتيال عبدالكريم قاسم".&ويؤكد المحرقي ان "صدام صنع مصيره بنفسه وسجله في الحكم دام" موضحا انه "اضاع فرصا كثيرة لتجنب مثل هذا المصير اخرها عندما طلب منه زعماء عرب التنحي قبيل الحرب".&وتابع "لكن رغم هذا كله بقي خيط انساني رفيع جعلني اتألم عندما رأيت انسانا عرفته ذات يوم ينتهي مثل هذه النهاية".
غير أن الاحساس بالمرارة لم يكن وقفا على من عرفه من قرب.&وتساءلت نيفين عدوان (موظفة، 22 عاما) عن السبب الذي دفع صدام للاستسلام لقدره دون مقاومة" مؤكدة انها "استغربت كثيرا عندما قيل انه كان متعاونا جدا".&وقالت "رغم سجله الدامي وطغيانه، احسست بالمهانة وانا اراه خاضعا مستسلما للجنود الاميركيين، كنت اتمنى ان يعتقله عراقيون وليس جنودا اميركيين..(..) للحظات تساءلت مثل غيري لماذا لم يقاوم او لماذا لم ينتحر طالما انه اعلن في وقت سابق ان الاميركيين لن يعتقلوه الا جثة".&وقال محمد حسن (مدير شركة - 43 عاما) انه مثل كثيرين غيره تساءل "لماذا لم يطلق النار على الجنود او حتى على نفسه".& وتابع "ادركت ان دكتاتورا مثله لم يعرف سوى البطش بالاخرين يحمل في داخله جبنا كبيرا..البطش يخفي الجبن وهذا ما ظهر جليا".