قاسم خضير عباس
&
&
ورد في تاريخ الطبري أنّ المنصور العباسي أعطى مفتاح خزانة لزوجة ابنه المهدي وقال لها: لا تعطي هذا المفتاح لولدي الا بعد موتي.
يقول الطبري: مات المنصور فدفعت زوجة المهدي المفتاح لزوجها، ثم فتح الخزانة فإذا بها مليئة برؤوس مقطعة، وكل رأس كتب عليه اسم صاحبه وكلهم من بني هاشم المعارضين لحكم بني العباس وفيهم النساء والأطفال والشيوخ، فارتاع المهدي وأمر بدفن هذه الرؤس، لكنه فعل بعد ذلك أكثر مما فعل المنصور من قتل وسفك دماء حرمها الله.
&إنَّ التاريخ عندما يمر بهذا اللون من الجرائم يمر عليها مرور الكرام، لأن عقل الأعراب منا لا يروقهم غير سفك الدماء والقتل والفتك بالأبرياء، وهي عقدة متحكمة عندهم نتيجة تقديسهم للطواغيت والقوة والجبروت وتبرير جرائم الحكام الفسقة السيئة الصيت.
ويذكر السيوطي في كتابه ( تاريخ الخلفاء ) بأن الوليد بن عبد الملك كان جباراً ظالماً، فقد أخرج عن ابي النعيم عن عمر بن عبد العزيز قال: الوليد بالشام، والحجاج بالعراق، وعثمان بن حبارة بالحجاز، وقرة بن شريك بمصر، لقد امتلأت الأرض والله جوراً.
ورغم ذلك يمر التاريخ على الوليد دون أي تشنج، فقد وصفه البعض من وعاظ السلاطين الذين قبضوا أجور فتاواهم، بأنه الخليفة الفاتح!!
وفي عهد عبد الملك بن مروان الأموي نُصب الحجاج بن يوسف الثقفي أميراً على العراق، فأذاق أهله الأمرين والظلم، وسار إلى الحجاز وهدم الكعبة، وأذل صحابة رسول الله (ص) في المدينة المنورة وختم على أعناقهم.
ويذكر السيوطي في تاريخه أن عبد الملك الأموي جاءه الحكم والمصحف في حجره فأطبقه وقال: هذا آخر العهد بك، وكان يشرب دماء ضحاياه.
ورغم ذلك يمر عليه التاريخ ويصفه بالفاتح والفقيه، لأن أعراب أمتنا تقدس الطواغيت والمجرمين والقتلة البعيدين عن الإسلام ومبادئ القرآن العادلة.
ويمر الدميري في كتابه ( حياة الحيوان الكبرى ) بالمتوكل العباسي ويقول بأنه: قد أحيا السنة وأمات البدعة!!!؟؟؟
وفي نفس الصفحة يقول الدميري: لما قتل المتوكل اختلط دمه بكؤوس الخمر!!!
طيب كيف هذا الذي اختلط دمه بكؤوس الخمر قد أحيا سنة رسول الله وأمات البدعة!! وكل حكمه قتل وظلم وفسق وفجور وانتهاك لأعراض الناس وحقوقهم!!
ولذا ليس غريباً أن يتصدى أعراب اليوم الذين هم أشد كفراً ونفاقاً لدعم المجرم صدام وحكمه الدكتاتوري البائد، والرقص على قتلانا ومقابرنا الجماعية، لأنهم تحت وطأة عقدة تقديس القوة والفتك بالناس، ولذا فهم بعيدين عن رحمة الإسلام ومبادئه القرآنية العظيمة، وبعيدين عن سنة رسول الله (ص) وعدله بالناس مسلمين وغير مسلمين.
وليس غريباً أن تجد من يفتي باسم الاسلام والإسلام منه براء باستشهاد المجرمين الفاسقين عدي وقصي!!
لأنَّ المقاييس هي هي تقديس القوة والظلم والجبروت والقتل بعد أن يتم إلباس كل ذلك ثياب الطهر والعفة والفضيلة!!
إنّ هذه العقلية المريضة المتربعة على رؤوسنا لا بد أن تعالج قبل فوات الأوان، وإلا فإن الزمن سيتجاوزنا وسنكون في الحضيض الفكري والسياسي والثقافي والاجتماعي.
التعليقات