محمد عبد الغفور الخامري
&
&
&

اخبرني صاحبي أن إحدى القنوات الفضائية أذاعت خبرا " تزعم " فيه أن الأمريكان تمكنوا من اعتقال الرئيس العراقي صدام حسين.. لم أبالي بالخبر وكذبته مباشرة لتصوري كما كان ولازال يتصور غيري أن صدام حسين محصن جدا وانه يقود المقاومة العراقية التي تكبد المحتل الأمريكي العديد من الخسائر البشرية والمادية يوميا ومثل هذا القائد لابد أن يكون ذا دور بطولي ودائم التنقل من موقع إلى آخر..
رجعت إلى صومعتي الخاصة وفتحت جهازي فإذا بي أرى العجب؟؟
نبأ الاعتقال بارز في معظم المواقع الإخبارية ويحتل مساحة واسعة من الشبكة العالمية.. لم اقتنع بالانترنت لجمود الصور فانتقلت إلى التلفاز غير مصدق لما يحصل ورحت اقلب القنوات بسرعة شديدة لااكاد أقف على قناة واسمع بداية الخبر أو أرى لمحة الصورة حتى انتقل إلى غيرها من القنوات العربية والأجنبية..
وحقا فقد تفوقت قناتا العربية والجزيرة في متابعة الخبر " القنبلة " متابعة دقيقة بالصوت والصورة والخبر والتحليل وجذبتا اليهما في ذلك اليوم اكبر قدر من مشاهدي العالم اجمع " خصوصا العرب " لأنها لغة القناتين..
" شاهدت صور حية للرئيس العراقي صدام حسين وهو مستسلم للغاية ويفتش رأسه وفمه دون أدنى مقاومة أو حركة امتعاض أو ممانعة رغم أن بحوزته مسدس وبجانبه الكلاشنكوف ". ما لذي يجري.. استعدت وعيي بعد فترة ليست بالقصيرة وتوصلت إلى قناعة تامة بان الأمريكان قد استخدموا نوعا من الغاز المخدر والذي يشل الأعصاب ويقيد الحركة كالذي استخدم في مسرح موسكو ولكن بكمية معقولة أثناء لحظة الاعتقال مما وفر لهم جهدا كبيرا في الإمساك به ونقله من مخبئه السري إلى حبسه السري الذي لا يعلم أين هو إلا الله حيث تضاربت الأقوال مابين قاعدة أمريكية في قطر وبين انه لم يغادر العراق وبين انه في جوانتانامو إلى غيرها من التكهنات والتخرصات التي لا تؤخر ولا تقدم في الأمر شيئا.
كما توصلت إلى حقيقة أهم من الأولى وهي انه ليس كل من تجهم وجهه وبطش بشعبه يعني بطلا.. وان الطاغية لا يولد طاغية.. ولا يمكن له أن ينتج نفسه وإنما ينتجه الناس بسكوتهم عن أخطائه وهفواته.. وتجاوزهم على جرائمه الصغيرة والحقيرة حتى تكبر وتنتشر.. ويستقوي بها ليعيث في الأرض فسادا " والله لا يحب المفسدين "..
من كان يصدق أن بطل العرب وقائد الأمة العربية " كما كان يسمي نفسه " سيلقى عليه القبض في تلك الحفرة الحقيرة أو قل القبر المجهول؟.
من كان يتصور أن " القائد الضرورة " سيعتقل بتلك الطريقة المزرية والمثيرة للشفقة والاشمئزاز معا؟. لكني تذكرت قول الحق جل وعلا " وكأين من قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان.. فكفرت بأنعم الله.. فأذاقها الله لباس الخوف والجوع بما كانوا يصنعون " وقوله جل وعلا " وإذا أردنا أن نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا " صدق الله العظيم.
ترى هل سيتعض الإخوة العراقيون أولا من هذا المصير " اقصد النخبة الحاكمة حاليا أو ما يسمى بمجلس الحكم الانتقالي " الذين تبجحوا كثيرا في تصريحاتهم وشطحوا حتى لقبوا الأمريكان بالإخوان الأشقاء " مفارقة عجيبة جدا.. كيف كان هؤلاء وكيف أصبحوا وكيف كان صدام وكيف أضحى ومع ذلك لم تؤثر فيهم العبرة..
ثم هل سيتعض الحكام العرب ويحاولوا الرجوع إلى التراث العربي والإسلامي في العلاقة بين الراعي والرعية وكيف تكون دون خوف احدهما من الآخر ولا تسلط أو قهر احدهما على للآخر.. أرجو ذلك..