&
نسرين الفار من عمان:&تداولت وسائل الإعلام في العاصمة الأردنية ـ عمان في أوقات كثيرة، ظاهرة بيع الأقراص المدمجة (CD's)، التي خضعت للقرصنة، والتي تعتبر مخالفة لقانون الملكية الفكرية، ويوجب القانون على منتجيها
بالملاحقة والعقوبة. وتنتشر محلات و"بسطات" بيع هذا النوع من الأقراص، بشكل كبير وسط العاصمة، خصوصاً في أماكن التسوّق الكبرى. وتتعدّد المنتجات المعروضة لهذه الأقراص من أفلام سينمائية (أجنبية وعربية)، منوعات غنائية، مسرحيات، والعاب إلكترونية وبرامج كمبيوتر ومواد تعليمية.
ورغم المحاولات المتكررة التي قامت بها المكتبة الوطنية، التابعة لدائرة المطبوعات والنشر الأردنية، لمحاربة ظاهرة الأقراص المقرصنة، لكن الظاهرة في تزايد مستمر، لتصبح ظاهرة خطيرة يجب التوقف عندها. فقد انتشرت خلال العامين الماضيين، بين هذه المنتجات المخالفة، أفلام الإغراء التي&تسجل أعلى نسبة&مبيعات&في سوق الأقراص المقرصنة.
ويرتاد الشباب والرجال وبعض من الفتيات والنساء أيضاً، بسطات بيع تلك المنتجات بشكل مستمر. وأصبحت نوعية الأفلام الإباحية، تسترعي اهتماماتهم من حيث مدة الفيلم الزمنية، وقوة عروض الإغراء الموجودة في محتواها. أما طريقة
البيع والطلب، فأصبحت شبه علنية لهذا النوع من الأفلام، إذ يضع أصحاب البسطات هذا النوع من الأفلام،&إلى&جانب المنتجات الفنية الأخرى، ويميزونها بوجود صور لعاريات على الغلاف الخارجي للقرص، الأمر الذي&يمكّن المترددين من التعرف عليها، دون توجيه السؤال للبائع مباشرة.
وقال عدد من بائعي الأقراص المقرصنة المتواجدين في وسط العاصمة عمان لـ "إيلاف"، أن أقراص الإغراء هي من أكثر المبيعات وعليها طلب كبير، تليها مباشرة الأفلام الفنية الأخرى الصادرة حديثاً، والمسرحيات الجديدة، بالإضافة إلى أقراص الأغاني والطرب.
ويقول محمد جميل أحد بائعي برامج الكمبيوتر والقرآن المرتّل ودروس الوعظ والإرشاد الدينية، أن&حجم مبيعاته من هذه الأقراص لا يتجاوز ربع مبيعات الأنواع الأخرى المتواجدة لدى الآخرين من أصحاب هذه التجارة وخصوصاً أفلام الإغراء. وبالنسبة لأداء المكتبة
الوطنية في محاربة جرائم الملكية الفكرية المتعلقة بالوريث الشرعي لأفلام الفيديو الـ (CD)، فإن منتجيها الذين يزدادون عدداً في الأردن، لا يرون في أداء المكتبة خطراً كبيراً على أعمالهم، رغم&أن المكتبة تقوم بحملات فجائية على البسطات ولكن بشكل غير مكثف. وسبق أن قامت المكتبة بإغلاق عدد من المحال بسبب ارتكابها جريمة نسخ الأقراص المدمجة، لكن دون&أن تؤثر&على نموّ هذه التجارة يوماً بعد يوم.
أحد منتجي الأقراص المقرصنة، والذي رفض ذكر اسمه،& قال لـ "إيلاف"، أن أحد الأسباب الحقيقية في عدم أخذ جانب الجدية من قبل المكتبة الوطنية في محاربة هذه الصناعة، هو الحجم الكبير لتجارة الأقراص المدمجة الفارغة المعروفة باسم (البلك Bulk)، والتي تشكل حجم تجارتها فائدة جيدة للحكومة، التي تستفيد من ضرائب المبيعات والرسوم الجمركية عليها. وقال إن تلك التجارة، روّجت للعمل المحلي في إنتاج النسخ المزورة للمنتجات الفنية وغيرها&من الأقراص.
ويضيف المنتج، أن حجم استيراد الأقراص الفارغة بشكل كبير، يعود لحاجة وطلب السوق المحلي المنكبّ على تجارة النسخ، بالإضافة إلى الطلب الكبير على الأقراص الفارغة للسوق العراقي.
منتج آخر قال، أن هناك جزء كبير من الأقراص المقرصنة تأتي عن طريق التهريب من سوريا، وأضاف أن المكتبة الوطنية تواجه صعوبة بالغة في محاربة هذه التجارة كون غالبيتها منحصر في البسطات وطريقة البيع بواسطة الحقائب المحمولة.
ويتهم بائعو تلك الأقراص، محلات بيع منتجات الأقراص المدمجة الحقيقية، وخاصة المنتجات الفنية منها، إرتكابهم لجريمة مخالفة الملكية الفكرية ونسخ الأقراص وعرضها على أنها حقيقية على الرغم من أنها ليست كذلك، ما يوقعهم في خسائر فادحة، كذلك الأمر بالنسبة لشركات الإنتاج، الخاسر الأكبر في هذه العملية. ويرى أصحاب أسواق الأقراص أن حجم بيع المنتجات الحقيقية، لا يتجاوز (1%) من المجموع العام لمبيعات المنتجات الفنية وبرامج الكمبيوتر وغيرها المنسوخة والمخالفة لقانون الملكية الفكرية.
جمال الكيساني، أحد المدراء العاملين في مؤسسة "ميوزك بوكس" للإنتاج&المعروفة في الأردن، ردّ على الإدعاءات التي تتهم محلات بيع الأشرطة وشركات الإنتاج الفني
بالقرصنة لتحقيق مكاسب أكبر. ويقول أنه من الصعب قيام المنتجين الحقيقيين، أصحاب العلامة التجارية المسجلة، بقرصنة أقراص الأعمال الفنية لأنها تكون خاضعة لرقابة الشركة الأم وخصوصاً شركات الإنتاج الأجنبية، إلاّ أن شركات الإنتاج العربية لا تفرض شروطاً رقابية لحفظ الملكية الفكرية على الأقراص الممغنطة، الأمر الذي يمكّن بعض محال البيع المرخصة من قرصنة المنتج الأصلي. وأضاف أن أجهزة النسخ الإلكترونية، المتواجدة لدى تلك المحال، ليست من النوع الذي يضمن سلامة الأقراص ولا يضمن جودة الإنتاج في النهاية.
وتظهر في أساليب بيع الأقراص المقرصنة سلوكيات شاذة عن سلوكيات أعمال البيع والشراء لأي سلعة أخرى في الأسواق الشعبية في عمان، حيث يشاهد المواطنون وبشكل كثيف يومياً بسطات الأقراص معروضة على الأرصفة بشكل يعيق حركة المشاة، فيما يصف الكثيرون الأسلوب الإستغلالي الذي يتّبعه باعة هذه الأقراص، بينما يقبل أيضاً الأطفال على شرائها، مع&أنها لا تتناسب مع سنّهم. والأخطر أنها تباع بسعر زهيد، ومتوفرة بكثرة ومن السهل الحصول عليها بما في ذلك أقراص أفلام الإغراء، التي أقدم أطفال أيضاً على بيعها. ويمكن أيضاً سماع أصوات بائعيها يروّجون لهذا النوع من الأقراص بلفظ نوعيتها بوتيرة صوتية مخففة.
وأيضاً يشتري البعض نوعية محددة، ليكتشفوا بعد ذلك أنها نوعية أخرى، غير التي قاموا بطلبها بالإضافة إلى وجود أقراص تالفة وغير صالحة للبيع. ويلاحظ عند عدد كبير من باعة الأقراص المقرصنة، وجود شاشات تلفزيونية لعرض الأفلام والأغاني. وعادةً ما يسبب هذا الأسلوب من العرض، الضجيج والإزعاج للمواطنين، حيث يقوم الباعة بذلك نتيجة المنافسة الشديدة فيما بينهم لاجتذاب الزبائن من جهة، وتأكيد بعض منهم على سلامة القرص من جهة أخرى.
يذكر أن بائعي الأقراص المقرصنة للدروس الدينية والقرآن المرتّل، لا يقدون إجابة، عند سؤالهم عن صحة قيامهم ببيع الأقراص المقرصنة شرعاً.