د. فاضل&فضة
&
&
&
يتشابه تاريخ الحكم العربي بنهاياته الدرامية، خاصة في العصر الحديث، إذ قد تكون النهاية، الموت أو السجن المؤبد أو الإنقلاب والإعدام أو الهروب خارج حدود الوطن أو الوراثة. هذه هي المعادلة المحزنة في سياسة التعاقب السلطوي لعديد من الحكام العرب. وهي معادلة مؤسفة تعبر عن فشل المجتمعات العربية في تحررها من نمط تاريخي كان سائدا في دول العالم كلها.
ثم تغير هذا النمط في البلاد الغربية المتقدمة بفعل عوامل الوعي والتقدم وإرساء مفاهيم دول المؤسسات والحرية والديمقراطية، وفي إمكانية تناقل الحكم من حالة العنف إلى حالة من السلم الاجتماعي عبرالوسائل الديمقراطية، حيث يمارس الشعب حقه في اختيار من يحكمه ولفترة معينة فقط. بعدها يمكن أن تتغير السلطة عبر انتخابات تالية. وهذا ما هو حاصل في هذه البلاد والأمم.
وبين حالة العنف والقتل والدمار في المجتمع العربي، وبين حالة السلم الإجتماعي وقوانين الديمقراطية في الغرب، ما زال عديد من الشعوب العربية يعيش قلق الخوف والرعب والذل والإنطواء المفروض عليها من قبل حكامها الذين لن تكون نهاية مسرحية حياتهم أفضل مما ذكرنا.
لماذا توجد هذه المسافة الكبيرة بين القدرة على المشاركة في الحياة السياسية لكافة أبناء الشعب وبين صفة الاستحواذ الأناني المطلق لعقلية قديمة في التاريخ غير قادرة على رؤية الواقع وغير قادرة على الإستفادة من تاريخ الشعوب الأخرى؟
لماذا يصر بعض الحكام العرب على معاملة شعوبهم كقطعان من الغنم، تحرسهم أو تحاصرهم وحدات الأمن والمخابرات والعسكر. تحرمهم من العيش بأمان وسلام، من حق العمل بإنسانية، وحق إبداء الرأي، وحق النقد، وحق الحرية؟
لماذا يصر هؤلاء الحكام على العيش في الماضي وكأن العالم ما زال روما وهولاكو وهتلر وموسوليني وستالين والمقبوض عليه صدام حسين مؤخرا؟
ولماذا يصرّ العناد الأجوف والأحمق والأخرق على مواصلة السير في طرق مسدودة، آجلا أو عاجلا، لا بد أن تتغير محاورها وتدق رحاها؟
وكما عبث وأفسد صدام حسين في حق الشعب العراقي، عبث عديد من الحكام العرب بشعوبهم ومازالوا.
وكما انتهى صدام الأسبوع الماضي كتعبير عن تغير العالم عما كان عليه خلال القرن الماضي. قد تتغير معادلات تبادل السلطة في الوطن العربي الجديد خلال هذا القرن. وقد تتكرر أو لا تتكرر الصيغة التي تم بها احتلال العراق وإزاحة حكمه، لاندري، إنما لا بد للعالم العربي أن يتغير وهذا التغير لابد ان يكون باتجاه الأفضل.
هل يمكن أن يكون للنظام العراقي القادم ان يكون ديمقراطياُ في المستقبل، أم أن الديموقراطية لايمكن أن تنجح.
إن نجحت التجربة العراقية وقدمت نموذجا جديدا للديمقراطية في العالم العربي، فهذا شأن جيد، أما إن لم تنجح فإن الوضع سيؤول إلى مأساة جديدة، سيعيشها العراق ومن حوله من الدول العربية.إذ أن المأساة قد تعنى التفكك والأنقسام إلى دول متعددة وهذا لا بد ومنعكس على الدول المجاورة. أما إذا انسحبت القوات الأمريكية منه وعاد العراق إلى حالة من الديكتاتورية، فإنه قد يكون قد كتب على هذه البلاد السلام وقرن قادم أخر من الظلام.
هذه هي الحالة المأساة التي تغلف عديد من البلاد العربية، فلا حاكم ولا احد من هذه الأنظمة قادر على الاعتراف بأن طرق الحكم الممارسة بها قد اصبحت بالية وان عهدها قد ولى.
وما زالت هذه الدول تدفع بالنخب الفكرية والعلمية للهرب أو التغرب، خارج حدود اوطانها، في بلاد الله الواسعة.
وما زال المواطن العربي يعيش الزمن العثماني و حكم المماليك أوغيرهم، ومازال الوطن سجنأً كبيرأ. والعيش صعباً، والحرية شعار.
هذا العالم صاحب القدر الشقي، يحتاج إلى براكين عديدة لإخراجه من دوامة الركود والحلقات المفرغة في كل شئ.

كاتب سوري، مونتريال - كندا