ماهر الزيرة
&
&

&
الثقافة "البمباعية": هي ثقافة لاتتحدث إلا باسم قطيع الأمة، ولاتعبر عن "خصائها" إلا بواسطة اخنزال كتلة ثقافية أو جماعة معينة، تدعي أنها ناطقة بخير حقيقتها وسادنة لأحلامها. الثقافة "البمباعية": موقف من الإنسان، يجرّده من أسمى ملكة إنسانية لديه وهي إرادة (الاختيار)، لتختصره في تحققات جماعية هستيرية ولامسؤولة، تصادر عليه إرادته الفردية الحرة.
الثقافة "البمباعية": نزوع نخبوي تُدار سياسة الحقيقة لديه، من خلال التعامل مع (الجماهير) و(الأمة) و(الكثرة الكاثرة)، بوصفهم شبكات عاطفية وغرائزية يتم استغلالها لتمرير أشنع المباديء وأشدها تخلفاً وعنصرية. الثقافة "البمباعية": سمة الأدلوجات الثورية، التي لاتستطيع التفكير في الإنسان والأشياء والعالم، إلا عبر الثنائيات الجاهلية القاتلة: تقدمي ورجعي، طليعي وظلامي، ثوري وخائن، حزبي وعميل... إلخ
إن إحدى تحققات الثقافة "البمباعية"، اليوم، يمكن أن نجدها، بجلاء، في الوجه القبيح واللاإنساني، الذي بدأت تتكشّف عنه الأدلوجة القومية، على مابدا ذلك بعد سقوط نظام الجرابيع في بغداد، وعرّابه "الركن المهيب" صدام. فالبيانات الرومانسية التي صدرت عن عصابات القوميين من المحيط إلى الخليج، كلها تتحدث باسم الأمة، وكلها ترى في صور صدام الذليل عبر الفضائيات إهانة وإذلال للشخصية العربية، وكلها تركب اسم الجماهير ركْباً، كما لو أن هذه الجماهير حفنة من الأُجراء و"اللواطية" في سوق بغاءٍ، هم قَوّادُونها.
ثمة تحقّقٌ آخر، لكنه موارب ومستتر، يظهر في الشراذم "الي ما استحوا" من شلة المحامين والحرامية، الذين تبرعوا للدفاع عن أبشع ديكتاتور فاشيستي هالك في العصر الحديث؛ بنية فضح السياسة الأميركية، ومسؤوليتها الكاملة عن صناعة هذا الجربوع، وتسليحه بالأسلحة المحظورة إنسانياً هكذا قالوا !-.
قلت عن هذه الشلة الأخيرة بأنها مواربة،كونها تريد أن تظهر كما لو أنها صاحبة حق وأهداف نبيلة، في حين أنها تضمر أبشع الأهداف "بمباعية"، وألصقها التحاماً ومولاة لداء الاستبداد الذي قال عنه الكواكبي بأنه "داء الشرق".. وهذا مالايخفى أو يذهل حتى على عين أعور. إن الاستراتيجية الخطابية التي يرتكبها، بذرائعية، هؤلاء "البمباعيون"، تغرض إلى إسقاط مسؤولية الجربوع البائد عن جرائمه التي ارتكبها في حق الإنسانية، تحت دعوى أنه لم يكن سوى لعبة في يد شياطين الإنس والجن من الدول الكبرى ؛ لكن هؤلاء "المساطيل" نسوا، وهم دائماً ينسون، ماكان يقوله الفليسوف "هايدغر": (بأن المهيمِن بكسر الميم- لايهيمن بسبب قوته ونفوذه فقط، إنما لقابلية المهيمَن عليه بفتح الميم- للهيمنة).. وهذا بالضبط، ماكان عليه الركن المهيب حارس بوابة الدعر و"التفلنزية" الرفيق الأجرب: صدام.

طالب بحريني في أميركا
[email protected]