سامي البحيري
&
&
&
رفضت بأباء وشمم فى السنوات الأخيرة أن أسمح بدخول القنوات الفضائية العربية الى منزلنا العامر، وذلك لعدة أسباب، أهمها هو تجنب أصابة بناتى بالتخلف العقلى، وأيضا تجنب أصابتى بالذبحة الصدرية! ولكنى الأسبوع الماضى قررت الأذعان لمطلب زوجتى العزيزة بأن أشترك فى بعض القنوات الفضائية العربية لفترة محدودة أثناء أقامة حماتى العزيزة والتى حضرت من القاهرة للزيارة. وقالت لى زوجتى أن والدتها سوف تشعر بالوحدة والغربة اذا لم تشاهد محطات التليفزيون العربية، المهم أخيرا رفعت الراية البيضاء وتم التسليم، ودخلت القنوات العربية الفضائية الى بيتنا مظفرة أخيرا.
&وفى عطلة نهاية الأسبوع الماضى تنقلت بين المحطات الفضائية وشاهدت التالى :
أولا: الدكتور عمرو خالد (الشيخ الشعرواىالمودرن)
على إحدى القنوات تشرفت لأول مرة بمشاهدة الدكتور عمرو خالد والأستماع الى صوته الحنون العذب وهو يشرح لمجموعة من الفتيات والشبان عن أهمية الأنتباه للشيطان الشاطر أثناء فترة الخطوبة، وأن الشيطان سوف يأتيهم من حيث لا يحتسبوا، وتفتق ذهنه عن حل عبقرى شرعى لمسألة خلوة الفتى والفتاة أثناء فترة الخطوبة، وأنه يجب على الأهل أعطاء الفرصة لهم لكى يخلوا بأنفسهم بدون أن يخلوا بأنفسهم، وذلك بأن يجلس الفتى والفتاة المخطوبين فى الصالون مع ترك الباب مفتوحا (لأنه ما أجتمع رجل وأمرأة الا كان الشيطان ثالثهما)، وعلى الأهل أن يجلسوا فى الصالة فى نفس الوقت بدون أن يتصنتوا على الفتى والفتاة. وأستمتعت بالدكتور عمرو خالد لمدة عشر دقائق وقررت تغيير القناة، فكان حظى:
على إحدى القنوات تشرفت لأول مرة بمشاهدة الدكتور عمرو خالد والأستماع الى صوته الحنون العذب وهو يشرح لمجموعة من الفتيات والشبان عن أهمية الأنتباه للشيطان الشاطر أثناء فترة الخطوبة، وأن الشيطان سوف يأتيهم من حيث لا يحتسبوا، وتفتق ذهنه عن حل عبقرى شرعى لمسألة خلوة الفتى والفتاة أثناء فترة الخطوبة، وأنه يجب على الأهل أعطاء الفرصة لهم لكى يخلوا بأنفسهم بدون أن يخلوا بأنفسهم، وذلك بأن يجلس الفتى والفتاة المخطوبين فى الصالون مع ترك الباب مفتوحا (لأنه ما أجتمع رجل وأمرأة الا كان الشيطان ثالثهما)، وعلى الأهل أن يجلسوا فى الصالة فى نفس الوقت بدون أن يتصنتوا على الفتى والفتاة. وأستمتعت بالدكتور عمرو خالد لمدة عشر دقائق وقررت تغيير القناة، فكان حظى:
&
ثانيا: الأستاذ فهمى هويدى كاتب الأسلاميات بالأهرام
لأول مرة أيضا أشاهد الأستاذ فهمى هويدى، وكان يشرح فى مقابلة تليفزيونية لماذا يتحتم على العرب رفض ديموقراطية أمريكا المستوردة، لأنها غير نابعة من تراثنا وتقاليدنا، ونسى أن يشرح لنا لماذا لم يرفض سيادته أرتداء (الكرافتة) الأنيقة المستوردة، والبدلة الشيك المستوردة التى كان يرتديها لزوم التصوير، ولماذا لم يرفض الجلوس أمام عدسة الكاميرا التليفزيونية الأمريكية المستوردة، ولماذا قبل أن تنقل صورته من خلال القمر الأمريكىالصناعى للأتصالات الذى أنطلق الى الفضاء بصاروخ أمريكى مستورد. ولم أتحمل هذا النفاق الأجتماعى والسياسى أكثر من خمس دقائق، ثم تحولت الى قناة أخرى وشاهدت العجب العجاب.
لأول مرة أيضا أشاهد الأستاذ فهمى هويدى، وكان يشرح فى مقابلة تليفزيونية لماذا يتحتم على العرب رفض ديموقراطية أمريكا المستوردة، لأنها غير نابعة من تراثنا وتقاليدنا، ونسى أن يشرح لنا لماذا لم يرفض سيادته أرتداء (الكرافتة) الأنيقة المستوردة، والبدلة الشيك المستوردة التى كان يرتديها لزوم التصوير، ولماذا لم يرفض الجلوس أمام عدسة الكاميرا التليفزيونية الأمريكية المستوردة، ولماذا قبل أن تنقل صورته من خلال القمر الأمريكىالصناعى للأتصالات الذى أنطلق الى الفضاء بصاروخ أمريكى مستورد. ولم أتحمل هذا النفاق الأجتماعى والسياسى أكثر من خمس دقائق، ثم تحولت الى قناة أخرى وشاهدت العجب العجاب.
&
ثالثا : الجان والعفاريت :
شاهدت معظم هذا البرنامج على أحدى القنوات العربية، وكان عن الجن والعفاريت، ودار الحوار فى مواقع الأحداث والتى أعتقد أنها فى أحد مخيمات اللآجئين الفلسطينيين فى الأردن أو فلسطين أو جنوب لبنان (لأنى لم أشاهد البرنامج من أوله)، وشاهدت أثنين من المشعوذين الذين قد تخرجوا من جامعة الجن والعفاريت، وتحدث أحدهم بلهجة فلسطينية وبأقتدار شديد وبثقة شديدة يحدسه عليها الدكتور عمرو خالد، وقد قسم الجان الى أربعة أقسام (مثل تقسيم القوات المسلحة) : فأتضح لى أن هناك الجان الأرضية (مثل قوات المشاه)، والجان البحرية (مثل القوات البحرية)، والجان الجوية (مثل القوات الجوية)، والجان تحت الأرض (وهذه ليس لها مثيل فى القوات المسلحة) ، ولم يتطرق خبير الجن والعفاريت عما اذا كان هناك الجان المشاه البحرية - المارينز (جن أمريكى)، أو عما اذا كان هناك جان المشاه الجوى (على راى أبو لمعة الكوميديان الذى كان يقول أنه تم تجنيده فى سلاح المشاه الجوى!!)، والمشاه الجوى هو أقلرب الى طبيعة الجن، لأن الجاذبية الأرضية لا تشكل أى مشكلة بالسبة للجن.!!
&وقال الخبير بأنه قبل البدء بعلاج أى مريض يركبه الجان يجب أن نعرف الى أى فرع من فروع الجان ينتمى هذا الجن، لأنه لكل فرع طريقة علاج مختلفة، (وعنده حق، لأنه ليس من المعقول علاج الجان البحرية اذا لم تكن تعرف السباحة والغطس مثلا) . وبالطبع الموضوع بالنسبة لى كان بمثابة منجم ذهب للكوميديا، لذلك أصررت على الأستمرار فى المشاهدة.
&وقال الخبير بأنه قبل البدء بعلاج أى مريض يركبه الجان يجب أن نعرف الى أى فرع من فروع الجان ينتمى هذا الجن، لأنه لكل فرع طريقة علاج مختلفة، (وعنده حق، لأنه ليس من المعقول علاج الجان البحرية اذا لم تكن تعرف السباحة والغطس مثلا) . وبالطبع الموضوع بالنسبة لى كان بمثابة منجم ذهب للكوميديا، لذلك أصررت على الأستمرار فى المشاهدة.
وجاء الشاب الآخر الذى قسم الجان تقسيما آخر، فقال أن هناك جن مسلم وأن هناك جن يهودى وأن هناك جن نصرانى، وأن هناك جن مشرك!! وأفتى أيضا بأن الرسول عليه السلام قد تمكن منه جن يهودى وأصابه فى معدته، ولم يصبه فى عقله لأن الرسول معصوم من أصابة العقل، وأن الرسول قد تخلص بنفسه من هذا الجن!! ولست أدرى ان كان هذا الرجل يؤمن برسول آخر (من ورانا) غير الذى نؤمن به جميعا.
وبدأت أكثر لحظات البرنامج أثارة، وهى لحظات العلاج، عرضوا علينا شاب يرتجف بشدة، ويبدو كمن أصابته نوبة صرع، ولكن هذا الواضح للجهلة أمثالنا، وبخاصة الأطباء منا، لا يصح الأخذ به، لأن ما خفى كان أعظم، وأتضح للسيد المعالج بأن هذاالشاب عليه (عفريت) يهودى، وهذا أمر طبيعى لأنه شاب فلسطينى!! وبدأت وسائل العلاج أمامنا، وكان أقصاها، أن" خبير الجن" ، يقوم بالضرب على صدر الشاب الملقى على الأرض أمامه بشدة كلما أرتجف، ولما لم تفلح تلك الوسيلة، جاءوا بسماعات حديثة جدا (هيد فون) ووضوعوها على أذنى المريض، وبدأوا فى أرسال بعض آيات القرآن الكريم الى أذن المريض أثناء نوبة أرتجافه، ويبدو أن خبير الجن لم يجد لزوما لحفظ آيات القرآن تلك طالما لديه أحدث التسجيلات وبأصوات كل المشايخ. وبعد فترة انتهت أرتجافات الشاب، وتم أجراء مقابلة تليفزيونية معه، وقد صرح بأنه قد داخ السبع دوخات على الأطباء الذين لم يستطيعوا عمل أى شئ له، وأنه قد تم له الشفاء على يد هذا الشيخ المبروك بعد أن خلصه من الجن اليهودى، (شاهدين... اليهود ورانا ورانا حتى العفاريت طلعوا يهود)!!
وبدأت أكثر لحظات البرنامج أثارة، وهى لحظات العلاج، عرضوا علينا شاب يرتجف بشدة، ويبدو كمن أصابته نوبة صرع، ولكن هذا الواضح للجهلة أمثالنا، وبخاصة الأطباء منا، لا يصح الأخذ به، لأن ما خفى كان أعظم، وأتضح للسيد المعالج بأن هذاالشاب عليه (عفريت) يهودى، وهذا أمر طبيعى لأنه شاب فلسطينى!! وبدأت وسائل العلاج أمامنا، وكان أقصاها، أن" خبير الجن" ، يقوم بالضرب على صدر الشاب الملقى على الأرض أمامه بشدة كلما أرتجف، ولما لم تفلح تلك الوسيلة، جاءوا بسماعات حديثة جدا (هيد فون) ووضوعوها على أذنى المريض، وبدأوا فى أرسال بعض آيات القرآن الكريم الى أذن المريض أثناء نوبة أرتجافه، ويبدو أن خبير الجن لم يجد لزوما لحفظ آيات القرآن تلك طالما لديه أحدث التسجيلات وبأصوات كل المشايخ. وبعد فترة انتهت أرتجافات الشاب، وتم أجراء مقابلة تليفزيونية معه، وقد صرح بأنه قد داخ السبع دوخات على الأطباء الذين لم يستطيعوا عمل أى شئ له، وأنه قد تم له الشفاء على يد هذا الشيخ المبروك بعد أن خلصه من الجن اليهودى، (شاهدين... اليهود ورانا ورانا حتى العفاريت طلعوا يهود)!!
ورغم أن الموضوع كوميدى جدا الا أننى شعرت بالأسى الشديد وبالحزن على هؤلاء الشبان المساكين، وفى نفس الوقت لم أستطع أخفاء أعجابى بخبراء الجن والعفاريت وعلى ثقتهم الشديدة بعلمهم ولم يرهبوا وجودهم أمام كاميرا التليفزيون، وكانوا يتحدثون عن الجن كأنهم من بقية أهلهم، وقاموا بتقسيم كل أنواع الجن بثقة الحقائق الدامغة وكأنهم يتحدثون عن شروق الشمس من المشرق، والشئ الذى عجزت على فهمه هو الفرق بين الجن والعفاريت، وربما نشاهد هذا فى حلقات قادمة!!.
.....
ويوم واحد من أيام الفضائيات العربية كان جديرا بأثبات أننى كنت على حق فى رفضها منذ البداية، ولكننى لم أكن أتصور أنها قد تدهورت الى هذا الحد من التدهور، وأصبحت مرآة لما وصل اليه المجتمع العربى من تفسخ وكيف سيطر على العقل العربى فى غفلة من الزمن مجموعات من الأفاقين والمشعوذين والدجالين بشئون الدين، يستخدمونه فى السياسة والحكم، ويستخدمونه فى العلاج والطب، وليس فقط الطب النفسى، ولكن فى الطب العضوى، وأيضا يستخدمونه لحل المشاكل الاجتماعية، ويستخدمونه فى الأقتصاد والنصب على السذج تحت شعار الأستثمار الأسلامى، فأفسدوا الدين وأفسدوا الدنيا، وصدق حسين الخمينى حفيد الخمينى حين قال :"نريدالفصل بين الدين والسياسة، لأن السياسة قد أفسدت الدين، كما أفسد الدين السياسة".
.........
و لتهنأ حماتى العزيزة بالقنوات التليفزيونيةالعربية وأرجو أن تخفف من شعورها بالغربة فى بلاد الفرنجة، والى بعض الخبثاء أقول: أرجو عدم الربط بين عنوان هذا المقال وبين زيارة حماتى العزيزة وأقامتها معنا، لأنه لا يوجد علاقة بين الأثنين على الأطلاق!!
&
&
التعليقات