الرباط: في الطابق السفلي من بناية بشارع العلويين بالعاصمة المغربية الرباط يوجد مكتب من بضعة موظفين مهمته إجراء البحوث والدراسات حول الربط القار بين المغرب وإسبانيا عبر مضيق جبل طارق.
غير ان هذا المكتب ظل لسنوات عديدة رهينة أوراق وملفات ورسومات هندسية توقفت مع توقف الحماس بين البلدين حول إنجاز هذا المشروع الضخم الذي أعلن عنه قبل أكثر من عشرين عاما خلال أول زيارة قام بها العاهل الإسباني "خوان كارلوس" إلى المغرب حين أعلن الملك الراحل الحسن الثاني عن نية البلين إنجاز ربط قار بين البلدين.
ومع مرور السنين دخل هذا المشروع حالة الجمود, أو حالة الموت الإكلينيكي ليصبح مجرد ذكرى من الماضي نظرا للتكاليف الباهظة التي يكلفها, إضافة إلى عوامل جيوسياسية ساهمت في وضعه على الرفوف في انتظار أوقات أفضل لإنجازه او الإعلان عن وفاته رسميا.
وفي الوقت الذي نسي أغلب المغاربة والإسبان قصة هذا المشروع الضخم وانشغل الجميع بالمشاكل المتراكمة بين البلدين والاتهامات المتبادلة بتشجيع الهجرة السرية وتجارة المخدرات حتى صارت العلاقات بينهما على وشك القطيعة, قفز المشروع فجأة إلى واجهة الأحداث وتم الإعلان أخيرا عن تخصيص حوالي 28 مليون أورو لبدء الدراسات حول إنجاز خط سكة حديد مزدوج بين البلدين يبلغ طوله 38 كيلومترا تحت البحر.
الإعلان عن إحياء هذا المشروع القديم جاء عقب الزيارة الرسمية التي قام بها قبل اسبوعين إلى المغرب رئيس الحكومة الإسبانية "خوسي ماريا أثنار" والتي تم خلالها الإعلان عن عدد من الإتفاقيات الاقتصادية والسياسية. لكن أهم ما خرجت به هذه الزيارة هو الإعلان عن نية جدية في بدء الدراسات لمشروع ربط بين إفريقيا وأروبا من المنتظر أن يكلف أزيد من ثلاثة ملايير اورو.
الربط السككي البحري المزدوج تحت مياه جبل طارق سيبلغ طوله حسب التوقعات المعلن عنها 28 كليومترا على عمق مائة متر تحت البحر, غير أن النتائج النهائية لهذا المشروع لن تصبح جاهزة قبل ثلاث سنوات, وهو الموعد المرتقب لإنهاء الأبحاث والدراسات.
ويعتبرالاتفاق على بناء السكة الحديد تحت البحر إنجازا مهما في حد ذاته بعد أن كان موضوع الربط القار طوال العشرين سنة الماضية يتراوح بين الكلام عن قنطرة أو طريق سيارات تحت البحر مما كان يدل على أن المشروع يراوح مكانه.
وفي حال تحقق المشروع الذي ستنتهي أشغال دراسته سنة 2006, فإنه سيعتبر إنجازا كبيرا من الناحية الاقتصادية والسياسية بين بلدين تتنازعهما مصالح مشتركة ومتناقضة في الوقت نفسه, وبين قارتين تعيشان على طرفي نقيض من الناحية السياسية والاقتصادية.
التعليقات