نبيل فهد المعجل&
&
&
&
لو كنت مسؤولا حكوميا لاستحدثت خدمة الهاتف 700 للراغبين في المشاركه بمسابقة أفضل عريضة إصلاح قدمت للحكومة السعودية سنة 2003. منها زياده في دخل الحكومة اللهم لا حسد بالإضافة لمعرفة الأصلاح الأكثر شعبية عند الشعب السعودي.
ماالذي يجري؟ عرائض إصلاحِ إلى الحكومة السعودية تَجيء وتروح اسرع من قدرتنا على الفهم و الإستيعاب وعلى رأي الفنان الكويتي الكبير سعد الفرج في المسلسل الكوميدي درب الزلق "بسنا إصلاحات وين بنحطهم" مع الإعتذار للتحريف البسيط.
إذا أردت إسترعاء انتباه الناس من حولك كل ما عليك هو ذكر كلمة إصلاح إثناء حديثك. إذا أردت إنهاء معاملتك الحكوميه بشكل أسرع أحشر كلمة " إصلاح" في طلبِك. إذا اوقفك رجل مرور بداعي السرعه وتريد الإفلات من المخالفه قل له انك في طريقك لشراء شوية إصلاحات من البقالة القريبة وستفلت من المخالفه مصحوبه بتحيه كبيره. السيارات الفاخرة، الوسامة، الثروة، والتأنق كلها أساليب قديمه في جلب إنتباه النساء الجميلات ولا أستبعد ان فرحة هؤلاء النسوه هذه الأيام بكلمة إمرأه صالحه أكثر من كلمة إمرأه جميله أو إحدى مفردات الغزل المستعمله هذه الأيام.
هل لكل الناس التفسير ذاته لكلمة الإصلاح؟ لا أعتقد ذلك. دعونا نأخذ جولة سريعه في شرائح من مجتمعنا ونرى. سأبدأ بنفسي.
أشعر بالحساسيه من كلمة " الإصلاحِ" لأنها تذكرني باحد ردود والدي المشهورة في صغري كلما طلبت منه شيئاً "يا كثر طلباتك. إنتبه لدروسك جعلك الصلاح" . كان فهمي لكلمة الصلاح في حينها موازيا لفهمي واستيعابي لكتب مدرستي وهذا موضوع آخر ذو شجون وذكريات مضحكه.
غامرت مرة و فَتحت موضوع الإصلاحِ مع عائلتي أثناء العشاء وهو بالمناسبه الوقت الوحيد الذي نتحدث فيه. سألني أولادي عن معنى الإصلاح؟ أخبرتهم بأن ألإصلاحِ حملةَ تهدف لمعرفة الأخطاء وتصحيحها وذلك بوضع خطه أو مجموعة خطط واضحة المعالم تنفذ وفق خط زمني محدد. أعطتني زوجتي نظرةَ مصحوبة بإبتسامة نصر كبيرة. خمنت فوراً سر إبتسامتها: الإصلاح بنظرها هو أن أكون أكثر لطفاً معها! حمدت الله أن فهمها للإصلاح توقف عند ذلك! لا داعي للذكر ان تعريف اولادي للإصلاحِ لم يذهب أبعد من الحصول على الهواتف النقالة الجديدة، والخروجِ أكثر من البيت، ومصروف إضافي بالطبع. طبعا طلبت منهم، وفورأ، غسل أيديهم ومراجعة دروسهم مع دعائي لهم بالصلاح.
الأزواج الضعاف جنسيا ينظرون إلى الإصلاحِ من زاوية حاجتهم الفورية. بالنسبة إليهم الإصلاح هو إعادة علاقتهم الجنسية الى سابق قوتها وهذا ممكن الحصول عليه بحل سريع (شوية فياجرا بالرغم من آثارها الجانبية) أَو بحل طويل المدى (معالجةَ نفسيةَ أَو جسمانيه). فأَيّ إصلاح سيختارون؟ أعتقد والله أعلم سوف يركزون على الحل الأسرع ولا يلامون في إختيارهم.
رجال الأعمال ينظرون الى الإصلاح على انه جملة من القرارات تنصب في صالح تجارتهم وبالتالي زيادة في أرباحهم.
قمة طموح غالبية النساء، وأستثني العاملات، هى قيادة السياره. صحيح انه مطلب شرعي ولا أستطيع الجدال هنا ولكن أليس من الأولى بهن البحث عن حلول لمشاكل أكبر كالبطاله والعنوسه؟ ألا يكفي ما تعانيه شوارعنا واعصابنا من ( فرفرة) شبابنا العاطل عن العمل؟
الغريب في أمر هذه العرائض أن جميعها تشير بأصابع الإتهام إلى الحكومة لكلّ نكساتنا. الحكومه، باعتبار أنها نصبت نفسها من حيث لا تدري المثل الأعلى، تتحمل جزءا من الحال الذي وصلنا الى ما نحن فيه. ولكن لنلق نظره لبعض التصرفات (الغير حكوميه) ونسأل إن كانت هذه العرائض تعكس رغبة واقعية للتعاون مع الحكومه أم إنها مجرد كلام ليل يمحوه النهار.
كيف نفسر إستدعاء مئات الآلوف من عمال النظافه من آخر بقاع الأرضِ لتَنظيف شوارعنا؟ أليس بالإمكان أن نكون أكثر ومسؤوليه و نظافة (أو أقل .....) ونساعد الحكومة في تقنين هذا الإنفاق المجنون في إمور أكثر فائده.
كيف نفسر التبذير غير المسئول في كل ما يتعلق بالهاتف الجوال من مكالمات و رسائل ناهيك عن تغيير الأجهزه بصفه مستمره؟ أليس بالإمكانِ أيضا أن نكون أكثر مسؤوليه ونختصر بعض هذه النفقات التافهه؟
كيف نفسر سلوكنا المفجع في كل ما يتعلق بالأكل؟ في أقرب زيارة لك لمركز تسوق قارن كيف تتبضع العائله السعوديه مع غيرهم من الجنسيات الأخرى. السعوديون بشكل عام مهوسون بشراء كل ما تقع عليه أعينهم كأن هناك حرب نووية سوف تقع في اليوم التالي. الغريب في الأمر أن نصف الأكل يكون طريقه إلى سلة القمامه في اليوم التالي. العائلة المنتمية للشعوب المنظمة تذهب وتتسوق حسب حاجتها ليوم أَو أثنين أما نحن فنذهب الى مركز التسوق ونخرج منه بربع محتوياته!
كيف نرسل هذه المبادرات الإصلاحيه إلى حكومتنا بينما يذهب ما يعادل ربع رواتبنا الشهريه في شراء الملابس؟ الشيء المضحك بأن لا أجسامنا ولا البيئة التي نعيش فيها من طقسِ سئ ومجتمع منغلق وأمور أخرى تشجعنا على شراء الملابسِ الثمينه. مرة أخرى، أليس بإمكاننا أن نلبس ملابس نظيفة ولائقة ونوفر قليلأ من إنفاقنا؟
كيف نرسل هذه المبادرات الإصلاحيه إلى حكومتنا والغالبية العظمى من شعبنا يسافر الى الخارج فترة الصيف ليبقى تحت طائل الديون بقية السنه
هذه الحملات الإصلاحية تذكرني بشعار الحملة الإنتخابية للرئيسِ السابق للولايات المتحدة الأمريكية بيل كلنتون عام 92 ضد الرئيسِ جورج بوش الأب "أنه الإقتصاد يا غبي"
وانا بدوري أتوجه لأصحاب عرائض الإصلاح ومؤيديها بهذا القول " أنه الإقتصاد جعلكم الصلاح" ولنبدأ بأنفسنا مع ترقب ما ستسفر عنه مسابقة أفضل عريضة إصلاح لسنة 2003.
والله من وراء القصد.


&الدمام- السعوديه
[email protected]