د. خالد منتصر
&

&
[ قراءة محتويات حقائب المصريين العائدين من رحلة الحج فى رأيى من أهم القراءات الإجتماعية التى تعكس الإهتمامات والأولويات وكذلك الأمانى والأحلام، ولاأعرف السر فى إهمال علماء الإجتماع والنفس لمثل هذه القراءة الحقائبية والتى ترجع أهميتها إلى أنها حقائب رحلة روحانية مقدسة المفروض أن يهتم فيها المرء بالروح لابالجسد، ولكن المفروض شئ والواقع شئ آخر، فبعد أن كانت الحقائب تضم الفياجرا إلى جانب المسابح الكهرمان والطواقى البيضاء وزجاجات ماء زمزم، توارت الفياجرا وأصبح السنافى هو البطل الذى يقف فى مقدمة الكادر ويسرق الكاميرا !!، وللأمانة أعترف بأننى عرفت هذا السنافى والثورة التى أحدثها فى السعودية من أحد مرضاى العائدين من الحج والذى أخرج لى العلبة السحرية من جيب بنطلونه وكأنه يخرج قطعة حشيش فإكتشفت أنه دواء منشط جنسى إنتاج سعودى، وبعد البحث والتقصى عرفت أنه صار يمثل ثورة فى عالم المنشطات الجنسية هناك وفى أنحاء العالم العربى من المحيط إلى الخليج، وبات لزاماً علىّ أن أشرك معى القراء فى رحلة البحث عن سنافى وقراءة آثاره الطبية والإجتماعية على مجتمع متحفظ مثل المجتمع السعودى .
[ تقول أحدث الإحصائيات أن رجال السعودية ينفقون أكثر من مائة وأربعين مليون ريال على المنشطات الجنسية، وهو رقم يكفى لبناء مساكن شعبية لجميع الشباب المصرى الأعزب وتزويجه وتجهيزه بل وكفالة أبنائه !، ولأن هذه الريالات كانت تصب فى حجر الشركات الغربية الكافرة فإن السعودية قررت أن تصرف نفس المبلغ ولكن فى كنف الشركات السعودية المؤمنة، وكانت النتيجة دواء "سنافى " الذى يعيد الفحولة إلى السعوديين، وتحقق الشعار الذى وضعته الشركة السعودية إعلاناًً للدواء وهو بيت الشعر الذى يقول : كم ليلة من الدهر مظلمة قد ضاء من بعدها صبح من الفرج
وهو يؤكد عنوان موقع الإنترنت الخاص بالدواء وهو "شريك يعتمد عليه "، وأعتقد أن ترديد هذا البيت من الشعر أفضل من الدندنة بأغنية محمد منير التى يتذكرها كل مريض جنسى عربى حين يقول "خايف أوعدك ماوفيش أقولك فيه تلاقى مافيش "!!!.
[ هذا الدواء السعودى هو نتاج مفاوضات ناجحة بين الشركة السعودية للصناعات الدوائية وشركة ليللى العالمية لتصنيع عقار التادلافيل الجديد لتصبح السعودية هى أول دولة عربية تستأثر بهذا الدواء الذى ينتظر الباحثون له أن يتفوق على الفياجرا والأوبريما وينضم إلى قائمة أسلحة العمار الشامل المسموح بها للعرب برغم الحظر الأمريكى لأنواع أخرى من الأسلحة، وهذه الإتفاقية السعودية الأمريكية مدتها ثمان سنوات فقط ... ولكن ماهى قصة دواء التادلافيل بطبعته الغربية أو السنافى بطبعته العربية ؟.
[لنبدأ الحديث عن الشركة الأساسية التى منحت السعودية حق تصنيع الدواء وهى شركة "ليلى" التى بنت شهرتها على دواء أثار ضجة عند ظهوره أقوى من ضجة الفياجرا وهو دواء "البروزاك " المضاد للإكتئاب، والمدهش أن شركة ليللى هى أول شركة دواء موضوعة على قائمة المقاطعة العربية التى تم توزيعها إبان الإنتفاضة وذلك لمساعداتها المادية لإسرائيل، ولهذا أعتقد أن أول فشل لهذه المقاطعة العربية سيحدث عندما نقاطعها فى العلن ونشترى فى السر دواء السنافى !!، لأنه وإن كان يعمل مثل الفياجرا على نفس الإنزيم إلا أنه يحمل مفاجأة ستجعل الجميع يتهافت عليه كما صرح البروفيسور إيرا شارليب أستاذ المسالك البولية بجامعة كاليفورنيا والذى نقل للمحافل العلمية سر التادلافيل وهو مدة عمله وفاعليته التى تمتد لأكثر من 24 ساعة بعد تناوله على عكس الفياجرا الذى يعمل من أربع إلى ست ساعات فقط، كما أن تأثيره أسرع فهو يعمل بعد دقائق قليلة من إبتلاعه، وإذا توفر سيكون أكبر مستفيد فى العالم هو الملياردير الأمريكى بيل جيتس أغنى رجل فى العالم والذى إخترعت له مصر نكتة عقب إكتشاف الفياجرا وفصلتها على مقاسه حين قالت أنه أول المستفيدين لأنه ميكرو وأيضاً سوفت! تندراً على إسم شركة الكمبيوتر التى يمتلكها، وسر إستفادة جيتس أنه يمتلك 9% من أسهم شركة إيكوس للتكنولوجيا البيولوجية التى طورت هذا الدواء الجديد.
[ صورة أخرى من صور سيطرة الشركات عابرة المحيطات ومشهد آخر يعبر عن مدى ديناصورية الكيانات الإقتصادية الكبرى على المشهد العربى، وقد ساعد عليه للأسف أننا لانفكر فى التقدم العلمى وتطبيقاته إلا حين يحفزنا النصف الأسفل وليس النصف الأعلى برغم أننا ندين الجنس فى كل وقت ونضحك على أنفسنا بالزعم الزائف أننا شعوب روحانية تحتقر الغرائز!، فى حين يمسك كل مواطن عربى فى يمينه بكتب الأدعية يبحث فيها عما يقيه من الحسد والجن، وفى يساره بالريموت كنترول يبحث به عن قنوات البورنو فى القمر الأوروبى !، ويهاجم "روبى" فى العلن ويفتح ميلودى فى السر ليغنى معها ليه بيدارى كده !، ولأننا لاندارى كده سنتعرف على ماهو دواء السنافى بالتفصيل ؟.
سنافى دواء على هيئة أقراص 20 ملجم وتحتوى العلبة على أربعة أقراص وثمنها 145 ريال أى أن القرص يساوى تقريباً 75 جنيه مصرى، ومادة التادلافيل تثبط إنزيم ال PDE5 مؤقتاً مماينتج عنه زيادة الإنزيم الآخر الذى يعمل على تدفق الدم لأنسجة القضيب ومن ثم يؤدى إلى الإنتصاب، وبالطبع لابد أن تكون هناك رغبة مثلما يحدث مع عقار الفياجرا، ويتميز السنافى بأنه لايؤثر على رؤية الألوان كما يحدث مع الفياجرا ولايؤثر على عدد الحيوانات المنوية أو حركتها، وإمتصاصه سريع وتحدث النتيجة المطلوبة بعد ربع ساعة ويمتد المفعول إلى أربع وعشرين ساعة، ولابد أن نفهم مسألة الأربع والعشرين ساعة بطريقة صحيحة حتى لايحدث خلط فى الأذهان أن الرجل يظل فى حالة إنتصاب كل هذه المدة فهذا شئ مستحيل بل وقاتل ! ولكن مايحدث هو أن الرجل من الممكن أن يكون جاهزاً ومهيئاً للعملية الجنسية لأن الدواء مازال مؤثراً طيلة هذه المدة، بمعنى آخر الدواء تحت الطلب ينتظر إشارة الإنطلاق، ومن المزايا أيضاً أنه لايحتاج أن يؤخذ كالفياجرا على معدة خالية، والسنافى لابد ألايؤخذ مع أدوية النترات الأخرى مثل أدوية القلب حتى لاينخفض الدم بصورة مرعبة، ولايعطى أيضاً لمرضى القصور الكلوى الشديد الذى يصل فيه تصريف الكرياتنين أقل من 30 ملم فى الدقيقة، أو القصور الكبدى الشديد.
ولاتقتصر التحذيرات على الأمراض بل تمتد إلى بعض الأدوية التى لابد ألايؤخذ معها السنافى مثل دواء النيزورال لعلاج التنيا وأدوية الحموضة والريفامبسين، ومن الأعراض الجانبية للسنافى الصداع وعسر الهضم، وهو مؤثر ومفيد لمرضى السكر ولاينصح به لمن هم أقل من 18 سنة.&
[والدواء الثالث الذى تنافس العرب على تصنيعه وكسبت الأردن السباق هو الأوبريما UPRIMA ، المهم أن هذا الدواء بالذات يعمل بطريقة مختلفة تماماً فهو يأخذ كقرص تحت اللسان يتسبب فى زيادة مادة تسمى الدوبامين فى المخ وهى المادة التى تنقل الإشارات العصبية، وبماأن المخ هو العضو الجنسى رقم واحد لأنه يأمر تابعه فإن الجميع ينتظر ويأمل أن يكون هذا الدواء ترجمة صادقة للسلوك الجنسى الطبيعى الذى يبدأ بالمخ وليس الجنس المفتعل المصنوع الذى يبدأ بالأعضاء التناسلية ويركز عليها ويحوله إلى مجرد عملية ميكانيكية بحتة فاقدة للمتعة والتواصل، والدواء المنافس للأوبريما هو هو الفاردينافيل VARDENAFIL وهو إنتاج شركة باير الألمانية وهو يعمل بنفس طريقة تثبيط الإنزيم التى يعمل بها الفياجرا والسنافى والتى تساعد على تدفق الدم، ولكنه أكثر فعالية وأكثر تخصصاً، أى أننا نحتاج إلى جرعة أقل من هذا الدواء لكى نحدث نفس تأثير الفياجرا والتى من الممكن أن تكون جرعتها أضعاف أضعافه، وأيضاً تأثير الفاردينافيل سيكون أكثر تخصصاً على الهدف المرجو فلا يصيب الأوعية الدموية الأخرى بإسترخاء وإتساع ومن ثم إنخفاض حاد فى الضغط وصدمة مميتة، وقد جرب هذا الدواء حتى الآن على مايقرب من خمسمائة مريض وقد تحسن الأداء الجنسى لثمانين فى المائة منهم بغض النظر عن سن المريض أو حالته الصحية، وهذا يمنح أملاً كبيراً لمرضى السكر الذين غالباً ما تتأثر حالتهم الجنسية، ومن الأعراض الجانبية البسيطة لهذا الدواء الصداع المؤقت وإحمرار الوجه، ، والكل كان ينتظر نزول هذا الدواء ويضع يده على قلبه خوفاً من أن تتسبب مافيا الدواء فى تأخيره ذلك لأن شركة باير التى عاشت أجمل أيامها وأكثرها إنتعاشاً منذ مدة بسيطة لأنها منتجة دواء "السيبرو "المعالج للجمرة الخبيثة، هذه الشركة مازالت تعانى من السمعة السيئة لدواء من إنتاجها لعلاج الكوليسترول كانت قد سحبته من السوق بعد وفاة 52 شخصاً ممن إستعملوه، والكارثة أن الحرب على دواء الكوليسترول كانت من أمريكا ومن شركة فايزر بالذات التى تصنع دواء آخر مضاداً للكوليسترول إسمه "ليبيتور " حققت منه أرباحاً قيمتها خمسة مليارات دولار ، وبالطبع إذا عرفنا أن فايزر هى منتجة الفياجرا فعلينا أن نتخيل شراسة الحرب القادمة على دواء العجز الجنسى الجديد، والكارثة أن هذه الحرب سيدخل فيها اليهود الذين يصرون على حرماننا من حقوقنا الجنسية كما حرمونا من حقوقنا الوطنية !، فهم يهاجمون شركة باير لأنها وريث شركة "فارين" الكيميائية التى كانت تمد النظام النازى الألمانى بالغاز الذى كان يستخدم فى الأفران التى كانت تستضيف اليهود الذين هم ورانا ورانا
، وهناك الأدوية التى مازالت قيد البحث والتى تجرى لإحتكارها إتفاقيات سرية وهى الأدوية الموضعية وهى قائمة طويلة أهم مافيها "الألبروكس " ALPROX و"التوبيجلان" TOPIGLAN، وهما مشتقان من مادة البروستاديل وهى مادة موسعة للأوعية الدموية وبما أنها موضعية فهى ستتفادى جميع الأعراض الجانبية الناتجة عن زحف هذا التوسع الدموى لكافة أعضاء الجسم بلاتمييز ، وحتى هذه اللحظة فإن مادة البروستاديل متوفرة فى السوق على هيئة إما حقن موضعية أو أقراص توضع فى مجرى البول وهما طريقتان مازالتا مرفوضتين من معظم المرضى الذين يتمنون نزول الدهانات الموضعية إلى السوق وهى ماتنسجم أكثر مع رغباتهم حتى لايرتبط الجنس بالألم وهو فى الأساس مصدر متعة وليس مصدر وجع، وآخر الأخبار الخارجة من المعامل البحثية أنه مازال أمامهم سنة على الأقل حتى تخرج هذه الأدوية الموضعية إلى النور
[ خرج دواء السنافى من هذه المنافسة الشرسة غانماً سالماً مسيطراً على السوق السعودى ومداعباً للخيال العربى الفحولى، لدرجة أن السعودية المتحفظة علقت إعلاناً ضخماً فى واحد من إشارات المرور المهمة يقول مع السنافى تعمل 24 ساعة !، وكما أن للدواء آثاره الطبية فهو أيضاً له آثاره الإجتماعية، وقد تناول دواء السنافى بالتعليق الصحف السعودية بأسلوب بعضه هجومى حاد وبعضه تهكمى ساخر، فقد كتب الأستاذ تركى الدخيل " ليعذرني القارىء والشركة السعودية الرائدة التي طرحت العقار "سنافي" بأن أجنح بخيالي ما قد لا يمت للواقع بصلة، لكنه المنتج الأكثر إثارة منذ سنوات، والحدث الكبير في الحرب على العراق والسقوط الدرامي لبغداد قد اعتليا قمة هرم اهتماماتي حالياً، فجاء هذا الربط.
"سنافي" العربي يصنع شعوراً خلقتها خلطات الكيماوية بأن حيوية الشباب ما زالت تشتعل في دواخل المتعاطين، والرجل العربي اليوم في حاجة إلى من يعيد له هيبته الضائعة، وقواه التي خارت أمام جبابرة العالم الذين صالوا وجالوا على هوانم في منطقته، وها هو العقار العربي يأتي في وقته ربما كان الكثيرون من العرب بحاجة في الواقع إلى إعادة تركيب الذهنيات قبل تناول المقويات والمنشطات وعقارات القوة المصنعة كيميائياً، ربما كان من الأفضل لمعظمنا أن نفكر في أن نكون فعالين قبل أن نصاب بالعته الفعلي ونصبح رهائن للأدوية ومسكنات الأم الهزيمة والإحباط، ربما حان الوقت أن نكون أقوياء بالعلم والإنجاز والتنمية، وأن نداول بيننا فكر التشجيع والتحفيز قبل قرارات القمع كيماوياً، أن نصنع بيئة صحية للفكر والعمل الخلاق وأن نحول القانون العربي الموحد بالوصاية على الناس إلى العمل من أجلهم، أن ترتكز قوى حكوماتنا العربية على قوة الفرد لا بقوة مخزن السلاح والتوجيه العسكري للجيوش وجحافل الفيالق "، وهكذا تتدخل السياسة لعنها الله حتى فى الجنس عند العرب، ويكتب عبد العزيز داغستانى فى جريدة عكاظ السعودية " السنافي السعودي الآن في الأسواق السعودية يعطي بارقة أمل للفحولة دون آثار جانبية ملحوظة ويعمل على مدار 24 ساعة متواصلة، وكأنه يقول لهؤلاء الرجال : "لا عليكم. . كلنا في الهوى سنافي !"، ويتهكم على أحمد المطوع فى جريدة الوطن من نفس المنظور السياسى اللعين فيقول " (سنافي) والذي لا نشك كعرب أنه سيعيد لمنطقتنا العربية والشرق أوسطية تحديداً شيئاً من التوازن العسكري والانضباط الأمني الذي فقدناه زمناً طويلاً بتفرد إسرائيل بامتلاكها أسلحة الدمار الشامل، و بقى أن أقول إن هذا الوقود المخصص لدفع صواريخنا العربية بالإمكان استخدامه في الأغراض السلمية وهنا تكمن الروعة في الإنجاز، وإنني ومن خلال هذا المنبر المتاح لكل أبناء العرب، أهيب بشعوبنا العربية تفعيل ذلك وتطويره من خلال الآليات المتاحة له حتى نثبت للوكالة الدولية للطاقة الذرية أننا شعوب مسالمة تستخدم هذا الوقود استخدامات سلمية لراحة الإنسان العربي وإذا لم يصدقوا فليرسلوا بليكس وفريق تفتيشه وليشاهدوا بأم أعينهم الاستخدامات السلمية لهذا الوقود"!!!.
[ وهكذا إختلطت السياسة مع الطب، وإمتزج الجد مع الهزل ولكن بقى شئ واحد فقط هو أن محاولة رسم كتالوج للمجتمع يخلو من ألوان وخطوط ومنحنيات الجنس عملية مستحيلة حتى ولو كانت فى السعودية أو الفاتيكان.