معد الشمري
&

&
ثمة العديد من المؤشرات التي تدل و بما لا يترك مجالا للشك أن الخط الصدري أو التيار الصدري أو حتى ما بات يعرف " بالحوزة الناطقة "، قد أتخذت من أيدلوجيا غريمها أذا ما صح التعبير المقبور عدي خير وسيلة في تطبيق ما عجزت عن تطبيقه طيلة السنوات الغابرات كبرى الأحزاب و القوى والتيارات الدينية وغير الدينية! وقد يستغرب البعض من المنعرج و المنزلق الخطير الذي سلكه مقتدى الصدر و الموقف الصعب الذي حشر نفسه فيه، ولكن المتابع الجيد لمسار الأحداث في العراق و لتصرفات مقتدى و خاصة أولئك الذين زاروا العراق مؤخرا" قد لا يستغربون كثيرا". فبعد سقوط النظام الصدامي بأيام قلائل شكل مقتدى لجنة مكونة من عدد من مرافقيه ومساعديه و تحت أشرافه المباشر، و كانت مهام تلك اللجنة عديدة ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
جمع أكبر عدد ممكن من المتطوعين ( في هذه المرحلة لم تكن فكرة " جيش المهدي " قد تخمرت في رأس مقتدى بعد! ) و لكنه أراد أن يكون له ما يشبه الحماية أو الحرس الشخصي حتى لو جاوز عددهم عشرات الآلاف، كما كان لعدي حرسه الخاص و مناصريه و مريديه الذين أشتراهم بالمال.
&توجيه رسالة عاجلة الى السيد كاظم الحائري ( المرجع الديني العراقي الذي يقيم في قم و الذي آلت أليه شؤون أدراة " الحوزة الناطقة " بعد أستشهاد آية الله العظمى السيد محمد محمد صادق الصدر ( والد مقتدى ) )، طلب مقتدى في تلك الرسالة من كاظم الحائري العودة الى العراق بأسرع وقت ممكن.
الأسراع في السيطرة على المقامات و المراقد الدينية في النجف وكربلاء وبغداد وسامراء، والأخطر من كل ذلك هو الحصول على فتوى من كاظم الحائري تنص على أحقية الحصول على الأموال الشرعية وأستخدامها بما ينفع المؤمنين ( وهذه عبارة مطاطة )، ووجوب تحويل جميع الأموال التي تتجمع في المراقد الدينية الى " الحوزة الناطقة " بعد أن يتم الأتفاق بهذا الشأن مع السيد علي السيستاني.
هذا بالأظافة الى عدد آخر من الواجبات التي تقع على عاتق تلك اللجنة لا يسعنا الوقت لذكرها في هذه العجالة.
كانت طموحات مقتدى كبيرة جدا" ولم تتوقف عند حد، ولكنها أصطدمت بالكثير من العقبات التي حولت مقتدى من مجرد فتى شاب مسالم الى راديكالي عدواني همه الأول و الأخير الحصول على مبتغاه مهما كان الأمر وهو بهذا يلتقي مع المقبور عدي في كثير من الصفات!

و أول ضربة تلقاها مقتدى على رأسه كانت رفض آية الله العظمى كاظم الحائري العودة الى العراق، وفضل هذا الأخير البقاء في الجنة الأيرانية على العودة الى النار العراقية التي تنتظره، وهذا الرجل ( كاظم الحائري ) يعتبر من الفطاحل في العلم ومن مراجع الدين القلائل الحاذقين، وله علاقات قوية بالمرشد الأيراني آية الله العظمى علي الخامنئي، وتربطه به صلات قرابة ونسب ومن غير المعقول أن يترك جنة الخلد الأيراينة والنفوذ الواسع الذي يتمتع به في أيران هو و حاشيته ويأتي الى النجف التي مازالت النيران والحرائق تحيط بها من جميع الجهات!!.
أما الضربة الثانية التي تلقاها مقتدى فقد جاءت هذه المرة من السيد علي السيستاني - الذي يسيطر على أموال المراقد الدينية بأكملها ولا يسمح لأي أحد كان أن يقاسمه فيها فقد رفض السيد السيستاني أن يتدخل مقتدى بما لايعنيه فهو ( أي مقتى ) ليس له الحق في مناقشة هذا الموضوع أو حتى الكلام عنه على أعتبار أن مقتدى لم يبلغ درجة الأجتهاد وهو ما زال طالب حوزوي لا أكثر. وحتى السيد الحائري رفض أصدار أي فتوى مثل هذه لم يتجرأ أحد من علماء الدين السابقين ولا حتى اللاحقين في الخوض فيها، لما لها من عواقب قد تؤدي الى حرب أهلية لا يحمد عقباها.
وهكذا تبخرت الأحلام الوردية للشاب مقتدى وأصبح في وضع لا يحسد عليه، وما زاد الطين بلة هو ولادة مجلس الحكم و خلو قائمة أسماء أعضاءه من الصدريين! وهذا ما عقد الأمور أكثر ودفع مقتدى الى السباحة ضد التيار و اللعب على كل الحبال لعل وعسى أن يرضخ مجلس الحكم أو سلطة الأتلاف لمطالبه، وعلى الفور قام بأرتكاب العديد من الحماقات فشكل " جيش المهدي " قنبلته الموقوته التي فجرها فيما بعد، ومن هذا الجيش " جيش المهدي " أنبثقت ميليشيات ما أنزل الله بها من سلطان!.
ومن بين مهام تلك المليشيات الصدرية: ترويع الأهالي و أجبارهم على الأنتماء " لجيش المهدي " بالقوة كما كان يفعل عدي تماما" -، أغلاق كافة محلات بيع المشروبات الروحية ودور السينما وحتى محلات بيع أقراص الكومبويتر ( السي دي )، تهجير السنة وا لمسيح من الجنوب ( البصرة ) أو أجبار النساء المسيحيات على أرتداء الحجاب، هذا بالأظافة الى أرغام جيمع النساء على أرتداء ملابس محتشمة وحجاب للرأس!!!.
ناهيك عن أحتلال المؤسسات و البنايات الحكومية و مقار الأحزاب الأخرى و أخراج ساكينيها عنوة وتحويل تلك البنايات الى مكاتب للسيد مقتدى!!! و الأخطر من كل ذلك أن أحد لا يستطيع الكلام عن السيد مقتدى بالخير أو بالشر والا نصبت له محاكم حوزوية قضت بقطع أحد أطرافه أو سجنه وأخفاءه من الوجود. هذا ما كان عدي يفعله و ما كانت ميليشياته ( فدائيو صدام ) تقوم به ضد السكان الآمنين.

الخط الذي يسير عليه السيد مقتدى والأيدلوجيا الغريبة التي أنتهجها الرجل أن دلت على شيء أنما تدل على رغبة جامحة عند الشباب العراقي للتعويض عما فات و الخروج من جلباب الطاعة وفروضها التي كان يؤديها هؤلاء الشباب لسادة حزب البعث و أجهزة صدام القمعية. وهذه الفورة التي نشاهدها اليوم لدى الشباب العراقي وعلى وجه الخصوص قادة التيار الصدري هي أنعكاس لسياسات الماضي القريب، و هي صورة حية لما يمكن تسميته مكامن ضعف النفس البشرية و أختلال توازناتها، ولذا كان الأهيب بأعضاء مجلس الحكم دعوة مقتدى أو أحد مساعديه الى الأنظمام لمجلس الحكم لدرأ خطر هذه الجماعة المنفلتة و اغلاق الباب أمام المتصديين في الماء العكر الذين يحاولون الأستفادة من كل ما يجري في العراق اليوم لتجيره لقضيتهم وهي عودة نظام البعث مرة أخرى أو الترحم على ايام حكم الرئيس البائد صدام حسين.
&