"إيلاف" من برلين: يبدو أن الإدارة الأميركية تبحث عن طرف تلقي على عاتقه مسؤولية معلومات كانت من أسباب شنها الحرب ضد العراق. والقسم المسؤول عن التجسس الخارجي في دائرة الاستخبارات الألمانية BND يرفض بشدة التهم الموجهة التي أرسلها جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية "سي أي إيه" عبر المحيط وتسبب في حدوث مشكلة كبيرة بين برلين وواشنطن.
فكبار الموظفين في الجهاز الأميركي يتهمون الاستخبارات الألمانية بالإهمال وعدم تزويدهم قبل الحرب بمعلومات صحيحة عن السلاح الكيميائي العراقي ليكون عاملا هاما ولو بشكل غير مباشر في زيادة تبرير ضرب العراق. وأثار الخبر غضب برلين في المقابل ولزمت دائرة الاستخبارات الصمت لأنها لا تود الكشف عن المصدر التي حصلت منه على المعلومات بل تريد حماية حياته.
وقال مسؤول في الدائرة اليوم: "حمل لنا عام 2002 هارب من النظام العراقي ينتمي إلى المعارضة أطلقنا عليه اسم " كرة البيسبول" معلومات عن مختبرات متحركة لصناعة الأسلحة البيولوجية أراد النظام في بغداد صنعها بعيدا عن الأنظار، مقابل ذلك منحناه ثقتنا".
وككيميائي أعطى " كرة البيسبول" تفاصيل عن المصانع المتجولة ورسوما لشكلها فشعرت دائرة الاستخبارات الألمانية بالفخر الكبير لحصولها على معلومات مهمة، عرضها بدوره مديرها أوغست هنينغ على لجنة السياسة الخارجية في مجلس النواب الاتحادي في 13 من شهر تشرين الثاني( نوفمبر) عام 2002 وعلى مجلس النواب في 12 من شهر شباط (فبراير) عام 2003.
وأبلغت برلين واشنطن بقضية المختبرات العراقية المتحركة حسب ادعاء العراقي ، وعندما قررت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش شن الحرب ضد العراق طلبت من ألمانيا مدها بكامل المعلومات التي قدمها.
والجميع يتذكر وقفة وزير الخارجية الأميركية كولين باول في الخامس من شهر شباط ( فبراير) عام 2003 عندما عرض في جلسة لمجلس الأمن الدولي صورا قال إن الأقمار الاصطناعية التقطتها لمختبرات عراقية لصناعة الأسلحة البيولوجية شاهدها كل العالم بعدها شنت الحرب، لكنه اعترف قبل فترة بأن المعلومات التي عرضها لم تكن صحيحة.
وانزعجت دائرة الاستخبارات الألمانية من تقرير لإحدى الصحف الأميركية كشفت النقاب عن أنها أخفت عن الأميركيين أن معلوماتها كانت من مصدر واحد فقط وهو عراقي مشكوك فيه.
في المقابل تقول حكومة برلين إنها علمت بعد انتهاء الحرب عن علاقة العميل" كرة البيسبول" بالمعارضة العراقية في المنفى. ويسمع اليوم في الدهاليز السياسية الألمانية أن ما تقوم به واشنطن هو محاولة "غريبة" لإنقاذ وضع الرئيس بوش المتدهور سياسيا وشعبيا بإلقاء مسؤولية الحرب على عاتق الألمان من أجل تخفيف الضغط عنه.
التعليقات