"إيلاف" من أبوظبي: بدأ صيد الصقور في العراق في أوائل القرن العشرين على أيدي الصيادين العراقيين في المناطق الوسطى والجنوبية من البلاد, وكان الصيد في ذلك الحين يعتبر هواية لبعض الصيادين وكمصدر رزق لبعض العوائل العراقية التي كانت تقوم بتزويد الصقارين العرب بجزء مما يحتاجونه من الصقور اللازمة لممارسة رياضتهم المفضلة, وأدى ذلك لانتشار عملية الصيد في عدة مناطق من العراق انتشاراً واسعاً في الأعوام الأخيرة من القرن العشرين وخاصة منذ العام 1980 فصاعداً، وأصبح للصقور أسواقها وتجارها المعروفون.
وبدأ الصيد في المنطقة الوسطى من العراق وخاصة في منطقة الخالص في محافظة ديالي، وكان ذلك في طرق صيد بدائية متنوعة مطلع القرن العشرين على أيدي صيادين من أبناء السيد نصر الله الشبلي. وكذلك كان الصيد في مناطق الفرات الأوسط وخاصة في محافظة النجف الجنوبي ومحافظة البصرة في منطقة الدير, وفي الشمال في منطقة الموصل، كما انتشر الصيد في عدة مناطق من العراق.
وهناك العديد من التجار في العراق الذين يقومون بشراء الصقور من صياديها للمتاجرة بها مع الصقّارين، ومن أشهر هؤلاء التجار السيد سكران نصيف جاسم وأولاده، والحاجة سهيلة عباس أحمد الصقار. ومن أهم طرق الصيد المتبعة، كما يروي الصقار صباح علي لطيف الشبلي لدورية الصقار العلمية المتخصصة في عددها الجديد الذي يصدر هذا الشهر، طريقة الصيد بالجربوع، طريقة الصيد بالنوجة عن طريق الغراب الأسود، طريقة صيد الصقر على النخيل في موسم الشتاء، طريقة صيد الصقر الحديثة وهي الصيد بالسيارة.
وتعتبر طريقة الصيد بالجربوع بدائية وكان يستخدمها بعض الصيادين من أبناء البادية، وتتم بوساطة شبكة هوائية تكون أطرافها الأربعة مكونة من أربعة خيوط في كل طرف يربط كيس رمل وتنصب باتجاه الهواء، ويوضع في أسفلها جربوع حي يربط في الأرض، وعندما يهبط الصقر لكي يصيد الجربوع يفاجئ بالشبكة الهوائية ويصدمها فيتم صيده.
أما طريقة الصيد بالنوجة فتعتبر من أهم طرق الصيد القديمة، وتتكون النوجة من سلة على شكل قبة تحاك من شجر الغرب وكذلك من حصير يحاك من السوس، وتوضع هذه المكونات فوق حفرة تتسع لشخص واحد، ويستخدم في هذه الطريقة الغراب الأسود بعد تربيته وتدريبه وكذلك يستخدم الحمام (الفختي أو القبري)، وتستخدم شبكة الصيد التي تحاك من خيوط القطن وتكون لها عيون واسعة بحيث لا يخرج منها الصقر، ويربط بها حبل بطول (20 متراً)، وهناك مستلزمات إضافية أخرى لهذه الطريقة ومنها: خيط الحمامة، الزوة، الأوتاد، والبرزة.
وهذه الطريقة تعتمد على مبدأ (الخدعة) حيث أن الصياد يقوم بسحب خيط الغراب لكي يطير كل خمس دقائق تقريباً، وفي الخيط أسفل (الغراب) توجد ريشة حجمها بمقدار كف اليد مربوطة على نفس الخيط على بعد متر واحد منه، وتستخدم لخداع الصقر حيث يتوهم من بعيد بأن الغراب يطرد بفريسة ما لذلك يأتي إليه الصقر، وعند وصول الصقر يقوم الصياد ويسحب الحمامة المربوطة في حفرة بالخارج تسمى (الكمين) ويترك الصقر الغراب ويتجه إلى الحمامة، وبعدها يقوم الصياد بسحب خيط الحمامة الموجود رأسه عند الصياد، وإلى أن يصل الصقر إلى الشباك يقوم الصياد بسحب خيط الشباك التي تنقلب على الصقر، وبعدها يخرج الصياد ويمسك بالصقر.
وتعد طريقة الصيد على النخيل من الطرق القديمة للصيد، واختفت في الوقت الحاضر لأن الصقور غدت لا تبيت على النخيل وذلك لكثرة أعمدة الكهرباء (الضغط العالي) حيث تبيت عليه بدل النخيل. وتتم هذه الطريقة عبر البحث عن المكان الذي يتواجد فيه الصقر وذلك على النخيل حيث مبيته، ويتعرف الصيادون على المبيت عن طريق بيان الصقر أو الروباجة، وبعد ذلك تنصب شبكة على سعف النخلة ويربط خيطان يسميان النواذير ينزلان من الشبكة إلى الأرض. وعندما يأتي الصقر أثناء الغروب فإنه يقع في هذه الشبكة ويسقط على الأرض أو أثناء طيرانه صباحاً.
وأخيراً فإن طريقة الصيد بالسيارات بدأت في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي وانتشرت انتشاراً واسعاً في وسط وشمال العراق، ومن أهم مكوناتها: شباك الصيد: وهي عبارة عن خيوط تُحاك على أيدي الصيادين وتسمى الشرك، ويُصنع الشرك من خيوط نايلون كتلك التي تستخدم في صيد الأسماك ويعمل منها ما يسمى (بالشنطة)، ويستخدم خيط (الستلي) ليربط (السنطة) بالشبكة التي تعض ظهر السمامة, أما الخيوط التي تستخدم في حياكة الشبكة (الظهر) فهي من القطن. ومن مستلزمات هذه الطريقة كذلك الحمام والقطا، السيارة والأشخاص، وعادة ما يكونان اثنين (السائق وشخص آخر يسمى الشباك)، وهناك بعض المستلزمات المساعدة لهما.
وتتم عملية الصيد بهذه الطريقة بالبحث عن الصقر في المناطق الصحراوية، وبعد العثور عليه يربط الشرك على ظهر الحمامة أو القطاية وترمى إلى الصقر، وبعد أن يمسك الصقر الحمامة أو القطاية يطرد الصقر إلى أن يتعب ويسقط على الأرض وبعد ذلك يتم مسكه. وهناك وسائل مساعدة لاصطياد الصقر بالصقور المدربة, حيث يتم إطلاق الصقر المدرب عليه ويتم الإمساك به عن طريق مسك الحمامة أو القطاية.
قوانين وأنظمة الصيد
ينتمي جميع الصيادين في العراق إلى جمعيات تقوم بتجهيزهم بتراخيص خاصة، حيث يقومون بالتجوال في جميع أنحاء العراق، مع عدم تعرضهم للمساءلة من أي جهة مسؤولة فيما عدا عند دخولهم المناطق المحرّمة من قبل الدولة.
وهناك عدة أنظمة يتفق عليها الصيادون قبل البدء بعملية الصيد وحسب الطريقة التي يتم الصيد بها:ـ
1ـ الصيد بالنوجة
حيث يقوم بعض التجار بإعطاء سلف مالية إلى الصياد حتى يتم تجهيزه بكافة مستلزمات الصيد مقابل الحصول على حصة من الصيد. والحصص المتفق عليها والأكثر شيوعاً لدى الصيادين في جميع مناطق العراق المتواجد فيها الصيد هي (الثلث).
2ـ الصيد في السيارة
يرافق صاحب السيارة دائماً عند موسم الصيد شخص ثانٍ يدعى (الشباك)، ويتفق معه على الحصة وتكون حسب الاتفاق المبرم بينهما وهو (الثلث أو الربع). وهناك اتفاق يتم مع أصحاب السيارات عندما يلتقون في المقناص (على رف الكَطا)، فتكون الحصص متساوية على جميع السيارات مهما يكن عددها وبغض النظر عن السيارة التي تقوم بصيد الصقر.
وأحياناً يتم العثور من قبل صاحب السيارة على الصقر لوحده بدون اتفاق مسبق مع أي صياد آخر في سيارة أخرى، وعندها يكون الاتفاق كالآتي: إذا رمى الصياد (الكَطاة أو الحمامة) إلى الصقر وشبّك فيها (أي تم اصطياد الصقر) لا يحق لأي صياد الدخول في الحصة معه حتى لو حضر في الوقت الذي يتم فيه اصطياد الصقر، أما إذا لم يتم اصطياد الصقر في تلك اللحظة فيحق له أخذ الحصة معه وتدخل هنالك دائماً سيارتان أو أكثر.