أحمد عبدالعزيز من موسكو: أكد عضو أكاديمية العلوم الروسية ومدير برنامج الأمن الأسيوي بمركز كارنيجي في موسكو فاسيلي ميخييف على ضرورة قيام منظمة شانجهاي التي تضم 6 دول هي روسيا والصين وكازاخستان وقيرجيزيا وطاجيكستان وأوزبكستان بصياغة آليات للتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية. وفي معرض تعليقه على اجتماع مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة شانجهاي للتعاون أشار ميخييف إلى ضرورة أن تقوم المنظمة بتعديل سياستها لتتلاءم مع الظروف الجديدة في العالم بشكل عام، ومنطقة أسيا الوسطي بصورة خاصة. وقال عضو أكاديمية العلوم الروسية إن وضعا فريدا من نوعه نشأ في منطقة أسيا الوسطي حيث يتعزز التواجد العسكري لروسيا فيها من خلال آليات منظمة الأمن الجماعي من جهة، والتواجد العسكري للولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو في نفس المنطقة وأفغانستان المجاورة. وشدد ميخييف على إنه من المنطقي في هذه الحال ظهور تعاون ثلاثي بين روسيا والصين والولايات المتحدة على شكل حوار بين منظمة شانجهاي للتعاون والولايات المتحدة. وأضاف فاسيلي ميخييف بأنه من المهم جدا صياغة مثل هذه الآليات لكي لا تتنافس روسيا والولايات المتحدة، والصين أو تصطدم بعضها ببعض في أسيا الوسطي، وإنما تتعاون في مجال التصدي للتهديدات الجديدة، ولمصلحة تشكيل منطقة ديمقراطية ذات اقتصاد حر.
أثار هذا الطرح العديد من التساؤلات في الأوساط السياسية والعسكرية والدبلوماسية في ظل عدم الرضاء الروسي من توسع الناتو شرقا، وإصرار موسكو على أن يتحول الناتو إلى حلف غير عسكري. وأهم هذه التساؤلات التي تطرح بشأن فكرة التعاون بين روسيا والولايات المتحدة والصين في منطقة آسيا الوسطي والمجال السوفيتي السابق من جانب موسكو: إذا كان هدف التواجد الأمريكي في آسيا الوسطي هو مكافحة الإرهاب، فلماذا يحاول الناتو الالتفاف حول حدود روسيا من جهة القوقاز؟ أما الصين فلها رأى آخر يشابه المخاوف الروسية، ويتلخص في أن اقتراب الناتو من الحدود الروسية، والتواجد الأمريكي في آسيا الوسطي يهدف في الأساس إلى الحد من النفوذ الصيني في تلك المنطقة، خاصة وأن الصراع القادم ليس بين موسكو وواشنطن، وإنما بين الأخيرة وبكين.
مراقبون كثيرون، وخاصة من الأوساط العسكرية، يرون أن روسيا ظلت لسنوات عديدة تواجه الصين في منطقة آسيا الوسطي، غير أن السياسة الخارجية الروسية خلال مرحلة التسعينات من القرن العشرين ارتكبت جملة من الأخطاء كان أهم نتائجها السماح للناتو بالالتفاف حول حدودها المباشرة من ناحية، والانتشار الأمريكي بكثافة في منطقة آسيا الوسطي. وفي الوقت الذي تحاول فيه الصين عدم إثارة مخاوف روسيا بشأن نفوذ بكين في المجال التقليدي للتأثير الروسي، تبذل جهودا كثيرة في عدم تشتيت طاقتها في صراع مع الولايات المتحدة أو حلف الناتو، على الأقل في الوقت الراهن، على تلك المنطقة. غير إن الزحف الأطلسي، وحسب تقديرات الكثيرين من الخبراء الجيوسياسيين، نحو الحدود الروسية لم يعد المقصود به روسيا، وإنما الصين على وجه التحديد.
الأمر الآخر، هو أن روسيا تحاول اليوم فتح جبهتين متوازيتين، وهو الأمر الذي يشكل صعوبة شديدة على خلفية مشاكلها الاقتصادية. فمن ناحية، تود إيقاف توسع الناتو، ولو على الأقل بالحصول على ضمانات بعدم المساس بأمنها القومي، ومن ناحية ثانية، مواصلة المواجهة "الباردة" مع الصين للحد من انتشار نفوذها السريع في منطقة آسيا الوسطي. وتحاول الكثير من الاتجاهات الموالية للغرب دفع الكرملين إلى استخدام تكتلاته الإقليمية مثل منظمة شانجهاي ومنظمة الأمن الجماعي، بل وحتى رابطة الدول المستقلة، في مساوماته مع البيت الأبيض وحلف شمال الأطلسي، وهو الأمر الذي يثير حالة من انعدام الثقة بين روسيا والدول الأخرى الأعضاء في تلك التكتلات، ويدفع بالعديد منها إلى إقامة علاقات مباشرة مع الغرب.
على خلفية هذه اللوحة، والتي تأتي مواكبة لطموحات منظمة شانجهاي عموما، وروسيا على وجه الخصوص، لا يستبعد المراقبون أن يخرج لقاء قمة رؤساء الدول الست للمنظمة والمقرر انعقاده في حزيران (يونيو) المقبل في طشقند بجملة من المفاجآت، وعلى رأسها وضع مهام سياسية، وجيوسياسية، للمنظمة، وهو ما يمكن أن يحولها إلى "حلف" جديد على الرغم من أن موسكو تصر دائما في جميع تصريحاتها على أن المنظمة ليست موجهة ضد أحد. ولكن التغيرات المتسارعة في منطقة آسيا الوسطي والقوقاز، وإعادة ترسيم حدود العالم وفق موازين القوى الجديدة تطرح مهام أخرى أمام القوى الدولية الطامحة لعدم التنازل عن مناطق نفوذها.
وفق هذا المنظور جاءت تلميحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في ختام لقاء سداسي شانجهاي على مستوى وزراء الخارجية الذي انتهى في موسكو الجمعة. إذ أكد على ضرورة إنشاء منظومة متكاملة لمجابهة التهديدات الجديدة في إطار المنظمة. وقال إن "تهديد الإرهاب الدولي يصبح يوما بعد يوم متعدد الأوجه، ولهذا ينبغي علينا أن ننتبه إلى إمكانية ظهور الإرهاب النووي أو البيولوجي أو الكيميائي. ولا يشك أحد في وجود علاقة مباشرة بين الإرهاب وتجارة المخدرات". ودعا إلى ضرورة أن لا تقتصر أساليب مجابهة التهديدات والتحديات المعاصرة على عامل القوة بل تتعداه إلى التحرك السياسي، والعمل في المجال الاجتماعي والاقتصادي والإنساني.
غير إن الأمر لم يقتصر على ذلك وإنما امتد إلى تأكيد وزير الخارجية الروسي على أن المنظمة قد تحولت إلى واقع جيوسياسي كمنظمة دولية متكاملة، وأحد عوامل بناء العلاقات الدولية الجديدة المبنية على أساس القانون الدولي، والعمل المشترك، وروح المساواة، ومراعاة مصالح جميع الدول بشكل متبادل. وأشار إلى أن منظمة شانجهاي منفتحة ومستعدة للتعاون مع الدول والمنظمات الأخرى التي تسعى إلى تحقيق نفس الأهداف، والتي تؤمن بنفس المبادئ. وأضاف بأن المنظمة أصبحت أحد الأطراف الفعالة في التحالف العالمي المناهض للإرهاب. كما أكد على موقف الدول الأعضاء في المنظمة ورغبتها في أن يبقى العمل في الإطار الحالي، وبغض النظر عن طبيعة الدول الأخرى التي ترغب في الانضمام إليها، وذلك لتوفير إمكانية تقييم قدرات المنظمة بقوامها هذا ونتائج عملها.
على صعيد آخر صرح لافروف بأن المرحلة التنظيمية لتشكيل منظمة شانجهاي قد اكتملت تقريبا. وقال في هذا الشأن أن لقاء وزراء الخارجية في موسكو قد جرى لأول مرة بعد أن اكتملت تقريبا المرحلة التنظيمية لتشكيل منظمة شانجهاي للتعاون، وبعد أن بدأت أجهزتها بالعمل، ومنها الأمانة العامة في بكين، واللجنة التنفيذية لجهاز مكافحة الإرهاب الإقليمي في طشقند. كما تم القيام بخطوات مهمة أخرى في طريق تنفيذ توصيات قمة موسكو. وأشار بشكل خاص إلى برنامج التعاون متعدد الأطراف في المجال التجاري والاقتصادي، والمصادقة على ميزانية المنظمة لعام 2004، وإعداد اتفاقية التعاون في مجال مكافحة تجارة المخدرات غير الشرعية، وغيرها من الاتفاقيات التي تؤمن عمل المنظمة بشكل متواصل، ووضع أساس إقامة العلاقات بينها وبين عدد من المنظمات الدولية الأخرى. واضاف بأن كل ذلك لا بد وأن يحفز الدول الأعضاء في منظمة شانجهاي إلى جعل قمة طشقند فاتحة لمرحلة جديدة.
أثار هذا الطرح العديد من التساؤلات في الأوساط السياسية والعسكرية والدبلوماسية في ظل عدم الرضاء الروسي من توسع الناتو شرقا، وإصرار موسكو على أن يتحول الناتو إلى حلف غير عسكري. وأهم هذه التساؤلات التي تطرح بشأن فكرة التعاون بين روسيا والولايات المتحدة والصين في منطقة آسيا الوسطي والمجال السوفيتي السابق من جانب موسكو: إذا كان هدف التواجد الأمريكي في آسيا الوسطي هو مكافحة الإرهاب، فلماذا يحاول الناتو الالتفاف حول حدود روسيا من جهة القوقاز؟ أما الصين فلها رأى آخر يشابه المخاوف الروسية، ويتلخص في أن اقتراب الناتو من الحدود الروسية، والتواجد الأمريكي في آسيا الوسطي يهدف في الأساس إلى الحد من النفوذ الصيني في تلك المنطقة، خاصة وأن الصراع القادم ليس بين موسكو وواشنطن، وإنما بين الأخيرة وبكين.
مراقبون كثيرون، وخاصة من الأوساط العسكرية، يرون أن روسيا ظلت لسنوات عديدة تواجه الصين في منطقة آسيا الوسطي، غير أن السياسة الخارجية الروسية خلال مرحلة التسعينات من القرن العشرين ارتكبت جملة من الأخطاء كان أهم نتائجها السماح للناتو بالالتفاف حول حدودها المباشرة من ناحية، والانتشار الأمريكي بكثافة في منطقة آسيا الوسطي. وفي الوقت الذي تحاول فيه الصين عدم إثارة مخاوف روسيا بشأن نفوذ بكين في المجال التقليدي للتأثير الروسي، تبذل جهودا كثيرة في عدم تشتيت طاقتها في صراع مع الولايات المتحدة أو حلف الناتو، على الأقل في الوقت الراهن، على تلك المنطقة. غير إن الزحف الأطلسي، وحسب تقديرات الكثيرين من الخبراء الجيوسياسيين، نحو الحدود الروسية لم يعد المقصود به روسيا، وإنما الصين على وجه التحديد.
الأمر الآخر، هو أن روسيا تحاول اليوم فتح جبهتين متوازيتين، وهو الأمر الذي يشكل صعوبة شديدة على خلفية مشاكلها الاقتصادية. فمن ناحية، تود إيقاف توسع الناتو، ولو على الأقل بالحصول على ضمانات بعدم المساس بأمنها القومي، ومن ناحية ثانية، مواصلة المواجهة "الباردة" مع الصين للحد من انتشار نفوذها السريع في منطقة آسيا الوسطي. وتحاول الكثير من الاتجاهات الموالية للغرب دفع الكرملين إلى استخدام تكتلاته الإقليمية مثل منظمة شانجهاي ومنظمة الأمن الجماعي، بل وحتى رابطة الدول المستقلة، في مساوماته مع البيت الأبيض وحلف شمال الأطلسي، وهو الأمر الذي يثير حالة من انعدام الثقة بين روسيا والدول الأخرى الأعضاء في تلك التكتلات، ويدفع بالعديد منها إلى إقامة علاقات مباشرة مع الغرب.
على خلفية هذه اللوحة، والتي تأتي مواكبة لطموحات منظمة شانجهاي عموما، وروسيا على وجه الخصوص، لا يستبعد المراقبون أن يخرج لقاء قمة رؤساء الدول الست للمنظمة والمقرر انعقاده في حزيران (يونيو) المقبل في طشقند بجملة من المفاجآت، وعلى رأسها وضع مهام سياسية، وجيوسياسية، للمنظمة، وهو ما يمكن أن يحولها إلى "حلف" جديد على الرغم من أن موسكو تصر دائما في جميع تصريحاتها على أن المنظمة ليست موجهة ضد أحد. ولكن التغيرات المتسارعة في منطقة آسيا الوسطي والقوقاز، وإعادة ترسيم حدود العالم وفق موازين القوى الجديدة تطرح مهام أخرى أمام القوى الدولية الطامحة لعدم التنازل عن مناطق نفوذها.
وفق هذا المنظور جاءت تلميحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في ختام لقاء سداسي شانجهاي على مستوى وزراء الخارجية الذي انتهى في موسكو الجمعة. إذ أكد على ضرورة إنشاء منظومة متكاملة لمجابهة التهديدات الجديدة في إطار المنظمة. وقال إن "تهديد الإرهاب الدولي يصبح يوما بعد يوم متعدد الأوجه، ولهذا ينبغي علينا أن ننتبه إلى إمكانية ظهور الإرهاب النووي أو البيولوجي أو الكيميائي. ولا يشك أحد في وجود علاقة مباشرة بين الإرهاب وتجارة المخدرات". ودعا إلى ضرورة أن لا تقتصر أساليب مجابهة التهديدات والتحديات المعاصرة على عامل القوة بل تتعداه إلى التحرك السياسي، والعمل في المجال الاجتماعي والاقتصادي والإنساني.
غير إن الأمر لم يقتصر على ذلك وإنما امتد إلى تأكيد وزير الخارجية الروسي على أن المنظمة قد تحولت إلى واقع جيوسياسي كمنظمة دولية متكاملة، وأحد عوامل بناء العلاقات الدولية الجديدة المبنية على أساس القانون الدولي، والعمل المشترك، وروح المساواة، ومراعاة مصالح جميع الدول بشكل متبادل. وأشار إلى أن منظمة شانجهاي منفتحة ومستعدة للتعاون مع الدول والمنظمات الأخرى التي تسعى إلى تحقيق نفس الأهداف، والتي تؤمن بنفس المبادئ. وأضاف بأن المنظمة أصبحت أحد الأطراف الفعالة في التحالف العالمي المناهض للإرهاب. كما أكد على موقف الدول الأعضاء في المنظمة ورغبتها في أن يبقى العمل في الإطار الحالي، وبغض النظر عن طبيعة الدول الأخرى التي ترغب في الانضمام إليها، وذلك لتوفير إمكانية تقييم قدرات المنظمة بقوامها هذا ونتائج عملها.
على صعيد آخر صرح لافروف بأن المرحلة التنظيمية لتشكيل منظمة شانجهاي قد اكتملت تقريبا. وقال في هذا الشأن أن لقاء وزراء الخارجية في موسكو قد جرى لأول مرة بعد أن اكتملت تقريبا المرحلة التنظيمية لتشكيل منظمة شانجهاي للتعاون، وبعد أن بدأت أجهزتها بالعمل، ومنها الأمانة العامة في بكين، واللجنة التنفيذية لجهاز مكافحة الإرهاب الإقليمي في طشقند. كما تم القيام بخطوات مهمة أخرى في طريق تنفيذ توصيات قمة موسكو. وأشار بشكل خاص إلى برنامج التعاون متعدد الأطراف في المجال التجاري والاقتصادي، والمصادقة على ميزانية المنظمة لعام 2004، وإعداد اتفاقية التعاون في مجال مكافحة تجارة المخدرات غير الشرعية، وغيرها من الاتفاقيات التي تؤمن عمل المنظمة بشكل متواصل، ووضع أساس إقامة العلاقات بينها وبين عدد من المنظمات الدولية الأخرى. واضاف بأن كل ذلك لا بد وأن يحفز الدول الأعضاء في منظمة شانجهاي إلى جعل قمة طشقند فاتحة لمرحلة جديدة.
التعليقات