كمال يلدو

&

لم يبلى شعب من شعوب الارض بوبال مثلما ابتلى شعب العراق، فلعقود طويلة من الزمن عانى الكثير من المصاعب ان كانت اقتصادية او سياسية او دينية وطائفية، وكان ان وجد البعض طريقه للخارج بحثا عن حياة اخرى وبداية جيدة ابتداءا من اوائل القرن العشرين عندما هرب العديد من ابناء القرى الشمالية هربا من تجنيدهم في الجيش العثماني على اعتاب الحرب العالمية الاولى وصولا الى هربهم من المذابح التي اقترفت بحقهم في شمال العراق وهكذا حتى اخراج اليهود من العراق في اواخر الاربيعينيات وصولا الى العهد الجمهوري. ويمكن للمتتبع ان يعرف الخارطة السياسية العراقية من تزايد حالات الهجرة التي كانت تعكس الحالة السياسية والاقتصادية للبلد.
وفي عهد البعث الثاني اخذت الهجرة طابعا اكثر شموليا بسبب التمييز السياسي والحروب الداخلية التي شنها البعث ضد الشعب الكردي مما دفع بالعديد من العوائل او الشباب للهجرة معلنين رفضهم الموت في حروب صـدام، ثم تلتها حملتان لتهجير الاكراد الفيلين الاولى في بداية السبعين والثانية على اعتاب الحرب العراقية الايرانية، وتستمر مأساة العراقيين بعد حرب الكويت وفشل انتفاضة آذار وما تلاها من تردي هائل للاوضاع السياسية والاقتصادية واشتداد وتيرة الارهاب البعثي الذي شمل كل قطاعات وفئات الشعب العراقي.
هذه ربما صورة مكثفة ومصغرة للمأساة العراقية التي وجدت تداعياتها في رفض العديد من الدول استقبال العراقيين او منحهم الاقامات مما اضطر جزء كبير منهم ان يركبوا المخاطر للوصول الى الضفة الآمنة الثانية وكان ان دفع العديد منهم حياته الغالية ثمنا اما في المعابر الحدودية او في الجبال وحتى في بطون الحيتان واعماق البحار، لا اقل من مأساة نتظر ان ترويها لنا العيون الشاهدة.
لقد جهد النظام الصدامي البائد على تشويه ســمعة العراقيين في الخارج ووصفهم ب (( الخيانة والعمالة)) لانهم خرجوا عن طاعته وسلطة ارهابه القمعية فيما انخرطت مجموعات كبيرة من هذه الجموع في فضح سياسة البعث القمعية وحروبه الظالمة وباتت هذه التجمعات تقض مضاجعه وتكشف حقيقته امام الرأي العام العالمي وهو الحريص على تجميل وجهه القبيح، مما دفعه لان يسخر سفاراته ورجال امنه لملاحقة الوطنيين والخيرين في الخارج وتهديدهم والتنكيل بعوائلهم في العراق او حتى اغتيال القسم منهم والشواهد على ذلك كثيرة او شــراء ذمم العديد من المرتزقة، كتبت التقارير ســيئة الصيت.
لقد ولى نظام البعث الى غير رجعة، واستبشر العراقيين خيرا بالتحولات الجديدة، واهما قانون ادارة الدولة العراقية المؤقت الذي ثبت بعض اهم الحقوق المستلبة من العراقيين الذيم يعيشون في الخارج وأود هنا ان انقل النص المتعلق بهذا الموضوع:
الباب الثاني
الحقوق الأساسية
&
المادة العاشرة:
تعبيرا عن سيادة الشعب العراقي وإرادته الحرة يقوم ممثلوه بتشكيل الهياكل الحكومية لدولة العراق، وعلى الحكومة العراقية الانتقالية وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية، أن تحترم حقوق الشعب العراقي بما فيها الحقوق المذكورة في هذا الباب.
المادة الحادية عشرة:
(أ) ـ كل من يحمل الجنسية العراقية يعد مواطنا عراقيا وتعطيه مواطنته كافة الحقوق والواجبات التي ينص عليها هذا القانون وتكون مواطنته أساسا لعلاقته بالوطن والدولة.
(ب) ـ لا يجوز إسقاط الجنسية العراقية عن العراقي ولا يجوز نفيه ويستثنى المواطن المتجنس الذي يثبت عليه في محاكمة أنه أورد في طلبه للتجنس معلومات جوهرية كاذبة تم منحه الجنسية استنادا إليها.
(ج) ـ يحق للعراقي أن يحمل أكثر من جنسية واحدة، وأن العراقي الذي أسقطت عنه جنسيته العراقية بسبب اكتساب جنسية أخرى، يعد عراقيا.
(د) ـ يحق للعراقي ممن أسقطت عنه الجنسية لأسباب دينية أو عنصرية أو طائفية أن يستعيدها.
(هـ) ـ يلغى قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 666 لسنة 1980 ويعد كل من أسقطت عنه الجنسية العراقية بموجبه عراقيا.
(و) ـ على الجمعية الوطنية إصدار القوانين الخاصة بالجنسية والتجنس والمتفقة مع أحكام هذا القانون.
(ز) ـ تنظر المحاكم في كل المنازعات التي تنشأ عن تطبيق الأحكام الخاصة بالجنسية.
المادة الثانية عشرة:
العراقيون كافة متساوون في حقوقهم بصرف النظر عن الجنس أو الرأي أو المعتقد أو القومية أو الدين أو المذهب أو الأصل، وهم سواء أمام القانون ويمنع التمييز ضد المواطن العراقي على أساس جنسه أو قوميته أو ديانته أو أصله. ولهم الحق بالأمن الشخصي وبالحياة والحرية ولا يجوز حرمان أي أحد من حياته أو حريته إلا وفقا لإجراءات قانونية، إن الجميع سواسية أمام القضاء.
ان قراءة متانية لهذه النصوص، توضح ودون لبس او وهم ما يمكن للعراقين ان يقدموه لوطنهم الآن وفي المســتقبل وما من شــك بأن استعادة السيادة العراقية وقيام مؤسـسات المجتمع المدني وتطبيق القانون وانهاء حالة الفوضى وانعدام الامن وتحقيق العدالة الاجتماعية كلها عوامل مسـاعدة لعودة البعض الى وطنهم او مشاركة الآخرين حتى وان لم يعودوا، في اعادة بناء العراق.
انها دعوة مخلصة الى مجلس الحكم الانتقالي ورجال السياسة والفكر في العراق، الى كل من يهمه بناء العراق الجديد، عراق المساوات والعدالة ان يدرسوا وضع العراقيين في الخارج وما يمكن ان يقدموه للعراق وشعبه، من خبرات وامكانيات مكتنزة وطاقات اقتصادية وتقنية عالية، وتجارب شعوب عدة، العراق بأمس الحاجة لها اليوم. وعلى ذلك تقع مهام اســتثائية للسفارات العراقية في التعجيل بأيجاد الآليات والصيغ الكفيلة بأجراء المسـوحات والدراسات للجاليات العراقية في الخارج، من التعداد الدقيق الى العلاقات الطيبة والمتواصلة معها الى معرفة امكانياتها ومدى قدرتها على المساعدة في اعادة بناء العراق، والتواصل مع الهيئات والمؤسـسـات الحكومية المعنية بشؤن المغتربين العراقيين.
ان وضع الفقرة المتعلقة بحقوق العراقيين موضع العمل الحقيقي والتنفيذ تحتاج الى جهد جماعي كبير من السفارات العراقية ومؤسسات العراقيين في الخارج النهوض بها، وتجدر الاشــارة ايضا الى ضرورة الاســراع بتشــريع قانون الجنســية العراقية والذي نأمل ان يضع حدا للغبن الذي لحق بقطاعات كبيرة من العراقيين جراء السياسات الشوفينية والعنصرية للنظم السابقة وخاصة نظام البعث، كذلك للحد من تغلغل مواطني دول الجوار بغية زعزعة الاوضاع الداخلية في العراق.
وهنا اود الاشارة بوضوح الى ضرورة ضمان مشاركة العراقيين المقيمين في الخارج في رسم مستقبل وطنهم والمشاركة الفاعلة في ذلك بحاجة الى ضمانات واهمها هي حقهم الطبيعي في المشاركة في التصويت وحتى في الترشيح وفق المعايير والظوابط المتفق عليها.
الفرصة متاحة اليوم، وليل الارهاب ســوف لن يدوم
انما الدائم هو العراق بأرضه وشــعبه
انما الباقي هو نخيل العراق وجباله ونهرانه
(( ترخص واغليك واحبك)).
&
الولايات المتحدة/ مشيكان/ آيار 2004
[email protected]